فازت البرازيل بحقوق استضافة كأس العالم للسيدات لعام 2027، بعد حصولها على تأييد الأغلبية، خلال تصويت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للعبة الشعبية (الفيفا) يوم الجمعة.
وتفوقت البرازيل برصيد 119 صوتاً على عرض مشترك من بلجيكا وهولندا وألمانيا حصل على 78 صوتاً، وذلك بعد أن سحبت الولايات المتحدة والمكسيك عرضهما المشترك منذ الشهر الماضي للتركيز على نسخة 2031.
كانت كرة القدم النسائية شهدت زيادة في شعبيتها العالمية، خاصة بعد أن كانت كأس العالم للسيدات 2023 الأنجح في تاريخ البطولة التي انطلقت أولى دوراتها عام 1991 التي استضافتها الصين.
من هنا، تفتح CNN الاقتصادية ملف المقارنة بين كأس العالم للرجال ومثيلتها للسيدات التي تحتضنها البرازيل لأول مرة. فهل تتفوق نون القوة في المستطيل الأخضر بالبرازيل على نيمار ورفاقه حين احتضنت البرازيل كأس العالم للرجال سابقاً أكثر من مرة؟
شعبية البطولة النسائية
حققت بطولة كأس العالم للسيدات التي أقيمت في أستراليا ونيوزيلندا العام الماضي، إيرادات تجاوزت 570 مليون دولار، لتوازن المصروفات التي خصصتها الفيفا، لزيادة قيمة الجوائز بنحو عشرة أضعاف قيمتها في عام 2015، وفقاً لما قاله رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، جياني إنفانتينو.
وقال إنفانتينو حينذاك «إن الفيفا لم تخسر أي أموال في تلك البطولة، على الرغم من زيادة الجوائز المالية وتوسيع الملعب من 24 إلى 32 فريقاً، لتحقق كأس العالم للسيدات 2023 ثاني أعلى دخل في أي رياضة، إلى جانب كأس العالم للرجال».
تظل هذه المقارنة غير عادلة بالنسبة لبطولة كأس العالم للسيدات، إذ بلغت محفظة جوائز كأس العالم للرجال السابقة التي نظمتها قطر نحو 440 مليون دولار، ما يشكّل فارقاً كبيراً عن نحو 110 مليون دولار الذي تقاسمته السيدات في بطولة أستراليا ونيوزيلندا.
الفجوة في الأجور
تقدر الزيادة التي حصلت عليها كل لاعبة كرة قدم شاركت في منافسات بطولة كأس العالم 2023، بنحو ثمانية سنتات، لتحصل كل لاعبة على 25 سنتاً مقابل كل دولار حصل عليه كل لاعب كرة قدم شارك في النسخة الرجالية من البطولة ذاتها التي أُقيمت في قطر.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أعلن تقديم جوائز مالية فردية في بطولة 2023، لكن جاء ذلك بعد أن أرسل أكثر من 150 لاعبة من 25 فريقاً وطنياً، بدعم من النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو).
ينعكس ذلك على ثروات لاعبات كرة القدم، فلا يوجد أي منهن ضمن أغنى 50 رياضياً على مستوى العالم مثلاً، على عكس الرجال، إذ يحتل كريستيانو رونالدو المركز الأول بين أغنى لاعبي كرة القدم في العالم وأغنى الرياضيين على حد سواء، بثروة قدرتها فوربس بنحو 260 مليون دولار، منها 200 مليون دولار يحصدها من كرة القدم.
وتتضمن القائمة أيضاً ليونيل ميسي، و كيليان مبابي، ونيمار، وكريم بنزيما، في سيطرة أغنى الرياضيين في العالم، مقابل بعض الرياضات الأخرى مثل الغولف، وكرة السلة، وكرة القدم الأميركية.
ويبرر مسؤولو اتحاد كرة القدم فجوة الأجور بين السيدات والرجال في كرة القدم بقلة الاهتمام الشعبي ببطولات النساء، وبالتالي انخفاض الاهتمام الإعلامي من مُعلنين ورعاة رسميين لمنافساتهن، بينما لفتت توقعات شركة أومديا حينذاك، إلى بلوغ عائدات حقوق البث لبطولة كأس العالم للسيدات 2023 نحو 100 مليون دولار.
وعلى الرغم من إعلان فيفا ارتفاع قيمة الجوائز للسيدات لتبلغ 110 ملايين دولار فقط، فإنها تظل أقل بكثير مقابل 440 مليوناً للرجال.
كما رجّحت وصول عائدات الرعاية التجارية للبطولة إلى 300 مليون دولار، مقارنة بنحو 1.7 مليار دولار حصلت عليها البطولة الرجالية الأخيرة.
لكن الفجوة ليست موجودة في كرة القدم فحسب، فهناك رياضة التنس التي تتنافس فيها السيدات على جائزة بقيمة 3.9 مليون دولار مقابل جائزة بقيمة 8.5 مليون دولار للرجال.
إلّا أن الرياضات الجماعية غالباً ما تظهر فيها هذه الفجوة بوضوح، فيبلغ أعلى راتب في اتحاد كرة السلة النسائية الأميركي نحو 242 ألف دولار سنوياً، بينما يبلغ أقل أجر للاعبين الرجال نحو مليون دولار، وبالطبع لا مجال للمنافسة أمام البعض مثل لاعب غولدن ستايت ووريورز، ستيفن كاري، الذي يجني وحده 51.9 مليون دولار خلال الموسم الجاري.
وحول البطولة المقبلة في البرازيل، نقلت وكالة رويترز عن رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، إدنالدو رودريغيز قوله «كنا نعلم أننا سنحتفل بانتصار للمرأة ولكرة القدم النسائية في أميركا الجنوبية»، فهل يمكن أن يتغير الأمر بالنسبة للسيدات في هذه الرياضة؟
كأس العالم للسيدات 2027
مع الإعلان عن فوز البرازيل باستضافة كأس العالم للسيدات 2027، تتطلع الفيفا إلى مواصلة الزخم الذي حققته النسخة السابقة، والتي قالت عنها إنها حطمت الأرقام القياسية.
ففي كأس العالم للسيدات 2023، حضر متوسط 25.476 ألف مشجع 48 مباراة في الجولة الأولى، بزيادة قدرها 29 في المئة على الحضور في 2019.
وبنهاية دور المجموعات، أعلنت الفيفا بيع أكثر من 1.7 مليون تذكرة، ما يتجاوز أهدافها قبل بدء البطولة.
وتحطمت الأرقام القياسية لعدد حضور أي مباراة كرة قدم في أوتياروا بنيوزيلندا، عندما حضر 42.958 ألف مشجع البرتغال في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية.
وفي أستراليا، سجلت البطولة رقماً قياسياً لمباريات كرة القدم النسائية المستقلة، عندما حضر 75.784 ألف مشجع المباراة الافتتاحية لأستراليا ضد أيرلندا.
وارتفعت نسب المشاهدة عبر خدمات التلفزيون والبث الرقمي، وتحدثت وسائل إعلام أميركية عن أن عدد متابعي مباراة المنتخب الأميركي ضد السويد لامس 4 ملايين، في حين تابع أكثر من 10 ملايين ألماني و9 ملايين كولومبي المباراة التي جمعت منتخبي البلدين، وسجّلت البرازيل أكثر من 13 مليون مشاهد لمباراة سيدات بلدهم، بينما تصدرت الصين أعلى نسب مشاهدة لمباراة واحدة في أي مكان في العالم، بنحو 53.9 مليون مشاهد لمتابعة فريق بلادهم أمام إنجلترا.
هذه النسب يمكن أن تعزز من الدعاية والرعايات الإعلانية التي قد تمكّن بطولة كأس العالم للسيدات 2027 من إحداث طفرة في المشاهدات خاصة مع تمتع بلاد السامبا بأجمل المناطق السياحية، لكن يظل من الصعب تقليص الفجوة الكبيرة بين قيمة الجوائز والأجور مقارنة بكأس العالم للرجال.