وصل رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يوم الثلاثاء 28 مايو أيار 2024، إلى العاصمة سيؤول في كوريا الجنوبية في زيارة ستستمر يومين، تلبيةً لدعوة الرئيس يون سوك يول، على أن يتناقش الطرفان بشأن التجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا، في إطار الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تجمع الإمارات وكوريا الجنوبية.
تأتي هذه الزيارة لتُعَزِز العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وكوريا الجنوبية، التي امتدت لما يقرب من 44 عاماً، وفي ما يلي نستعرض نظرة على تاريخ العلاقة الاقتصادية بين البلدين منذ ذلك الوقت.
تطورت العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وكوريا الجنوبية منذ عقود، وفي السنوات القليلة الماضية أخذت العلاقات التجارية والاقتصادية منحنى جديداً، وسط تفاؤل بشأن المزيد من التعاون في شتى المجالات.
أهم محطات العلاقات الإماراتية الكورية
أخذت العلاقات الثنائية بين الإمارات و كوريا الجنوبية صورتها الرسمية لأول مرة في 18 يونيو حزيران 1980، واستمرت في التطور قبل أن تتحول إلى «شراكة استراتيجية» في عام 2009، ثم إلى شراكة استراتيجية خاصة في 2018، وتوسعت هذه العلاقات لتشمل جميع مجالات التعاون على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، بحسب وزارة الخارجية الإماراتية.
وعلى مدار الأعوام الماضية، شهد البلدان العديد من الزيارات، وآخرها الزيارة الرسمية لرئيس كوريا الجنوبية في يناير كانون الثاني 2023، ما عزز الشراكات الاقتصادية بين البلدين، ورسخ الاستثمارات المتبادلة بينهما.
وفي أكتوبر تشرين الأول 2023، أنجز البلدان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، كما وقّعت الإمارات، ممثلة بالهيئة العامة للطيران المدني، وكوريا الجنوبية، مذكرة تفاهم بهدف تعزيز علاقات النقل الجوي الثنائية.
وفي مارس آذار الماضي، شهدت نسخة «إنفستوبيا 2024» توقيع مذكرتَي تفاهم بين الإمارات وكوريا الجنوبية، الأولى بين مركز دبي للسلع المتعددة والمعهد الكوري لتطوير الشركات الناشئة وريادة الأعمال، والثانية بين صندوق حي دبي للمستقبل ومؤسسة كوريا للاستثمارات المغامرة، بهدف تعزيز التعاون بين الطرفين في مجال الاستثمارات المغامرة.
التبادل التجاري
تعتبر الإمارات الشريك التجاري الثاني خليجياً وعربياً لكوريا الجنوبية، وفقاً لوزارة الاقتصاد الإماراتية، وبرزت التجارة بين البلدين بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية.
زادت صادرات الإمارات إلى كوريا الجنوبية خلال السنوات الـ27 الماضية بمعدل سنوي قدره 9.11 في المئة، من 1.36 مليار دولار في عام 1995 إلى 14.3 مليار دولار في عام 2022، وفي المقابل زادت صادرات كوريا الجنوبية إلى الإمارات بمعدل سنوي قدره 4.35 في المئة، من 1.32 مليار دولار في عام 1995 إلى 4.17 مليار دولار في عام 2022، وفقاً لبيانات مرصد التعقيد الاقتصادي.
وشكلت المنتجات النفطية نحو 91.7 في المئة من إجمالي الصادرات الإماراتية لكوريا الجنوبية، إذ بلغت صادرات النفط الخام 7.97 مليار دولار في 2022، مع 4.55 مليار دولار منتجات البترول المكرر، ونحو 592 مليون دولار من صادرات الغاز البترولي.
على جانب آخر، كانت المنتجات الرئيسية التي صدّرتها كوريا الجنوبية إلى الإمارات العربية المتحدة هي السيارات (371 مليون دولار)، وقطع غيار وملحقات السيارات (365 مليون دولار)، والذخيرة المتفجرة (271 مليون دولار).
ومع توجه دولة الإمارات إلى تعزيز التجارة غير النفطية، زاد إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بينهما خلال الفترة من 2012 إلى 2021 أكثر من 284 مليار درهم (77.32 مليار دولار).
الاستثمارات الإماراتية الكورية
يشمل نطاق الاستثمارات المتبادلة بين البلدين قطاعات واسعة، مثل الطاقة والصناعات التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والاتصالات والخدمات المالية والبناء والعقارات وإدارة الموانئ وغيرها.
وبلغ رصيد الاستثمارات الكورية الجنوبية المباشرة في الإمارات 2.2 مليار دولار حتى مطلع عام 2021، بنمو 73 في المئة مقارنة بمطلع عام 2013، وتركز هذه الاستثمارات على قطاعات المالية والتأمين والتعدين وتجارة التجزئة والعقارات والنقل والطاقة والتكنولوجيا.
وبسبب التوسع في المشروعات المشتركة ارتفع عدد الشركات الكورية التي تعمل في الإمارات إلى 200 شركة عاملة بنهاية عام 2020، بحسب وزارة الاقتصاد، بقيادة قطاعات التشييد والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المالية وأنشطة التأمين.
على جانب آخر، تشمل أهم المؤسسات الإماراتية المستثمرة في كوريا الجنوبية، حكومة دبي، وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، ومبادلة، وطيران الإمارات، وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، وموانئ دبي العالمية، وشركة بترول الإمارات الوطنية (اينوك)، وشركة الثريا، وتصاميم.
وتركز المؤسسات الإماراتية على قطاعات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، وصناعة وتسويق الألمنيوم، والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى قطاع تجارة الجملة والتجزئة، والشحن والتخزين، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ووفقاً لبيان وزارة الاقتصاد الإماراتية في مارس آذار 2023، تخطط الدولة لضخ استثمارات تقدر بنحو 30 مليار دولار في كوريا الجنوبية خلال السنوات المقبلة، في العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية.
ومن المنتظر أن تسهم زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في تعزيز العلاقات الاقتصادية والآفاق الاستثمارية مع كوريا الجنوبية، بما يتماشى مع خطة الدولة لتوسيع شراكتها الاقتصادية الشاملة مع مختلف دول العالم والتي وصلت إلى 14 اتفاقية إما دخلت بالفعل حيز التنفيذ، أو جرى التوقيع عليها رسمياً، أو أُنجزت مفاوضاتها بنجاح.