الهند، صاحبة الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالم، لا تعمل بكامل طاقتها.

ويعتزم ناريندرا مودي، الذي فاز للتو بولاية ثالثة على التوالي مدتها خمس سنوات كرئيس للوزراء، أن يجعل اقتصاد البلاد يبلغ خمسة تريليونات دولار قبل نهاية العقد الحالي، وقد تعقدت خططه للإصلاح بسبب الفوز الانتخابي الذي جاء بفارق أقل من المتوقع، وهناك تحديات كبيرة تنتظره.

إحدى المشكلات الراسخة التي تقف في طريق طموحات الهند كقوة عظمى هي الافتقار إلى فرص العمل لمئات الملايين من المواطنين، خاصة النساء.

فهناك أكثر من 460 مليون امرأة في سن العمل في الهند، أي أكثر من إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي، وهن أكثر تعليماً وطموحاً وأكثر صحة من أي جيل سابق، لكن أحلامهن تصطدم بالواقع القاسي.

نحو ثلث النساء فقط في سن العمل في الهند ينشطن في قوة العمل، وفقاً للبنك الدولي، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ نحو 50 في المئة، ونتيجة لذلك تخسر البلاد مليارات الدولارات.

وقال البنك الدولي في عام 2018 إن الهند يمكن أن تعزز معدل نموها الاقتصادي إلى تسعة في المئة سنوياً إذا كان نحو 50 في المئة من النساء في القوى العاملة، ونما الاقتصاد بنسبة 8.2 في المئة في السنة المالية التي انتهت في مارس آذار الماضي.

وخلال السنوات العشر التي قضاها مودي في السلطة، قفزت الهند أربعة مراكز لتصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم، ويثق المحللون في أن حكومته قادرة على تحويل البلاد إلى قوة اقتصادية عظمى، خلف الولايات المتحدة والصين فقط بحلول عام 2027.

وتأتي هذه الفرصة التاريخية للهند في وقت تعاني الصين فيه من ركود اقتصادي غير مسبوق، في وقت يبحث العالم عن محرك جديد للنمو، ويحرص المصنعون الغربيون أيضاً على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم.

ولكن هناك أيضاً مخاوف من أن الهند قد تفوت الفرصة.

وفقاً لتقديرات «ماكينزي»، فإن مساهمة المرأة في الناتج المحلي الإجمالي في الهند لا تتجاوز 18 في المئة، وهي واحدة من أدنى النسب في العالم، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الصين، حيث كانت المرأة لعدة عقود لاعباً قوياً في الازدهار الاقتصادي.

وقال شاندراسيخار سريبادا، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال الهندية، إن خلق فرص العمل، خاصة للنساء، هو «حرفياً حالة طوارئ غير معلنة» في البلاد، مضيفاً أن «المشكلة هائلة لدرجة أنه لا توجد حلول سحرية».

عزوف النساء في الهند عن الانخراط في العمل

تمتد أسباب عزوف النساء الهنديات اللاتي يتمتعن بمهارات عالية عن الانخراط في العمل من الأعراف الثقافية المُقيدة إلى التحرش، ما يجعلهن يخترن البقاء في المنزل.

وقال سريبادا «تقضي النساء الهنديات نحو سبع إلى ثماني ساعات يومياً كحد أدنى في عمل غير مدفوع الأجر»، إذ لا تزال معظم الواجبات المنزلية ورعاية الأطفال تقع على عاتقهن.

وكما هو الحال في الهند، تمت إحالة النساء في الصين أيضاً إلى أدوار ثانوية لعدة قرون.

فبعد سيطرة الحزب الشيوعي على البلاد في عام 1949، مع حظر الرئيس ماو تسي تونغ الزواج الإقطاعي والدعوة إلى المساواة بين الجنسين، قال ماو في عبارة شهيرة «النساء يحملن نصف السماء»، واليوم يسهمن بأكثر من 40 في المئة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفقاً لماكينزي.

وعلى مدى العقد الماضي، أدخلت حكومة مودي سياسات لتشجيع المزيد من النساء على الانضمام إلى القوى العاملة.

منذ عام 2017، منحت البلاد إجازة أمومة مدفوعة الأجر مدتها 26 أسبوعاً، وهو أكثر من 98 يوماً في الصين.

ومن المتوقع أن تحاول الحكومة الجديدة الاستفادة من عملية إعادة التفكير الهائلة الجارية بين الشركات في سلاسل التوريد، وتريد الشركات الدولية تنويع عملياتها بعيداً عن الصين، إذ تتعرض للتهديد بسبب التوتر المتزايد بين بكين وواشنطن.

ونتيجة لذلك، تعمل بعض أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك كبار موردي شركة «أبل» مثل «فوكسكون»، على توسيع عملياتها بشكل كبير في الهند، والعديد منها يوظف النساء بأعداد كبيرة، حسب ما قال مسؤولون حكوميون في تاميل نادو لشبكة (CNN).

ووفقاً لشركة أبحاث السوق (Canalys)، سيتم تصنيع ما يصل إلى 23 في المئة من أجهزة آيفون في الهند بحلول نهاية عام 2025، ارتفاعاً من 6 في المئة في عام 2022.

(ديكشا مادهوك وسانيا فاروقي-CNN)