اختتمت قمة استمرت يومين في سويسرا، مخصصة لصياغة طريق للمضي قدُماً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، عقدت في غياب روسيا، برفض قوى رئيسية، بينها دول عربية، التوقيع على بيان ختامي مشترك.
وبينما أيدت غالبية كبرى من المشاركين، الذين تعدى عددهم مئة دولة ومنظمة، دعوة إلى تبادل الجنود الأسرى لدى الجانبين المتحاربين وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين نقلتهم موسكو من أوكرانيا، لم يحظ البيان بدعم جميع المشاركين.
وكانت السعودية والإمارات من أبرز الدول التي لم تدرج ضمن قائمة البلدان الداعمة التي عرضت على الشاشات خلال القمة.
وقالت الحكومة السويسرية، أمس، إن السعودية والبحرين والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا والهند وإندونيسيا وأرمينيا وتايلاند وليبيا وكولومبيا والفاتيكان والأردن من بين الدول المشاركة في قمة من أجل السلام في أوكرانيا، التي اختارت عدم التوقيع على البيان الختامي.
وقالت سويسرا التي تستضيف القمة إن البرازيل، المدرجة على قائمة الحضور بصفتها «مراقباً»، لم يرد اسمها بين الدول الموقعة على البيان.
وقال أبوبكر الديب، الباحث في الشؤون الاقتصادية ومستشار المركز العربي للدراسات، في تصريحات خاصة لـ«CNN الاقتصادية» إن أسباب ضعف وفشل البيان الختامي للقمة في التوصل إلى حلول يرجع إلى عدة أسباب، منها أنه «كان يجب تكثيف المباحثات مع الجانب الروسي أيضاً، لا سيما في ضوء رد الفعل التهكمي من الرئيس الروسي إزاء انعقاد القمة، وعدم استغلال موقف الصين الحيادي بشكل أكبر لمحاولة التقريب بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب استمرار ضبابية المشهد الأوروبي، خصوصاً عقب الانتخابات البرلمانية وهيمنة اليمين المتطرف، ما يعتبر مؤشراً على انتظار تحديد حلفاء روسيا والولايات المتحدة الجدد من هذا الجانب».
وأضاف الديب أنه سيكون ملائماً أكثر أن تُعقد «قمة دولية للمساعدات الإنسانية المُقدمة للشعب الأوكراني» في هذا التوقيت، نظراً لبُعد المسافات بين الرؤية السياسية الروسية وبين الأوكرانية إزاء النزاع في الوقت الراهن.
المشاركة الإماراتية في قمة السلام بسويسرا
اختارت دولة الإمارات ألا تنضم إلى قائمة الدول الموقعة على البيان الختامي، نظراً لدورها كوسيط في العديد من الملفات المعقدة في النزاع الحالي، إذ إن توقيعها على البيان يحول دون قيامها بدور الوساطة الإنسانية ولعب دور إيجابي في إيجاد حل للأزمة بما يسمح ببناء الجسور بين الجانبين.
كما أوضحت الإمارات موقفها في الكلمة التي ألقتها، المتمثل في ضرورة دعم الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للنزاع في أوكرانيا، والدعوة إلى الحوار وخفض التصعيد، خاصة الموقف المرتبط بمبادئ دولة الإمارات التي تؤمن بها، بما في ذلك رفض استخدام القوة واحترام السيادة ووحدة الأراضي والالتزام بالقانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول.
من جهة أخرى، نجحت الإمارات في عقد صفقات متتالية لتبادل الأسرى بين طرفي الأزمة، أربع وساطات ناجحة حتى الآن في العام الجاري، نتيجةً للعلاقات القوية التي تربطها بطرفيها، وثقة الدولتين المتنازعتين بها وبجهودها الداعمة للحوار والسلام، وتقديرهما لموقفها المتوازن من تلك الأزمة.
وكانت الإمارات وأوكرانيا وقعتا، في أبريل نيسان الماضي، على بيان مشترك يعلن عن الانتهاء من المفاوضات بشأن اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تشمل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي وغيرها، ومن المتوقع أن تحفز النمو الاقتصادي في أوكرانيا وتعزز من قدراتها التصديرية، خصوصاً في قطاعات الحبوب والمعادن.
وكانت يوليا سفيريدنكو، النائب الأول لرئيس الوزراء وزيرة الاقتصاد الأوكرانية، قد صرحت في وقت سابق لـ«CNN الاقتصادية» بأن التجارة بين البلدين شهدت نمواً بنسبة 28.6 في المئة في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بفضل توقيع الاتفاقية.
أسباب عزوف بعض الدول العربية عن توقيع البيان الختامي
كان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، قال إن بلاده تشجع على المفاوضات من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه أكد كذلك أن «أي عملية تفضي إلى تحقيق السلام في أوكرانيا ستحتاج إلى المشاركة الروسية».
وعلى الرغم من تباين الآراء السياسية إزاء التوصل إلى حل سلمي بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، أكد الديب أن الدول العربية «قدمت مساعدات كبيرة لأوكرانيا تصل إلى نصف مليار دولار كمساعدات إنسانية، جاء أغلبها من السعودية».
وجاء عزوف الدول العربية عن توقيع البيان الختامي للقمة بسبب «رغبتها في التوصل إلى السلام عبر انضمام روسيا إلى المفاوضات، كونها أحد طرفي النزاع، وليس عبر فرض قرار دولي على أحد الأطراف، كذلك وجود علاقات عربية قوية ومتينة مع روسيا والولايات المتحدة الأميركية على حدٍ سواء، وتريد (الدول العربية) أن تكون تلك العلاقات متوازنة لا أن تميل إلى كفة على حساب أخرى»، بحسب تصريحات الديب.
وكانت وفود أكثر من 90 بلداً اجتمعت في منتجع «بورغنستوك» السويسري لحضور القمة المخصصة لمناقشة مقترحات كييف لإنهاء الحرب، ولم تتم دعوة موسكو التي وصفت القمة بأنها «سخيفة» ودون جدوى.
وتتضمن صيغة «خطة زيلينسكي للسلام» المطالبة بوقف الأعمال العدائية، واستعادة سلامة أراضي أوكرانيا، وانسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، واستعادة حدود أوكرانيا مع روسيا قبل الحرب، وهي الشروط التي من غير المرجح أن يوافق عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الإطلاق.