برز التركيز على العمل الجزئي بشكل ملحوظ في الشرق الأوسط ومعظم دول العالم خلال الأعوام القليلة الماضية، ما يشير إلى نقطة تحول في سوق العمل حول العالم.

وتعتبر الوظائف بدوام جزئي هي بدائل الوظائف بدوام كامل ولها ساعات عمل أقل في الأسبوع، وغالباً تحدد ساعات العمل من قبل صاحب العمل، ويمكن أن تختلف بين الشركات.

وفي الشرق الأوسط تتوقع شركة أبحاث السوق «داتا بريدج» أن يصل سوق العمل بدوام جزئي في الإمارات والسعودية إلى قيمة 493.76 مليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.4 في المئة خلال الفترة المتوقعة.

وقالت علا حداد، مديرة الموارد البشرية لدى موقع بيت دوت كوم، أحد أكبر مواقع التوظيف في مصر والشرق الأوسط، «هناك تحول ملحوظ في اتجاهات سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويقدم استطلاعنا الأخير بيانات حول كيفية تكيف الباحثين عن عمل في مواجهة هذه الاتجاهات الناشئة».

ويأتي هذا تزامناً مع اتجاه موازٍ في سوق العمل عن بُعد، والذي تنامى على وجه خاص منذ جائحة كورونا، وأخد منعطفاً صاعداً جنباً إلى جنب مع انتشار أنظمة العمل بدوام جزئي.

ووفقاً لاستطلاع بيت دوت كوم، فإن نحو 85 في المئة من المهنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يفضلون الشركات التي تسمح لهم بالعمل عن بعد طوال الوقت أو بعض الوقت، بحسب أحدث استطلاع رأي.

أما في الولايات المتحدة خلال فترة الركود الكبير من عام 2007 إلى عام 2009، ارتفع العمل بدوام جزئي بشكل حاد، وفقاً لبحث أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، وقال دانييل كولبيرتسون، الخبير الاقتصادي لدى موقع التوظيف «إنديد» إن العكس كان صحيحاً عندما كان الاقتصاد في خضم انتعاش مذهل بعد الركود القصير في عام 2020.

وبحسب تحليل موقع إنديد لملايين الوظائف المعلنة في الولايات المتحدة، ارتفعت الإعلانات عن الوظائف بدوام جزئي بنحو 10 في المئة في الفترة من يناير كانون الثاني 2022 وحتى مايو أيار 2024، كما كشفت وزارة العمل زيادة مستوى التوظيف بدوام جزئي بنسبة 8.9 في المئة في الفترة ذاتها، مقارنة بزيادة 1.5 في المئة في التوظيف بدوام كامل.

إجراءات تدعم العمل بدوام جزئي

أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي القطرية في وقت سابق من يونيو حزيران المنصرم، عن إجراءات جديدة لتطبيق العمل بنظام الدوام الجزئي؛ في خطوة تهدف إلى توفير المرونة اللازمة للمعلمين والإداريين وتحسين بيئة العمل.

ووافقت دولة الكويت على نظام العمل الجزئي للعاملين بالقطاع الخاص بموافقة صاحب العمل الأصلي منذ بداية عام 2024 الجاري، وبحد أقصى 4 ساعات يومياً، ويستثنى من هذا الحد قطاع المقاولات، مستهدفة الاستفادة من الأيدي العاملة الموجودة داخل الكويت كبديل لاستقطاب العمالة من الخارج.

كذلك، وافق البنك المركزي المصري على تحديد فترات عمل مرنة لموظفي البنك دون البنوك التجارية بما لا يقل عن 7 ساعات في اليوم الواحد، في أول قرار رسمي لتطبيق ساعات عمل مرنة.

وفي الإمارات، بدأت وزارة الموارد البشرية والتوطين في عام 2018، بتطبيق نظام جديد يتيح للشركات استقدام واستخدام العمالة من داخل الدولة أو خارجها، بموجب عقد دوام جزئي، فيما لا يزال نظام العمل الجزئي في السعودية مقصوراً على المواطنين السعوديين، وفقاً للوائح العمل الوطنية.

مزايا العمل بدوام جزئي

يساعد هذا النظام في رفع إنتاجية المؤسسات وتوفير فرص عمل بشكل أكبر فضلاً عن تحسين دخل الموظفين من خلال إمكانية العمل في أكثر من مؤسسة في وقت واحد.

كما تعفي عقود العمل الجزئي أصحاب الأعمال من عقود العمل طويلة الأمد والتي يترتب عليها العديد من الالتزامات تجاه العمال وخاصة إذا كانت طبيعة العمل موسمية.

وتشمل معظم أنظمة العمل الجزئي وجود ساعات عمل مرنة، لذلك يفضل الطلاب هذه الوظائف للمساعدة في تعويض الرسوم الدراسية والنفقات التعليمية الكبيرة.

كما يرتفع معدل انتشار العمل بدوام جزئي بين النساء وبين الأمهات على وجه الخصوص، ويمكن اعتبار القدرة على العمل بدوام جزئي نوعاً من المرونة الوظيفية، خاصة أن الساعات الأقصر المطلوبة في الوظائف بدوام جزئي قد تسمح للمرأة بالجمع بين مسؤوليات العمل والأسرة بسهولة أكبر.