يُحيي حلف شمال الأطلسي ( الناتو) هذا الأسبوع في واشنطن الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه، لكن القمة المقررة التي كان يفترض أن تعكس صورة تحالف عسكري أقوى وأكبر، تعقد في ظل غموض بشأن أوكرانيا واضطراب سياسي عالمي.
وفي هذه المناسبة سيحوّل الرئيس الأميركي جو بايدن اهتمامه عن الحملة الانتخابية العسيرة التي يخوضها بعد أدائه المهتز في مناظرة تلفزيونية مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، ليستقبل قادة دول الحلف الـ32 لثلاثة أيام بدءاً من الخميس القادم.
زيادة نفقات الناتو على الدفاع
في مواجهة التهديد الروسي وشبح عودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، تنفق الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على دفاعها أكثر مما فعلت في أي وقت مضى في تاريخها.
إذ يثير فوز ترامب المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر تشرين الثاني، وهو الذي وصف الناتو سابقاً بأنه منظمة «عفا عليها الزمن»، قلقاً في بروكسل والعديد من العواصم الأوروبية.
ويهاجم ترامب بانتظام الجهات «التي لا تدفع كثيراً» في أوروبا ملمحاً بأنهم لن يستفيدوا بعد الآن من الحماية الأميركية إذا لم يسددوا فواتيرهم.
ترامب ليس أول رئيس أميركي يدين عدم التزام الأوروبيين بتأمين دفاعهم عن أنفسهم، لكنه كان «صريحاً جداً ومباشراً للغاية في انتقاداته للحلفاء»، كما ذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مقابلة مع وكالة فرانس برس الأسبوع الماضي.
وللرد على هذه الانتقادات، حدد حلف شمال الأطلسي في 2014 هدفاً للحلف هو تخصيص 2 في المئة على الأقل من إجمالي ناتجه الداخلي للإنفاق العسكري، وقبل عشر سنوات، كانت ثلاث دول فقط تحترم هذا الهدف، وباتت اليوم 23 من أصل 32 دولة.
ذكرت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس الأسبوع الماضي، خلال زيارة لمقر الحلف، أنه «عام 1988، كان جميع الحلفاء ينفقون أكثر من 2 في المئة، وفي الواقع نحو 6 في المئة على دفاعهم لأن التهديد كان حقيقياً، إذ كانت الحرب الباردة لا تزال مستمرة».
وأضافت كالاس التي تم تعيينها للتو مسؤولة الدبلوماسية الأوروبية، «الآن لدينا حرب في أوروبا، ونحن لا ننفق ما يكفي».
خطط الناتو الدفاعية في مواجهة التهديد الروسي
يمول حلف شمال الأطلسي القسم الأكبر من المجهود الحربي الذي تبذله أوكرانيا ضد روسيا، بنحو 40 مليار يورو سنوياً، لكن يتعين عليه أيضاً تمويل استعداداته الخاصة لصراع محتمل مع موسكو.
خلال قمة فيلنيوس العام الماضي، تبنى الناتو خططاً دفاعية جديدة لتأخذ في الاعتبار هذا التهديد الروسي الذي تصاعد مع حرب أوكرانيا في فبراير شباط 2022.
وأقر مسؤول عسكري كبير في الحلف قبل بضعة أسابيع بأن «الكثير من الإمكانات مطروحة على الطاولة والفاتورة باهظة»، وفي هذا الإطار، يسعى الحلفاء إلى تعزيز صناعتهم الدفاعية، وستعيد قمة واشنطن التأكيد على هذا الالتزام، بحسب دبلوماسي في حلف شمال الأطلسي.
وقال دبلوماسي آخر في الحلف، إن مثل هذا المجهود الحربي يمثل عشرات أو حتى مئات المليارات من اليورو.
وبعد سنوات من الاقتطاعات في موازنة الدفاع، لم يعد من السهل على الدول تقليص الإنفاق الاجتماعي أو التعليم لشراء أو إنتاج مزيد من الأسلحة.
وأكد دبلوماسي في بروكسل أن «هذا هو الاتجاه الذي نسير فيه، لتنفيذ الخطط (الدفاعية) الجديدة، من الواضح أن 2 في المئة (من إجمالي الناتج الداخلي) لن تكون كافية».
وعودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض ستؤدي حتماً إلى تسريع العملية، إذ أضاف الدبلوماسي «أعتقد أننا نسير في هذا الاتجاه، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الأميركية، ولكن إذا فاز ترامب، فسيحدث ذلك بشكل أسرع».