في بداية الألفية الثالثة كان لدى الأخوين كاميرون وتايلر وينكليفوس رؤية بأن منصات التواصل الاجتماعي ستكون هي فكرة المليار دولار الجديدة، وبينما كان التوأم يدرسان في جامعة هارفارد سعيا لإنشاء منصة تواصل اجتماعي بمميزات فريدة لكن مارك زوكربيرغ المبرمج الذي عمل معهما أخذ الفكرة لنفسه وأطلق منصته الشهيرة فيسبوك.

الضربة التي تلقاها الأخوان وينكليفوس لم تكن هينة لكنهما استطاعا تدارك الأمر وتحويلها إلى قصة نجاح تكللت بأن أصبحا أباطرة داخل عالم العملات المشفرة يمتلكان عملات بيتكوين تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، فكيف نجحا في هذا الأمر؟.

.

خيانة مارك زوكربيرغ للأخوين وينكليفوس

لنبدأ بالخيانة، في عام 2004 كان لدى التوأم من جامعة هارفارد فكرة لإنشاء منصة تواصل اجتماعي فاستأجرا عبقرياً في البرمجة يدعى مارك زوكربيرغ لبنائها، بعد أشهُر أطلق فيسبوك لكن التوأم لم يكونا جزءاً منه.

غضبُ الأخوين دفعهما لرفع قضية ضد زوكربيرغ، وفي عام 2008 -بعد دعوى قضائية استمرت أربعة أعوام كان فيسبوك يزداد فيها شعبية يوماً بعد يوم- وافق التوأم على تسوية مقابل 65 مليون دولار – 20 مليون دولار نقداً و45 مليون دولار في أسهم فيسبوك.

.

معظم الأشخاص كانوا ليبيعوا أسهمهم ويذهبوا بعيداً عن الشخص الذي خانهم، لكن بالنسبة للتوأم وينكليفوس كانت هذه التعويضات بداية الطريق نحو الثراء، إذ احتفظ التوأم بأسهم فيسبوك وعلى الرغم من شعورهما بالظلم فقد آمنا بإمكانات الشركة وكان قراراً صائباً.

وبحلول الطرح العام الأولي لشركة فيسبوك في عام 2012 نمت أسهمهما البالغة 45 مليون دولار إلى 200 مليون دولار، وأصبح نجاح عدوهما بمثابة كنز لهم، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد مع التوأم وينكليفوس.

دخول الأخوين وينكليفوس عالم العملات المشفرة

لننتقل إلى صيف 2013 عندما سمع التوأم عن أن سعر العملة المشفرة البيتكوين في ذلك الوقت كان 8 دولارات فقط للعمل، وبسبب فضولهما قضيا شهوراً في البحث وخلصا إلى أن البيتكوين ستصبح أكبر من فيسبوك لذا اتخذا خطوة جريئة تركت الجميع في حالة ذهول.

.

اشترى الأخوان 1 في المئة من جميع عملات البيتكيون المتداولة في العالم في ذلك التوقيت بتكلفة 11 مليون دولار وبلغت 120 ألف بيتكوين، الأمر دفع الناس لوصف الأخوين بالجنون والسخرية منهما، لكن رهان الأخوين وينكليفوس لم يكن على العملة بل كان على ما تحمله من ثورة مالية.

ورأى الأخوان وينكليفوس في البيتكوين ثلاثة أشياء، أولها محدودية العرض 21 مليون بيتكوين فقط، ثانيها اللامركزية فهي ليست خاضعة لسيطرة أي حكومة، ثالثها أنها بلا حدود إذ يمكنك أن ترسل الأموال إلى أي مكان وعلى الفور، واعتقد التوأم أن العملة المشفرة ستغير عالم التمويل.

امتلاك البيتكوين وحده لم يكن كافياً، فعالم العملات المشفرة في عام 2015 كان أشبه بالغابة محفوفاً بالمخاطر وغير منظم، وبدلاً من رؤية هذا كنقطة ضعف، نظر الأخوان وينكليفوس للأمر كفرصة وأطلقا جيميني وهي بورصة تشفير مثل بورصة الأوراق المالية ولكن للعملات الرقمية.

وجلبت جيميني الثقة إلى عالم التشفير فقد اتبعت القواعد وأمّنت الودائع وحافظت على كل شيء آمناً، وأصبح التوأم من أكبر معجبي البيتكوين وتحدثوا في الفعاليات وعلّموا الناس عنها لأن دخول المزيد من الأشخاص لعالم العملات المشفرة يعني زيادة قيمة استثماراتهما.

مكاسب الأخوين وينكليفوس من البيتكوين

وبحلول عام 2017 وصل سعر البيتكوين إلى 20 ألف دولار، وبذلك بلغت قيمة استثمارهما ذي الـ11 مليون دولار نحو 1.3 مليار دولار، لكنهما لم يصرفا أموالهما بل استثمروا المزيد في عالم التشفير وتوسعوا عالمياً ودفعوا نحو تبني التشفير، ولقد أتى هذا التفكير الطويل الأجل بثماره.

.

وفي عام 2020 ضربت جائحة كورونا العالم واضطرت الحكومات إلى طباعة أموال بتريليونات الدولارات، وفجأة بدأ الناس ينظرون إلى البيتكوين على أنها «ذهب رقمي» ووسيلة لحماية الثروة عندما تكون الأوقات غير مؤكدة.

وبحلول عام 2021 تجاوزت قيمة البيتكوين 60 ألف دولار، وأصبحت إمبراطورية التشفير الخاصة بالتوأم تساوي الآن مليارات الدولارات.

دروس من قصة نجاح الأخوين وينكليفوس

قصة الأخوين وينكليفوس لا تتعلق بالعملات المشفرة، بل هي درس في تحويل النكسات إلى فرص واستخدام الرفض كموج، لقد أغلق باب فيسبوك لكنه فتح نافذة لمستقبل تشفير بمليار دولار، وفي بعض الأحيان يمكن لنجاح منافسك أن يغذي نجاحك.

اكتشف الاتجاهات الرائجة مبكراً ثم استثمر فيها بكل قوتك، إذ لم يكتفِ التوأم بشراء البيتكوين بل بنيا نظاماً متكاملاً حولها.

وعليك دائماً بالتفكير على المدى الطويل وتشكيل رؤية أكبر وأوسع للفرص الاقتصادية، ثقف سوقك، فمن خلال تعليم الآخرين عن العملات المشفرة نجح التوأم في تنمية الصناعة، كذلك كن فضولياً بشأن الاتجاهات الناشئة فقد تكون منجم الذهب المقبل، ولا تدع كلمة (لا) توقفك بل اجعلها تغذيك، وتذكر قد تعيدك انتكاسة اليوم إلى فكرة الغد التي تبلغ قيمتها مليار دولار.