مع انتهاء دورة الألعاب الأولمبية (أولمبياد باريس 2024)، يبدو أن الاقتصاد الفرنسي قد تلقى دفعة من تدفق الزوار وزيادة الإنفاق في قطاعات مثل الفنادق والمطاعم والمتاحف، وفقاً لوزيرة السياحة الفرنسية أوليفيا جريجوار.

وقالت جريجوار لصحيفة «لا تريبيون ديمانش» الفرنسية، إن الإنفاق على الفنادق في المدن التي تستضيف الأحداث الأولمبية ارتفع بنسبة 16% مقارنة بالعام السابق، في حين شهدت المبيعات المرتبطة بالسياحة في المتاحف والمطاعم زيادة بنسبة 25% على أساس سنوي.

وتشير العديد من الدراسات الاستقصائية المؤسسية إلى أن دورة الألعاب الأوليمبية في باريس من المنتظر أن تدعم الاقتصاد الفرنسي بشكل كبير في الربع الثالث، وهو ما يفوق الشكوك السياسية التي ظهرت في أواخر يونيو حزيران الماضي حول الأزمات في الاقتصاد الفرنسي.

نمو اقتصادي في فرنسا بسبب أولمبياد باريس 2024

يتوقع بنك فرنسا نمواً اقتصادياً يتراوح بين 0.35% و0.45% للربع الثالث، مقارنة بزيادة قدرها 0.3% في الربعين الأولين، ويشير هذا إلى أن ما يصل إلى 0.25% من النمو يمكن أن يعزى إلى الألعاب الأولمبية، مع الفوائد الاقتصادية المدفوعة إلى حد كبير بمبيعات التذاكر وحقوق البث التلفزيوني.

وتوقع معهد الإحصاء الوطني أيضاً أن تساهم الألعاب الأوليمبية بنسبة 0.3% في نمو الاقتصاد الفرنسي في ربع الثالث حتى سبتمبر أيلول المقبل، ومن المحتمل أن يصل النمو الإجمالي إلى 0.5%.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات شركة فيزا، أن الإنفاق الاستهلاكي زاد بأكثر من 20% خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى من الألعاب الأولمبية مقارنة بالعام السابق، مع ارتفاع الإنفاق المرتبط بالألعاب الأولمبية الأجنبية بنسبة 29%.

ومع ذلك، فإن التأثير الكامل لهذه المكاسب لا يزال غير مؤكد بسبب التحديات السياسية المستمرة، وفقاً لموقع يورو نيوز.

وقال أوليفييه جارنييه، كبير الاقتصاديين في بنك فرنسا «لا يزال من السابق لأوانه رؤية كيف سيؤثر عدم اليقين هذا في قرارات التوظيف والاستثمار»، في إشارة إلى الموقف السياسي الضعيف للرئيس إيمانويل ماكرون.

تحسين البيانات الاقتصادية في فرنسا

تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن فرنسا قطعت خطوات إيجابية في المجالات الرئيسية، مع انخفاض معدل البطالة إلى 7.3% في الربع الثاني، انخفاضاً من 7.5% في الربع السابق، وهو أدنى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2023.

وفي الوقت نفسه، ارتفع التضخم السنوي إلى 2.3% في يوليو تموز مقارنة بيونيو حزيران، وهو أقل بقليل من التقديرات البالغة 2.4%، وعلى الرغم من أن أسعار الطاقة شهدت تسارعاً، فإن الزيادة في أسعار الخدمات تراجعت.

وتعتبر هذه التطورات إيجابية بالنسبة لثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، على الرغم من عدم اليقين السياسي المستمر الذي من المرجح أن يؤثر في المعنويات.

ووسط الصعود غير المتوقع لحزب اليمين المتطرف الفرنسي، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات تشريعية، ومع ذلك، جاءت النتيجة بنتائج عكسية على حزبه الوسطي، حيث لم يحصل أي حزب على الأغلبية المطلقة لتشكيل الحكومة، ما أدى إلى برلمان معلق.

وتؤدي هذه النتيجة إلى عرقلة سياسات ماكرون الداعمة للنمو، على الرغم من نجاحه في تأمين تعهد باستثمار أجنبي بقيمة 16 مليار دولار (14.6 مليار يورو) في قمة ‘اختر فرنسا’ السنوية في مايو أيار الماضي.

وستفيد دورة الألعاب الأولمبية في باريس، على الأقل مؤقتاً، من تجنب تراجع ثقة الأعمال، حيث ألقى أكبر حدث رياضي في العالم بظلاله على الاضطرابات السياسية، ووفقاً لبنك فرنسا، تراجعت حالة عدم اليقين في الأعمال في الربع الثالث إلى أدنى مستوى لها منذ الربع الأخير من عام 2023، بعد ارتفاعها بسبب الانتخابات المبكرة.

لا يزال أداء الأسواق الفرنسية ضعيفاً

على الرغم من علامات التحسن الاقتصادي، لا تزال أسواق الأسهم الفرنسية متشائمة بسبب الشكوك السياسية المستمرة.

وانخفض مؤشر «كاك 40» القياسي بنسبة 10% تقريباً منذ الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي في أوائل يونيو حزيران الماضي، في حين انخفض مؤشر «يورو ستوكس 600» بنسبة 5% خلال الفترة نفسها.

وتضرر القطاع المصرفي الفرنسي بشدة بشكل خاص بسبب المخاوف بشأن التحولات السياسية المحتملة وتأثيرها في المالية العامة، وفي الوقت نفسه، واجهت الأسهم الاستهلاكية الفاخرة الفرنسية أيضاً صعوبات، حيث أدّى التباطؤ الاقتصادي العالمي إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي، وخاصة في الصين، وزادت عمليات البيع الأخيرة في الأسواق العالمية من الضغط على الأسهم الفرنسية.

ومع ذلك، فإن تحسن الإنفاق الاستهلاكي وانتعاش النمو الاقتصادي يمكن أن يؤثرا في أرباح الشركة في الربع الثالث، وتشمل القطاعات التي قد تستفيد من الألعاب الأولمبية الأسهم الاستهلاكية مثل مجموعة «LVMH» للمنتجات الفاخرة، وشركتي أراميس وكيرنج، بالإضافة إلى شركات الطيران، مثل «Air Liquide» و«Air France».