زادت الفجوة بين الفائدة على السندات الحكومية البريطانية وباقي سندات الخزانة الأخرى إلى أعلى مستوى لها في عام، مع توقع المتداولين أن يخفّض البنك المركزي الإنجليزي أسعار الفائدة بمعدلات أقل من البنوك المركزية الكبرى في العالم، بسبب تعقد المشهد الاقتصادي في بريطانيا، خاصةً فيما يتعلق بتوقعات التضخم ونمو الاقتصاد.

ويتوقع المتداولون أن يخفّض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار يتراوح بين ربع ونصف نقطة هذا العام، مقارنة بمعدل يتراوح بين نصف نقطة وثلاثة أرباع النقطة للبنك المركزي الأوروبي، ونقطة مئوية كاملة يتوقع أن يخفّضها بنك الاحتياطي الفيدرالي من أسعار الفائدة الحالية.

وارتفع العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 4 في المئة هذا الأسبوع، ما دفع الفجوة بين تكاليف الاقتراض القياسية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى 0.18 نقطة مئوية، وكان هذا أعلى فارق منذ سبتمبر أيلول 2023.

وحتى بداية شهر أغسطس آب كانت عائدات سندات الخزانة الأمريكية القياسية أعلى من نظيرتها في المملكة المتحدة طوال عام 2024، ثم اتجهت تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة إلى الارتفاع بسبب استمرار التضخم في الخدمات المحلية ومرونة الاقتصاد، ما يبقي الحاجة إلى أسعار فائدة مرتفعة.

يقول شاميل جوهيل، مدير المحفظة في فيديليتي إنترناشيونال «مع بداية العام كان هناك إجماع على أن المملكة المتحدة ستتضرر من الركود، ولكن الاقتصاد أثبت خطأنا»، وأضاف أن «التضخم في الخدمات مع الأجور القوية ونمو الناتج المحلي الإجمالي، ينبئ بدورة خفض تدريجي لسعر الفائدة»، ويتوقع المتداولون في أسواق السندات أن يعتمد بنك إنجلترا تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام، مقارنة بتوقع نصف نقطة أو ثلاثة أرباع للبنك المركزي الأوروبي، وتخفيض بنقطة مئوية كاملة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي، إن «الوقت قد حان» لخفض أسعار الفائدة الأميركية، بينما على العكس حذّر أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا، من أنه «من السابق لأوانه إعلان النصر على التضخم» في بريطانيا.

وصمد التضخم السنوي في قطاع الخدمات في المملكة المتحدة عند مستوى 5.2 في المئة في يوليو، مقارنة بنحو 4.9 في المئة في الولايات المتحدة، و4.2 في المئة في منطقة اليورو.

ويخشى خبراء الاقتصاد أن تظل أسعار الفائدة في المملكة المتحدة مرتفعة، خاصةً بعد نمو الاقتصاد لعدد من الأرباع المتتالية، ويتوقع المحللون الآن أن ينمو اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 1.3 في المئة عام 2025، ارتفاعاً من تقديرات 1.1 في المئة في وقتٍ سابق من هذا العام.

وقال جيسون دا سيلفا، المدير في أربوثنوت لاثام «إن النمو القوي في المملكة المتحدة قد يؤدي إلى ظهور ضغوط تصاعدية على التضخم، ما قد يحد من قدرة بنك إنجلترا على خفض أسعار الفائدة».

ويحذّر بعض المستثمرين من أن المعروض الضخم من السندات يثقل كاهل الحكومة أيضاً.

وأصدرت الحكومة سندات بقيمة 3.1 مليار جنيه إسترليني في يوليو، وهو ما يزيد كثيراً على «100 مليون جنيه إسترليني» توقعها مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة الرقابة المالية في المملكة المتحدة، و1.5 مليار جنيه إسترليني متوسط توقعات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت رويترز آراءهم، وقال بيدر بيك فريس، الخبير الاقتصادي في بيمكو «كان هناك بعض التدهور في العجز المالي الحكومي، ومن المرجح أن يثقل هذا كاهل الحكومة»، ومن المرجح أن تعلن الحكومة أيضاً التوسع في الاقتراض في ميزانيتها المقبلة.

وقال كريغ إنشز، رئيس قسم أسعار الفائدة والنقد في شركة رويال لندن لإدارة الأصول «لقد واجهت حكومة حزب العمال الجديدة بداية صعبة، ما يسلط الضوء على الحالة المزرية للمالية العامة وفي الوقت نفسه تزداد الأمور سوءاً بسبب زيادة رواتب القطاع العام»، وأضاف أن هذا قد يؤدي إلى زيادة الاقتراض، وبمعنى آخر زيادة المعروض من السندات البريطانية «المتضخم بالفعل».