على الرغم من انخفاض معدل البطالة في أغسطس آب الماضي إلى 4.2 في المئة، فإن البطالة لا تزال تحوم بالقرب من أعلى مستوياتها منذ خريف عام 2021.
علاوة على ذلك، قام أصحاب العمل بتوظيف عدد أقل بكثير من العمال في الأشهر الأخيرة مقارنة بالسنوات السابقة وانخفض عدد الوظائف الشاغرة في يوليو تموز إلى أدنى مستوى منذ يناير كانون الثاني 2021، وفقاً لبيانات وزارة العمل.
لكن سوق العمل في أميركا قد تكون لديها بعض الزخم المكبوت الذي ينتظر إطلاق العنان له، وذلك لأن أصحاب العمل قد يعلقون بعض خطط التوظيف الخاصة بهم، ولسبب وجيه.
تأخذ الشركات في الاعتبار العديد من العوامل عند اتخاذ قرار التوظيف، ولكن عبر مجموعة واسعة من القطاعات، إذ تحمل التوقعات الاقتصادية دائماً قدراً كبيراً من الثقل.. وهذا منطقي؛ لماذا توظف المزيد من العمال إذا كانت هناك، على سبيل المثال، فرصة قوية لحدوث ركود اقتصادي يجبر على تسريح العمال؟
في الوقت الحالي، لا يزال عدم اليقين الاقتصادي قائماً، وينبع الجزء الأكبر منه من الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستُجرى في غضون شهرين بالإضافة إلى القرارات الرئيسية القادمة بشأن أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي.. يدفع هذان العاملان أصحاب العمل إلى التفكير مرتين في توظيف المزيد من العمال الآن، وفقاً لخبراء الاقتصاد والتعليقات الأخيرة من الشركات في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك، في حين أن كلا السببين «يعززان من حذر الشركات الحالي بشأن التوظيف»، فإن العديد من قرارات التوظيف من المرجح أن تتشكل بشكل أكبر من خلال «الطلب الأبطأ على سلعهم وخدماتهم محلياً وخارجياً»، كما قالت كاثي بوستجانسيك، كبيرة الاقتصاديين في نيشن وايد لشبكة (CNN).
وقالت «كان إنفاق المستهلك المحرك المهيمن للنمو الاقتصادي.. ومع تباطئه يتباطأ النشاط الإجمالي، وسيؤدي هذا كله إلى الضغط على الخطوط العليا والسفلى للشركات».
الانتخابات الأميركية وتعليق خطط التوظيف
قال بنك الاحتياطي الفيدرالي في مسحه «الكتاب البيج» (Beige Book)، وهو عبارة عن مجموعة من استجابات الاستطلاع من الشركات التي جمعتها بنوك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية الـ12، إنه «مع عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، علقت العديد من الشركات خطط التوظيف».
لا ينبغي أن يكون هذا صادماً نظراً للاختلافات الصارخة بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب.
على سبيل المثال، قدم ترامب نفسه كمرشح لأميركا أولاً.. وهو يدعو إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المئة على الواردات من الصين وتعريفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المئة على الأقل على الواردات من دول أخرى. ومع ذلك، فإن الشركات التي تصنع المنتجات محلياً ستدفع معدل ضريبة شركات بنسبة 15 في المئة مقابل 21 في المئة الحالية، كما كشف ترامب في خطاب ألقاه في النادي الاقتصادي في نيويورك الأسبوع الماضي.
من ناحية أخرى، التزمت هاريس الصمت بشأن ما ستفعله في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية، لكنها تقترح رفع معدل ضريبة الشركات إلى 28 في المئة، وفي الوقت ذاته أعلنت عن خطة تهدف إلى تسهيل تشكيل الشركات الصغيرة الجديدة بخصومات ضريبية كبيرة.
إذا تم انتخابه فقد يتمكن ترامب من تمرير التعريفات الجمركية دون موافقة الكونغرس، كما فعل سابقاً، لكن تغييرات قانون الضرائب التي يقترحها هو وهاريس تتطلب موافقة الكونغرس.. وسوف يتم تحديد الحزب الذي يسيطر على مجلس النواب ومجلس الشيوخ أيضاً في هذه الانتخابات.. واعتماداً على النتائج، فقد يحد ذلك من قدرة ترامب أو هاريس على الوفاء بوعود الحملة المختلفة إلى حد كبير.
وقال شون سنيث، مدير معهد التنبؤ الاقتصادي بجامعة سنترال فلوريدا، إن تأجيل توظيف المزيد من العمال حتى بعد الانتخابات هو «قرار عقلاني».
وأضاف «عندما يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن المستقبل، تصبح الشركات أكثر ثقة في اتخاذ مثل هذه القرارات».
انتظار أسعار فائدة أقل
من المتوقع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيراً في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر وربما يخفضها عدة مرات أخرى بحلول نهاية العام، لذلك قد يكون الأمر مجرد انتظار حدوث ذلك قبل أن تبدأ الشركات في التوظيف بوتيرة أسرع، وفقاً لما قالته جوليا بولاك، كبير خبراء الاقتصاد في زيب ريكروتر، لشبكة CNN.
هذا لأن الشركات من جميع الأحجام، وخاصة الشركات الصغيرة، تعتمد بشكل كبير على الائتمان… من بدء الأعمال إلى توسيع العمليات، يعد الاقتراض أمراً أساسياً في عالم الأعمال؛ لذا، عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة كما هي الآن، فإن أقساط الديون الشهرية قد تكون باهظة التكلفة بالنسبة للعديد من الشركات.. وإذا كان من المتوقع أن تنخفض الأسعار على مدار العام المقبل، فلماذا تقترض الآن؟
(بريان مينا- CNN)