توالت مؤشرات اقتصادية وتوقعات خاصة بالفائدة وتكهنات تتعلق بالسياسة النقدية المستقبلية للفيدرالي الأميركي وغيره من البنوك المركزية لدول الاقتصادات المتقدمة على مدار شهر أغسطس الماضي.

ويبدو أنها تؤيد اتجاه خفض الفائدة كما شرح محمد حشاد، كبير استراتيجي الأسواق في نور كابيتال قبيل اجتماع الفيدرالي المزمع عقده اليوم الأربعاء 18 من سبتمبر 2024.

وأضاف أن التوقعات الحالية للفائدة الفيدرالية تسير جميعها في اتجاه خفض الفائدة للمرة الأولى منذ بداية الدورة الحالية للتشديد الكمي في مارس 2022، الأمر الذي يُثير برأيه تساؤلات أبرزها حول مدى قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على قيادة السياسة النقدية حول العالم، وهل يستمر الفيدرالي في كونه مرجعاً تهتدي به البنوك المركزية الرئيسية لتضع نفسها على المسار المستقبلي الصحيح للفائدة.

وأفاد حشاد «في الحقيقة، يمكننا أن نرجّح في الوقت الراهن بأن الفيدرالي جاء متأخراً لينضم إلى طابور البنوك المركزية التي تحولت إلى التيسير الكمي في الفترة الأخيرة بعد أن أيقنت أنها انتصرت في حربها ضد التضخم؛ أبرزها البنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، وبنك كندا.. ولن نتطرق بالحديث هنا عن بنك اليابان الذي فاجأ العالم برفع الفائدة ليسبح ضد التيار العام العالمي للسياسة النقدية».

أسباب التخفيض

يعزو شحادة احتمال تخفيض الفيدرالي أسعار الفائدة إلى عدة عوامل أبرزها تفادي الخطأ في تقدير التضخم والمسار الحالي لنمو الأسعار، معرباً عن ضرورة أن يتوقف الفيدرالي عن النزيف في سوق العمل الأميركية وأن يتجنب المزيد من التدهور في نمو الوظائف والأجور خاصة بعد هبوط معدلات التضخم إلى مستويات مطمئنة.

وشدد شحادة على أن الفيدرالي يسعى إلى البدء في رحلة العودة إلى الأوضاع الطبيعية للسياسة النقدية والمالية لتحسين أداء الاقتصاد الأميركي تخوفاً من دخوله في مرحلة الركود حيث تشير البيانات برأيه إلى تباطؤ في أداء بعض القطاعات.

ورجّح شحادة أن يكون قطاع الإسكان في أميركا من الأسباب الأكثر إلحاحاً في تخفيض أسعار الفائدة وذلك من خلال تخفيض الفائدة على الرهون العقارية ودعم القطاع المصرفي الذي سيشهد فور خفض أسعار الفائدة نشاطاً لقروض الإسكان التجارية.

ويرى شحادة أن مفاعيل هذا التخفيض ستطول أيضاً أسواق الأسهم التي سيتحسّن أداؤها في بيئة اقتصادية داعمة توفّر تكلفة اقتراض أقل للتوسع والنمو.

البيانات الاقتصادية

ويقول شحادة إن «نمو الوظائف الأميركية لشهر أغسطس جاء أقل من التوقعات رغم ارتفاعه مقارنة بقراءات يوليو الماضي، كما حقق نمو الأجور ارتفاعاً محدوداً في أغسطس الماضي، علاوة على تراجع محدود في معدل البطالة الأميركية، كما ألقى نمو الوظائف والأجور الضوء على تحسن كبير في أوضاع سوق العمل، وفقاً للبيانات الصادرة مؤخراً».

وقال إنه رغم ارتفاع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة إلى 142 ألف وظيفة في أغسطس الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 89 ألف وظيفة، فإنها جاءت أقل من التوقعات (160 ألف وظيفة)، إلّا أن معدل البطالة الأميركية شهد هبوطاً محدوداً إلى 4.2% الشهر الماضي مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق عند 4.3%، وهو ما توافق مع توقعات الأسواق.

وأفاد شحادة بأن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي بواقع 0.2% في أغسطس الماضي (مقابل القراءة السابقة التي سجلت الرقم والتوقعات نفسهما) يشير إلى جمود في زيادة الأسعار.

سوق الأسهم والسلع

ويرى فريق الأبحاث في ساكسو بنك أن سوق الأسهم الأميركية شهدت تغيرات طفيفة يوم الثلاثاء في ظل الشكوك بشأن حجم خفض أسعار الفائدة المتوقع، حيث استقر مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز بعد ارتفاعهما إلى أعلى مستوياتهما على الإطلاق، في حين ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 0.2%.

ومن بين أسهم الشركات الكبرى، انخفض سهم إنفيديا بنسبة 1.1%، في حين ارتفعت أسهم شركة مايكروسوفت بنسبة 0.9% بعد زيادة توزيعات الأرباح الفصلية، وارتفعت أسهم شركة إنتل بنسبة 2.6% بعد الشراكة التجارية الجديدة مع أمازون، لترتفع مكاسبها على مدار يومين إلى 9%.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بشكل غير متوقع بنسبة 0.1% في أغسطس، متجاوزة توقعات الانخفاض بنسبة 0.2% مقارنة بالارتفاع بنسبة 1.1% في يوليو الذي تم مراجعة بياناته إلى أعلى.»

ويرى ساكسو بنك أن «ارتفاع أسعار النفط أدت إلى الضغط الهبوطي على سندات الخزانة الأمريكية، على الرغم من أن تحركات الأسعار الإجمالية ظلت مستقرة قبل قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء.»

ولاحظ ساكسو بنك انخفاضات في أسعار الذهب قبيل صدور قرار الفدرالي اليوم بشأن معدلات الفائدة، عقب ارتفاعه لأعلى مستوى له على الإطلاق في اليوم السابق.

ورجّح ساكسو بنك انخفاض الذهب بنسبة 0.50% ليستقر عند 2,569.50 دولار إلى عمليات جني الأرباح وتحديد المواقع تحسباً لقرار الاحتياطي الفيدرالي، مع وجود مخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط.

وعلى الرغم من المخاوف بشأن سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي المحتملة ومشكلات الطلب المستمرة، ارتفعت أسعار الخام في وقت مبكر من بعد الظهر قبل أن تقلل عمليات جني الأرباح من بعض المكاسب، وارتفعت العقود الآجلة لشهر أكتوبر بنسبة 1.57% إلى 71.19 دولار، في حين ارتفع خام برنت بنسبة 1.31% إلى 73.70 دولار.

هذا ولا تزال الأسواق منقسمة بشأن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 أو 50 نقطة أساس من الاحتياطي الفدرالي اليوم، مع وجود احتمالات لخفض أكبر بنسبة 65% وفق ساكسو بنك.