في 23 سبتمبر من كل عام، يحتفل الشعب السعودي باليوم الوطني، وهو يوم يعكس الفخر والانتماء للوطن، ويحتفل بتحول المملكة إلى دولة حديثة ومزدهرة، ويعكس هذا الاحتفال أيضاً التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته البلاد على مدى العقود الماضية.
وبهذه المناسبة، نسلط الضوء على أحدث الإنجازات الاقتصادية التي أسهمت في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على الساحة العالمية.
في عام 2023، أثبتت السعودية مكانتها كواحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، حيث احتلت المرتبة 18 عالمياً بين أفضل 20 اقتصاداً، من حيث الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 1.07 تريليون دولار، ويعكس هذا الإنجاز القدرة التنافسية والجهود المبذولة في المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحفيز القطاعات غير النفطية.
استثمارات أجنبية مباشرة
سجلت السعودية نحو 46.2 مليار ريال (12.3 مليار دولار) من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 2023، ورغم هبوط صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية 56% خلال 2023، فإنه ارتفع 16% في الربع الرابع على أساس فصلي، ويأتي هذا التراجع بعد أن شهد الاستثمار الأجنبي طفرة كبيرة في العامين السابقين له.
وتستهدف السعودية وفق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، أن يقفز الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال (103.5 مليار دولار) في 2030، ليشكل 5.7% من الناتج المحلي، مقابل 1.5% في 2021.
نمو كبير للأنشطة غير النفطية
سجلت الأنشطة غير النفطية في المملكة العربية السعودية أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2023 بنسبة 50%، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه على الإطلاق، بناءً على تحليلات وزارة الاقتصاد و التخطيط للبيانات الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء.
وبذلك يصل إجمالي الاقتصاد غير النفطي إلى 1.7 تريليون ريال بالأسعار الثابتة، مدفوعاً باستمرار النمو في الاستثمار والاستهلاك والصادرات.
وتحققت نسبة المساهمة التاريخية بفضل أداء غير مسبوق في الاستثمار غير الحكومي خلال آخر عامين بمعدل نمو 57%، لتصل قيمة الاستثمارات غير الحكومية إلى أعلى مستوى تاريخي لها عند 959 مليار ريال في عام 2023، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية «واس».
حقق الاقتصاد السعودي نمواً ملحوظاً في الصادرات غير النفطية، ما يعكس هذا التحول التنموي استراتيجيات المملكة في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
وقفزت الصادرات غير النفطية التي تشمل إعادة التصدير بنهاية 2023 مقارنة ببداية الرؤية بنحو 53% بقيمة إجمالية 272 مليار ريال، وكانت الصادرات غير النفطية خلال عام 2016 تُقدر قيمتها بنحو 177 مليار ريال، أما في عام 2017 فوصلت إلى 193 مليار ريال بنسبة نمو 9%، بينما في 2018 ارتفعت إلى 22% بقيمة إجمالية 235 مليار ريال، بينما في عامي 2019 و2020 انخفضت الصادرات غير النفطية بنسبة 3% و11% على التوالي.
وفي عام 2021 ارتفعت قيمة الصادرات إلى 277 مليار ريال بنسبة نمو 36%، بينما في 2022 نمت إلى 14% والعام الذي يليه انخفضت بنسبة 14% وصولاً إلى 272 مليار ريال.
وتُقدر نسبة الصادرات إلى الواردات بنهاية عام 2023 بما يقارب 35.1%، حيث كان متوسط الصادرات إلى الواردات المشمولة بإعادة التصدير من عام 2016 حتى نهاية 2023 بما يعادل 40%.
توقعات نمو إيجابية
رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 4.1% في 2024 و4.2% في العام التالي من 3.3% و2.5% في توقعاته السابقة، وذلك بعد انكماش نسبته 0.5% في 2023 بحسب تقديراته، ما يدل على الثقة في القدرة على تجاوز التحديات الاقتصادية العالمية واستمرار مسيرة التنمية.
وعزا البنك الانتعاش المتوقع في النمو بالسعودية إلى زيادة إنتاج النفط وصادراته، على الرغم من تمديد الخفض الطوعي في إنتاج النفط إلى هذا العام.
لكنه أضاف أن من شأن انخفاض أسعار النفط أو تراجع الطلب أن يؤدي لإنتاج محدود في البلدان المصدرة للنفط وإطالة أمد خفض الإنتاج.
استثمارات رؤية 2030
انطلق برنامج صندوق الاستثمارات العامة عام 2017 لدعم تحقيق رؤية المملكة 2030، وللمساهمة في تنمية وتنويع الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة الصندوق كقوة استثمارية رائدة.
5 مشروعات ضخمة أطلقها البرنامج، سترسم مستقبلاً حضاريّاً مشرقاً للمملكة، وتقودها نحو الريادة والاستدامة عالميّاً، تشمل وجهة المستقبل «نيوم» التي ستضم أذكى التقنيات بالعالم، وأكثرها ابتكاراً وخدمة لريادة الأعمال، و«روشن» الذي يقدم مجتمعات حديثة ويطور أنماط الحياة، و«البحر الأحمر» المشروع الأكثر سحراً في العالم، والذي يبشر بنهج جديد للسياحة في المملكة والعالم، و«القدية» عاصمة الترفيه والرياضة والفنون في المملكة، ومشروع «الدرعية» كأحد المشروعات الفريدة من نوعها على مستوى العالم، بما يزخر به من مقومات ومعالم ثقافية وتراثية وسياحية.
وتسعى رؤية 2030 إلى جذب استثمارات تصل إلى 800 مليار دولار، حيث تمثل هذه الاستثمارات نقطة محورية لتحقيق أهداف المملكة التنموية، ومن المتوقع أن تسهم مشروعات مثل مدينة نيوم التي تتوقع جذب 500 مليار دولار، في تعزيز مكانة السعودية كمركز اقتصادي عالمي.