تهيمن صناعة النفط على الاقتصاد السعودي نظراً لأن المملكة تمتلك نحو 17 في المئة من احتياطي النفط المؤكد في العالم، إلّا أن السعودية تسعى مع تنفيذ رؤية 2030 إلى تنويع الاقتصاد على المدى الطويل لتحقيق التوازن بين صناعة النفط المربحة للغاية والقطاعات الأخرى.

وفي عام 2016 أطلقت السعودية رؤية 2030 ووصفتها المملكة بأنها خارطة طريق طموحة تهدف إلى تمكين المواطنين وتنويع الاقتصاد وتعزيز ريادة المملكة العالمية على أن تنفذ على ثلاث مراحل رئيسية، كل مرحلة خمس سنوات.

وقال تقرير لستاندرد آند بورز انتليجنس إن نمو القطاع غير النفطي في السعودية سيكون قوياً على المدى المتوسط إذ تُغير رؤية 2030 من الكثير في الاقتصاد والمجتمع في المملكة العربية السعودية.

وتُقدر تكاليف إنتاج النفط الخام السعودي بأنها من أدنى التكاليف في العالم، وتبلغ نحو 10 دولارات للبرميل، وبقياس احتياطات المملكة من النفط والكميات التي تُضخ يتكون لدى المملكة هوامش ربح أعلى من معظم الدول الأخرى المنتجة للنفط.

ويفسر هذا أسباب هيمنة صناعة النفط على الاقتصاد السعودي، لكن خلال السنوات العشر الماضية نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للسعودية بشكل ملحوظ، متجاوزاً الزيادة في قطاع النفط، وفقاً لستاندرد آند بورز.

نمو القطاع غير النفطي في السعودية

ومع سعي الحكومة السعودية إلى تنويع الاقتصاد على المدى الطويل، صممت المملكة رؤية 2030 التي تشمل تطوير مشاريع عملاقة مثل نيوم والقدية والعلا ومنطقة جدة التاريخية ومشروع البحر الأحمر.

وبحسب ستاندرد آند بورز فإنه على المدى القصير سيؤدي ذلك إلى تنويع الاقتصاد من خلال توسيع قطاع البناء، أما على المدى الطويل فإنه من المتوقع أن تؤدي هذه المشاريع إلى مزيد من التنويع من خلال الإنفاق الاستهلاكي على السياحة والتعليم.

ويركز برنامج جودة الحياة التابع للحكومة السعودية على تطوير قطاعات الترفيه والثقافة والرياضة من خلال دور السينما والمتنزهات والمتاحف والمرافق الرياضية.

وأسهمت هذه المشروعات في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بشكل ملحوظ في السعودية على مدى السنوات العشر الماضية مع قيادة تجارة التجزئة والإنفاق الحكومي والتمويل.

وبحسب ستاندرد آند بورز فإنه يجب أن يرتفع الاستهلاك غير الحكومي، وهذا يتطلب نمو الاستهلاك المحلي.

وتهدف الحكومة إلى زيادة حصة إنفاق الأسر على الترفيه إلى 6 في المئة بحلول عام 2030 من نحو 2.9 في المئة حالياً.

ويشهد قطاع السياحة في السعودية ارتفاعاً في المملكة العربية السعودية، إذ تستهدف الحكومة جذب 150 مليون سائح بحلول عام 2030.

ويعتمد الكثير من أهداف الاستهلاك المحلي والسياحة في السعودية على استكمال مشاريع رؤية 2030 العملاقة في الوقت المناسب، وسيؤدي إكمال مشروع نيوم وحده إلى انخفاض حصة الناتج المحلي الإجمالي المرتبط بالنفط.

ووفقاً لتصنيفات ستاندرد آند بورز، بلغ الناتج المحلي الإجمالي النفطي 35 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017، وبمجرد اكتمال مشروع نيوم من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي النفطي إلى 24 في المئة من الإجمالي.

ومن المتوقع أن يكون بناء المشاريع العملاقة والنفقات المرتبطة بها عاملاً رئيسياً وراء النمو على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وبحلول عام 2030 سيدعم نمو الطلب المحلي بشكل أساسي من خلال المشاريع العملاقة وتكاليف البناء والاستثمارات المرتبطة بها، وتشير توقعات ستاندرد آند بورز إلى ارتفاع كبير في إنفاق الأسر بسبب النمو المتوقع في الدخل المتاح بين المواطنين السعوديين والمبادرات الحكومية لرفع الإنفاق على الترفيه والسياحة.

لكن المشاريع العملاقة وحدها لا تستطيع تنويع الاقتصاد السعودي، إذ سيكون الطلب المحلي مدفوعاً أيضاً بارتفاع نمو الإنتاجية، وهو ما يجذب الاستثمار والصناعات.

وقالت ستاندرد آند بورز إن نمو إنتاجية العمل في المملكة العربية السعودية تخلف عن كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة على مدى السنوات العشرين الماضية.

ويعرف البنك الدولي نمو إنتاجية العمل بأنه الناتج الذي يحققه كل عامل، وهو المصدر الرئيسي لنمو نصيب الفرد من الدخل على نحو دائم.

ويعكس انخفاض نمو إنتاجية العمل في السعودية تراجع درجة التنويع ونمو تشغيل العمالة في القطاعات ذات الإنتاجية المنخفضة.

وقال التقرير إنه يمكن أن يساعد تعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة السعودية بما في ذلك العمل في قطاعات كانت محظورة في السابق والمشاركة في الرياضة والترفيه في سد هذه الفجوات.

ويتوقع أن تظل قدرة المملكة العربية السعودية على تحقيق نمو في إنتاجية العمل من خلال رؤية 203 عاملاً رئيسياً في جهود التنويع الاقتصادي على المدى الطويل.