يريد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إعادة التصنيع في الولايات المتحدة وخفض التكاليف، بالاعتماد على التعريفات الجمركية لتعزيز خزائن الولايات المتحدة وممارسة الضغوط على الدول الأخرى، ولكن إمكانية تنفيذ هذه الخطة دون الإضرار بالاقتصاد الأميركي أصبحت محل شك في الآونة الأخيرة.
وقال المرشح الرئاسي الجمهوري في مناظرته في سبتمبر أيلول مع المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس «ستدفع لنا الدول الأخرى أخيراً، بعد 75 عاماً، ثمن كل ما فعلناه من أجل العالم».
وتأمل خطة ترامب أن تضيف التعريفات الجمركية مليارات الدولارات إلى الإيرادات وتستهدف دولاً مثل الصين، بينما تدفع الشركات إلى إعادة الإنتاج والاستثمار في الولايات المتحدة.
وتعهد الرئيس السابق بفرض رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10 في المئة إلى 20 في المئة على الواردات و60 في المئة على البضائع الصينية، كما هدد مؤخراً بفرض ضريبة بنسبة 200 في المئة على السيارات المصنوعة في المكسيك.
وإلى جانب خططه التعريفية، يريد ترامب تمديد التخفيضات الضريبية المنتهية وخفض ضريبة دخل الشركات بشكل أكبر.
ماذا تخفي خطة ترامب؟
يحذر الاقتصاديون قبل انتخابات نوفمبر تشرين الثاني 2024، من أن سياسات ترامب قد ترفع معدل التضخم من جديد وتهزّ التجارة العالمية، مع فوائد غير واضحة للإنتاج الأميركي.
على سبيل المثال في ما يخص التعريفات الجمركية، فإن الشركات الأميركية هي التي تدفع ضرائب الاستيراد على المشتريات في الخارج عندما تكون هناك تعريفات جمركية على مثل هذه السلع، ويمكنها تمرير التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين، والتي بدورها قد تزيد من التضخم.
كما تتعارض التعريفات المقترحة مع فوائد سياسته الضريبية، إذ إنها لا تكفي لتعويض خسائر الإيرادات الضريبية، حسب ما ذكرت مؤسسة الضرائب.
-
عودة التضخم
قال معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إن التضخم في الولايات المتحدة قد يرتفع بنسبة قدرها 1.3 نقطة مئوية فوق المستويات الحالية العام المقبل إذا فرض ترامب تعريفة عالمية بنسبة 10 في المئة وردت الحكومات الأخرى على هذه التعريفات، مضيفاً أن الزيادات الحادة في أسعار السلع الصينية ستؤدي أيضاً إلى زيادة التضخم.
ويقدر آخرون، مثل برنارد ياروس من شركة أكسفورد إيكونوميكس الاستشارية، أن رئاسة ترامب يمكن أن ترفع التضخم بمقدار 0.6 نقطة مئوية.
وقال الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، كايل هاندلي إن الشركات تحملت في السابق العبء الأكبر عندما أصبحت المكونات المستوردة أكثر تكلفة، لكنه أشار إلى أنه إذا فُرضت تعريفة شاملة بنسبة 10 في المئة إلى 20 في المئة، فمن المستحيل ألا نرى تأثير ذلك على طلب المستهلكين.
ويزعم ترامب أن رفع الرسوم الجمركية في وقت سابق على الصين وغيرها لم يسبب أي تضخم، لكن هاندلي يقدر أن الاحتكاكات التي واجهها المصدرون في سلسلة التوريد كانت تعادل 2 إلى 4 في المئة من الرسوم الجمركية، وقالت الشركات لوكالة فرانس برس إنها اضطرت إلى تحمل بعض التكاليف.
وجدت دراسة نشرت عام 2019 في مجلة المنظورات الاقتصادية أنه بحلول نهاية عام 2018، كانت التعريفات الجمركية على الواردات تكلف المستهلكين والمستوردين الأميركيين مبلغاً إضافياً قدره 3.2 مليار دولار شهرياً كتكاليف ضريبية إضافية.
-
توجيه التجارة بعيداً عن أميركا
وقالت أكسفورد إيكونوميكس إن خطط ترامب التعريفية يمكن أن تؤدي أيضاً إلى خفض التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين بنسبة 70 في المئة، ما يعيد توجيه أو إلغاء مبادلات بقيمة مئات المليارات من الدولارات بعيداً عن الولايات المتحدة.
وأضافت الشركة الاستشارية أن حجم التجارة الأميركية قد ينخفض بنسبة 10 في المئة، ليصبح أكثر تركيزاً على أميركا الشمالية وشركاء آخرين في اتفاقية التجارة الحرة.
وقال ياروس إنه في حين أن التعريفات الجمركية المضافة ستجمع نحو 500 مليار دولار من الإيرادات سنوياً، فإن إعادة توجيه التجارة من الصين يمكن أن تخفض هذا الرقم إلى قرابة 200 مليار دولار سنوياً في نهاية المطاف.
ورغم أن ترامب يريد «قانوناً تجارياً متبادلاً» يفرض الضريبة نفسها على الدول التي تجعل أميركا تدفع ضريبة للتعامل معها عندما ترسل منتجاتها إلى الولايات المتحدة، فإن ياروس يعتقد أن هذا أقل احتمالاً لأنه يتطلب موافقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس.
-
الغذاء والطاقة
يعد ترامب بانتظام بالقضاء على التضخم -وهو مصدر قلق بالغ للناخبين- قائلاً إنه سيخفض فواتير الطاقة إلى النصف في غضون عام، لكن يتوقع المحللون أن يشير هذا إلى مزيد من التحرير في قطاع النفط والغاز المحلي.
وبينما يريد ترامب خفض تكاليف الغذاء من خلال السماح بدخول كميات أقل من المنتجات الزراعية الأجنبية إلى البلاد، أشار الاقتصاديون إلى أن حواجز الاستيراد يمكن أن تؤدي إلى عمليات انتقامية، وقد يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى الإضرار بالمزارعين الأميركيين الذين يقومون بالتصدير بشكل كبير.
في غضون ذلك، يترقب الناخبون المزيد من التفاصيل بشأن خطة المرشح الجمهوري دونالد ترامب ونظيرته الديمقراطية كامالا هاريس بشأن الاقتصاد الأميركي، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بعد ثلاثة أسابيع فقط.
(أ ف ب)