يحلم آلاف السكان في دولة الأرجنتين التي تواجه أزمة اقتصادية متفاقمة بالخروج من الفقر وتحقيق الثراء السريع، ما جعلهم عرضة لعمليات احتيال كلفتهم مدخراتهم ودفعتهم من جديد إلى الفقر.
وقع ما يقرب من 30 في المئة من سكان سان بيدرو، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة وتقع على بعد نحو 170 كيلومتراً شمال بوينس آيرس، في حب تطبيق استثماري روّج له ممثلان يتظاهران بأنهما من رجال الأعمال، ووعدا بما يصل إلى اثنين في المئة من العائدات اليومية المدفوعة بالعملة المشفرة.
وقال كارلوس رودريجيز، البالغ من العمر 66 عاماً، لمحطة إذاعة كادينا 3 «لقد وثقت به، كما فعل بعض أفراد عائلتي»، مضيفاً أن تطبيق «رينبو إكس» أظهر له أنه يكسب ما بين 80 و100 دولار يومياً، وهو ما يضاعف دخله تقريباً.
لكن حلم الحصول على المال السهل في بلد يعاني ركوداً حاداً وتضخماً بمعدل ثلاثة أرقام سرعان ما تحول إلى غبار.
كيف حدثت عملية الاحتيال؟
بدأت عملية الاحتيال المزعومة الأكثر شهرة على يد الخبير المالي الأرجنتيني ليوناردو كوزيتورتو، الذي أقنع الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء أميركا اللاتينية وإسبانيا بالاستثمار في كل شيء بدءاً من العملات المشفرة وحتى مطاعم الهامبرغر ووكلاء السيارات.
يزعم المحققون أن كوزيتورتو، الذي وعد بعوائد بنسبة 7.5 في المئة شهرياً، قاد مخططاً هرمياً عملاقاً تسبب في استغلال آلاف الأشخاص، وهو يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة الاحتيال.
وتفاقمت الأزمة عندما أوقفت منصة «رينبو إكس»، التي تدعي أن مقرها في سنغافورة، عملياتها في الأرجنتين منذ أسبوعين وطالبت المستخدمين بمبلغ 88 دولاراً حتى يتمكنوا من سحب أموالهم، وقد دفع كثيرون الأموال لكنهم لم يستردوا استثماراتهم.
وقال عمدة المدينة، سيسيليو سالازار، لمحطة راديو 10 إن واحداً من بين 15 ألفاً إلى 20 ألف شخص في سان بيدرو استثمروا في المنصة.
وذكر المحامي أدولفو سواريز إردير، الذي يمثل نحو مئة ضحية مزعومة، لوكالة فرانس برس «نحن نتطلع إلى عملية احتيال بقيمة 49 مليون دولار»، مضيفاً أن لديه «مكالمات واردة من جميع أنحاء البلاد».
كما أبلغ عن عمليات احتيال مماثلة مشتبه بها مؤخراً في مقاطعتي تشوبوت وسان خوان في الجنوب، ومقاطعة سانتا في في الوسط، وقرطبة في الشمال، وكلها تنطوي على منصة أخرى، (بيك كابيتال)، التي أغلقت في 18 أكتوبر.
الفقر.. المتهم الأكبر
أوضح خبير تكنولوجيا المعلومات الذي حقق في قضية «رينبو إكس»، ماكسيميليانو فيرتمان، أن الشباب الذين يتأثرون بشكل غير متناسب بالفقر كانوا الأكثر عرضة لعملية الاحتيال، خاصة أن 60.7 في المئة من الأرجنتينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً يعتبرون فقراء رسمياً.
وأشار فيرتمان لوكالة فرانس برس «هناك جائحة كورونا… أصبح الشباب بعمر 19 عاماً يستقطبون شباباً بعمر 16 عاماً لتعليمهم كيف يصبحون مليونيرات في ثلاثة أشهر» عبر منصات الاستثمار.
على سبيل المثال، بدأ تداول صورة مزيفة لنجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء، تروج لمخطط لتحويل 75 دولاراً إلى 2000 دولار في الأسبوع.
وقال ميسي المزيف «لست بحاجة إلى أن تكون خبيراً اقتصادياً أو متداولاً في الأسواق»، داعياً المستثمرين المحتملين للانضمام إلى مجموعة تيليغرام.
ويأتي هذا الكشف في الوقت الذي يغرق فيه الاقتصاد الأرجنتيني في حالة من الركود بعد أشهر من إجراءات التقشف الصارمة التي فرضها الرئيس الليبرالي خافيير مايلي لترويض أحد أعلى معدلات التضخم في العالم ومحو العجز العميق في الموازنة.
ويعيش الآن أكثر من نصف سكان ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية تحت خط الفقر.
(أ ف ب)