مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تتزايد التساؤلات حول كيفية تأثير الوضع الاقتصادي الراهن على فرص فوز المرشحين، فمن المتوقع أن تلعب القضايا الاقتصادية، مثل التضخم وأسعار الفائدة وتحديات العمل، دوراً حاسماً في توجيه مزاج الناخبين، خاصة في الولايات المتأرجحة.
ونستعرض في هذا التقرير التأثيرات الاقتصادية المحتملة على فرص المرشحينِ الرئيسيينِ؛ دونالد ترامب وكامالا هاريس.
الوضع الاقتصادي الحالي وأولويات الناخبين
تشير البيانات الأخيرة إلى ارتفاع معدلات التضخم مع بطء في النمو الاقتصادي، ما أدى إلى تزايد الضغط على المستهلكين الأميركيين، وارتفاع تكاليف المعيشة قد يجعل الاقتصاد القضية الأكثر تأثيراً في الانتخابات.
وأوضح المحلل الاقتصادي جيمس نايتلي من شركة ING أن «الضغوط الاقتصادية بسبب التضخم قد تصبح عاملاً حاسماً للناخبين المتأرجحين»، ويضيف أن العديد من الأميركيين قد يعيدون النظر في خياراتهم الانتخابية وفقاً لمدى نجاح المرشحين في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية الحالية، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
سجل ترامب الاقتصادي وتأثيره على قاعدته الشعبية
خلال فترة رئاسته، طبق ترامب سياسات اقتصادية شملت خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية؛ ما زاد من شعبيته بين الناخبين من الطبقة العاملة وأصحاب الشركات الصغيرة.
ووفقاً للخبير الاقتصادي ستيفن مور “يعتبر خفض الضرائب من قِبل ترامب من أهم إنجازاته التي يشعر العديد من الناخبين بأنهم استفادوا منها، وهذا قد يمنحه ميزة لدى الناخبين الذين يفضلون النهج التقليدي المحافظ.
ومع ذلك، فقد أثارت سياسات ترامب التجارية -خاصةً فرض التعريفات الجمركية- بعض المخاوف بين قطاعات معينة من الناخبين، في حين أنه نجح في استمالة الصناعات المحلية، فإن تأثير هذه التعريفات على أسعار السلع قد يكون عاملاً قد يؤثر على مدى استقطاب ترامب الناخبين الجدد.
رؤية هاريس الاقتصادية وتوجهها نحو معالجة التفاوت في الثروة
تتبع كامالا هاريس نهجاً أكثر تقدمية يهدف إلى معالجة قضايا التفاوت الاقتصادي وتعزيز الدعم للفئات المتوسطة والمنخفضة الدخل، وهي تدعو إلى سياسات ضريبية تقدمية وزيادة الاستثمار في الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم.
ويرى بول كروغمان، الاقتصادي الحائز جائزة نوبل، أن «سياسات هاريس الاقتصادية تمثل نقطة تحول لمعالجة التفاوت في الثروة، وهذا قد يكون عامل جذب للناخبين الشباب»، وفقاً لـ«نيويورك تايمز».
وقد تكون رؤية هاريس قادرة على استقطاب الناخبين الذين يرغبون في تغيير جذري وتطوير اقتصاد أكثر عدالة، ويؤكد كروغمان أن توجُّه هاريس للاعتماد على السياسات البيئية في خلق فرص عمل جديدة قد يجذب فئات الناخبين الأصغر سناً، ما يعزز موقفها في ولايات تعتبر قضايا التغير المناخي أمراً جوهرياً.
تأثير الاقتصاد في الولايات المتأرجحة
تركز حملة كلا المرشحين على الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا، والتي تواجه تحديات اقتصادية مختلفة، في هذه المناطق، يعتبر النمو الصناعي وفرص العمل من الأولويات، وقد يكون لسياسات ترامب المؤيدة للتجارة المحلية وحماية الصناعة أثر إيجابي.
مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة Moody’s Analytics، يشير إلى أن «الصعوبات الاقتصادية في الولايات ذات القاعدة الصناعية القوية قد تميل لصالح المرشح الذي يَعِد بنمو الصناعات المحلية»، ما يمنح ترامب ميزة محتملة بين الناخبين المتأرجحين في هذه المناطق، وفقاً لما ورد في فوربس.
بالمقابل، تركز هاريس على تقديم حوافز اقتصادية لدعم العمال في القطاعات الجديدة، وقد يساعد ذلك في جذب الناخبين الذين يشعرون بأنهم يحتاجون إلى حماية أكبر من التغيرات الاقتصادية.
سياسات الاحتياطي الفيدرالي وتأثيرها على خيارات الناخبين
في ظل زيادة أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، قد يشعر العديد من الأميركيين بضغط مالي متزايد بسبب ارتفاع كلفة القروض والإيجارات.
ويرى الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج المستشار في أليانز، أن «زيادة أسعار الفائدة قد توجه الرأي العام نحو المرشح الذي يقترح سياسات تخفيفية للتعامل مع هذه التحديات الاقتصادية»، وفقاً لـCNBC.
وقد يكون هذا عاملاً محورياً يؤثر على توجهات الناخبين، حيث يُنظر إلى ترامب على أنه يفضل تقليل تدخل الاحتياطي الفيدرالي، بينما قد تتبنى هاريس سياسة أكثر دعماً للإصلاحات المالية.
وتظل القضايا الاقتصادية هي المحرك الأساسي في هذا السباق الانتخابي، وقد تكون العامل الحاسم الذي سيحدد الفائز؛ فيسعى ترامب للحفاظ على قاعدته الانتخابية من خلال الترويج لسجله الاقتصادي، بينما تسعى هاريس لاستقطاب الناخبين الشباب والمعتدلين عبر سياسات اقتصادية تقدمية.