توقع دونالد ترامب وكامالا هاريس الفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية خلال حشدهما للدعم في ولاية بنسلفانيا أمس الاثنين، في اليوم الأخير المحموم من الانتخابات المتقاربة على نحو لم يسبق له مثيل.

وشهدت الحملة الانتخابية منعطفات مذهلة، وهي محاولتا اغتيال وإدانة جنائية للرئيس الجمهوري السابق ترامب، وترشيح نائبة الرئيس الديمقراطية هاريس المفاجئ بعد أن تخلى الرئيس جو بايدن، البالغ من العمر 81 عاماً، عن مسعاه لإعادة انتخابه تحت ضغط من حزبه.

وذكرت شركة آد إمباكت للتحليلات أنه جرى إنفاق أكثر من 2.6 مليار دولار للتأثير على الناخبين منذ مارس آذار.

ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي أن ترامب (78 عاماً) وهاريس (60 عاماً) متعادلان تقريباً، وقد لا يكون الفائز معروفاً إلا بعد أيام من انتخابات الثلاثاء، رغم أن ترامب أشار بالفعل إلى أنه سيكافح لقلب أي هزيمة كما فعل في عام 2020.

وتوجه المرشحان إلى ولاية بنسلفانيا لحث المؤيدين الذين لم يدلوا بأصواتهم بعد على التصويت، وتقدم بنسلفانيا أكبر حصة من الأصوات في المجمع الانتخابي من بين الولايات السبع المتأرجحة التي من المتوقع أن تحدد النتيجة.

«كنا ننتظر هذا منذ أربع سنوات»

في أحدث تصريحات كبار مستشاري ترامب لشبكة CNN، قال إن نسبة مشاركة الناخبين الداعمين لترامب «ستحدد مصير الانتخابات الأميركية»، مضيفاً أن هذه الدورة هي أقوى أداء قام به ترامب على الإطلاق، خاصة عند النظر إلى استطلاعات الرأي العامة مقارنة بعامي 2016 و2020.

وقال المرشح الرئاسي السابق ومؤيد دونالد ترامب، فيفيك راماسوامي، «جذبت حملة ترامب اهتماماً أكبر من المجموعات التي صوتت للديمقراطيين في السابق، بما في ذلك التصويت الأسود، واللاتينيين، والجيل زد».

وأضاف، «الدافع وراء الجيل زد هو الرغبة في البقاء بعيداً عن الصراعات الخارجية وتجنب الحرب العالمية الثالثة، وتنمية الاقتصاد وخفض تكاليف الإسكان، وهي القضايا التي قال إنها أكثر أهمية للشباب الأميركيين».

وفي بيتسبرج، ظهر ترامب أمام حشد كبير في ساحة، وقدّم ما وصفته حملته برسالته الختامية الأخيرة للناخبين في الساعات الأخيرة قبل يوم الانتخابات.

وقال ترامب «كنا ننتظر هذا منذ أربع سنوات».

ودفع ترامب بالقضايا الاقتصادية في خطابه في بيتسبرج، قائلاً إن هاريس ستجلب البؤس الاقتصادي إذا نجحت.

وقال «التصويت لترامب يعني أن بقالتك ستكون أرخص، ورواتبك ستكون أعلى، وشوارعك ستكون أكثر أماناً، ومجتمعاتك ستكون أكثر ثراء، ومستقبلك سيكون أكثر إشراقاً من أي وقت مضى».

«رئيسة لكل الأميركيين»

وفي ألينتاون، توقعت هاريس الفوز ووعدت بأن تكون رئيسة «لكل الأميركيين».

والتقت هاريس بعد ذلك بعدد من الناخبين في أحد المطاعم في ريدينج، وتوجهت بعدها إلى جولة لطرق الأبواب.

وقالت نائبة الرئيس لامرأة وزوجها «إنه آخر يوم قبل الانتخابات، ورغبت في القدوم لأقول إنني آمل في الفوز بصوتيكما».

وعبرت الحملتان عن تفاؤلهما.

وذكر فريق حملة هاريس أن متطوعيه طرقوا مئات الآلاف من الأبواب في كل من الولايات المتأرجحة هذا الأسبوع.

وتقول الحملة إن بياناتها الداخلية تُظهر أن الناخبين المتأرجحين يتجهون لصالحهم، وإنها شهدت زيادة في التصويت المبكر بين قطاعات مؤيدة لهاريس.

وقال توم بونييه، رئيس شركة التحليلات تارجت سمارت الديمقراطية، إن التصويت المبكر أظهر حماساً كبيراً بين المجموعات ذات الميول الديمقراطية، خاصة النساء، وقال إنه لا يوجد ما يشير إلى زيادة مماثلة بين الشباب، وهم هدف رئيسي لحملة ترامب.

فجوة بين الجنسين

قال مسؤولون في حملة ترامب إنهم يراقبون نتائج التصويت المبكر التي تُظهر زيادة المشاركة بين النساء مقابل الرجال، ولهذا المؤشر أهمية بالنظر إلى أن هاريس تقدمت على ترامب بنسبة 50 إلى 38 بالمئة بين الناخبات المسجلات، وفقاً لاستطلاع أجرته رويترز-إبسوس في أكتوبر تشرين الأول، بينما تقدم ترامب بين الرجال بنسبة 48 إلى 41 بالمئة.

وكتب إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم وأحد أبرز مؤيدي ترامب، في منشور على منصته إكس «يجب على الرجال التصويت!».

وأدلى أكثر من 77 مليون ناخب بأصواتهم بالفعل في التصويت المبكر، لكن الساعات المقبلة ستحدد ما إذا كانت حملة هاريس أو ترامب صاحبة الأداء الأفضل في حث المؤيدين على التوجه إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

حطم الناخبون، من الديمقراطيين والجمهوريين، أرقاماً قياسية عمرها قرن من الزمان في آخر انتخابين للرئاسة، ما يشير إلى الحماس الذي يثيره ترامب في تحرك الحزبين.

ولدى حملة ترامب عملية خاصة بها لحشد الأصوات، لكنها أوكلت فعلياً معظم العمل إلى مجموعة العمل السياسي الداعمة للرئيس السابق التي يمكنها جمع وإنفاق مبالغ غير محدودة من المال.

وركزت الحملة بشكل أكبر على الاتصال بالناخبين الذين لا يذهبون غالباً إلى صناديق الاقتراع، بدلاً من مناشدة الناخبين الذين يمكنهم التحول إلى أي من الجانبين.

والكثيرون في هذه الفئة من أنصار ترامب، لكنهم ليسوا ناخبين يمكن الاعتماد عليهم عادة.

ويقول ترامب وفريقه إنهم، بعد انتقاء الناخبين الذين يريدون الاتصال بهم، يرسلون مندوبين إلى الأماكن التي تُحدث فرقاً ويتخذون خيارات ذكية في الإنفاق.

التأثير على الأسواق حسب الخبراء

وبحسب مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة «بي دي سويس»، المهم للأسواق ليس فقط من سيفوز، بل من سيمتلك الأغلبية في الكونغرس.

وقال سلهب إن فوز ترامب مع أغلبية سيرفع الأسواق بشكل سريع، فيما لو فاز بدون أغلبية كاملة فسترتفع الأسواق ولكن بشكل محدود.

أما فوز كامالا هاريس فيعني تأثيراً سلبياً على الأسواق، حسب سلهب، خصوصاً إذا امتلكت أغلبية في الكونغرس، بسبب توجهها لوضع المزيد من الضرائب ووضع القيود على الشركات الضخمة.

وقال سلهب: «ترامب تفضله الأسواق بشكل عام لأنه سيسعى لخفض الضرائب وكذلك خفض أسعار الفائدة، لكن المخاطر في وصوله تكمن على المدى الطويل، بسبب الحروب التجارية والتعرفات الجمركية والسياسات الحمائية خصوصاً تجاه الصين».

بالمختصر، ترامب تأثيره إيجابي على الأسواق الأميركية والعالمية بشكل عام، أما هاريس فتأثيرها سلبي وسريع.

وبخصوص العملات المشفرة، قال سلهب إن وصول ترامب سيدفع البيتكوين إلى الارتفاع بشكل سريع بتأثير من تصريحاته الإيجابية، لكن كل هذا مرهون بعدم تغيير رأيه وسياساته، لكن وصول هاريس والديمقراطيين الذين يحاولون وضع المزيد من الرقابة والتشريعات، لا بد أنه سيهبط بالسوق.

وأكد أن الزخم الإيجابي للعملات المشفرة سيكون مرتبطاً بارتفاع شهية المخاطرة وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على الأصول عالية المخاطر، لكن علينا العلم أن أساسيات البيتكوين عموماً لا تعتمد فقط على العامل السياسي، ولو حصل ذلك بشكل مؤقت.