سجل مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة يوم الأربعاء، والذي يقيس معدل التضخم السنوي في أميركا، 2.6 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر تشرين الأول 2024، مرتفعاً من معدل سنوي بلغ 2.4 في المئة في سبتمبر أيلول، وفقاً لأحدث تقرير لمكتب إحصاءات العمل الأميركي.
وكان التجار والخبراء الاقتصاديون يتوقعون أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي، والذي يرصد التغيرات في الأسعار عبر السلع والخدمات، إلى 2.6 في المئة على أساس سنوي، مع ارتفاع قراءة المؤشر الأساسي، باستثناء أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، إلى 3.3 في المئة على أساس سنوي.
أما على أساس شهري، فارتفعت الأسعار بنسبة بنسبة 0.2 في المئة في أكتوبر تشرين الأول بأكثر من التوقعات التي أشارت إلى زيادة بنسبة 0.1 في المئة، وهي نفس الزيادة التي حدثت في كل من الأشهر الثلاثة السابقة، وفقاً لتقرير مكتب إحصاءات العمل.
افترض محللون أن استياء المواطنين الأميركيين من معدلات التضخم والزيادات المتراكمة في الأسعار على مدى السنوات القليلة الماضية لعب دوراً كبيراً في فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي، ومع فوز الحزب الجمهوري أيضاً بالسيطرة على الأغلبية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، فإن إبطاء نمو الزيادات في الأسعار ربما سيكون أولوية رئيسية على مدى السنوات الأربع المقبلة.
بالرغم من أن تقرير مؤشر أسعار المستهلك الصادر اليوم المتعلق بتغيرات الأسعار في أكتوبر تشرين الأول الماضي، فإن المتداولين يسعّرون فرصة بنسبة 50 إلى 50 لخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى في ديسمبر كانون الأول المقبل، وفقاً لأداة فيد ووتش.
يركز الاحتياطي الفيدرالي من الناحية الفنية على مقياس مختلف للتضخم، وهو مؤشر أسعار المستهلك الأساسي عند تحديد سياسته، ولكن بالنسبة للمتداولين، فإن تقرير مؤشر أسعار المستهلك مهم لأنه يوضح مساره الهبوطي على أساس سنوي من ذروته عام 2022 في الأشهر الأخيرة، على الرغم من ارتفاعه مرة أخرى إلى 2.6 في المئة هذا الشهر.
المخاطر التضخمية مع إعادة انتخاب ترامب
عندما كان كثيرون يحتفلون بالتعافي الاقتصادي الملحوظ من جائحة كوفيد في ربيع عام 2021، حذّر لاري سامرز، الخبير الاقتصادي الشهير ووزير الخزانة السابق، البيت الأبيض وبقية واشنطن من أن التضخم يشكّل خطراً حقيقياً.
وثبت أن هذا التحذير كان صحيحاً؛ إذ اجتاحت ارتفاعات الأسعار الاقتصاد الأميركي، وسحقت المستهلكين وأجبرت بنك الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في عقود، وأصبح التضخم القضية الأهم للناخبين وساعد على إعادة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
والآن، مع احتفال الكثيرين بالهزيمة الواضحة للتضخم على مدى الأشهر القليلة الماضية، يوجّه سامرز تحذيراً آخر إلى واشنطن.
حذّر سامرز يوم الثلاثاء من أن خطر التضخم لا يزال يلوح في الأفق، والأمر الأكثر دهشة هو أن تحذيره لا يأخذ حتى في الاعتبار ما يخشى أن يكون «أجندة تضخمية للغاية» من إدارة ترامب القادمة.. إذ قال سامرز خلال محادثة استضافها نادي نيويورك الاقتصادي «حكمي الخاص هو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي والأسواق لا يزالان يقللان من تقدير خطر اشتعال الأسواق.. وأسأل نفسي: لماذا يعد خفض أسعار الفائدة أولوية في هذه البيئة؟».
خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للاجتماع الثاني على التوالي، وأشار إلى أن المزيد من التخفيضات قد يكون في الطريق.
ولذلك أشار رئيس جامعة هارفارد السابق إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكرر «الخطأ العظيم» و«الضخم» لعام 2021 عندما كان متأخراً جداً في استجابته لارتفاع الأسعار برفع أسعار الفائدة.
وقال سامرز «أخشى أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي متأخراً أكثر فيما يتعلق بالمخاطر التضخمية».
بالطبع، لم تعد الأسعار ترتفع بشكل كبير كما كانت خلال الأشهر الأولى من إدارة بايدن، وانخفض نمو الوظائف بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، ولكن يمكن أن تساعد تخفيضات أسعار الفائدة على إعادة إشعال سوق العمل.
كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول زعم أن التضخم يسير على «مسار مستدام للعودة» إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المئة.. ومع ذلك، أقر باول خلال المؤتمر الصحفي بأن هناك حاجة إلى المزيد من العمل.. وقال «لم تنتهِ المهمة بشأن التضخم».
ومثل غيره من خبراء الاقتصاد، أعرب سامرز عن قلقه من أن وعود حملة الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد تعيد إشعال التضخم.
وقال سامرز «هناك خطر كبير جداً من أن يحاول الرئيس تنفيذ ما تحدث عنه.. وإذا فعل ذلك، فمن المرجّح أن تكون العواقب تضخماً أكبر بكثير مما أثارته الحوافز المفرطة لبايدن».
وحذّر سامرز على وجه الخصوص من أنه إذا تم استخدام التعريفات الجمركية بشكل عدواني، بدلاً من مجرد التهديد بها كوسيلة ضغط لإبرام صفقات تجارية، فستكون هناك «صدمة عرض كبيرة من ارتفاع الأسعار».
كما وعد ترامب بسن أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أميركا، وترحيل ملايين الأشخاص غير المسجلين.. وكثير منهم ضمن العمالة الأميركية.
وقال سامرز إنه في حين يجب بذل المزيد من الجهود لمعالجة مشكلة الحدود، فإن ترحيل ملايين العمال ينطوي على «خطر كبير يتمثل في نقص العمالة، وهو ما يشكّل بدوره قوة تضخمية».