تشهد صناعة الفخار التقليدية انتعاشاً جزئياً في قطاع غزة بعد تراجعها لسنوات، مع اضطرار الفلسطينيين إلى إيجاد حلول بديلة لتعويض النقص الحاد في الأطباق وأواني الطعام، في القطاع الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

وبعدما تراجعت في العقد الأخير، يبدو أن صناعة الفخار على الطريقة الفلسطينية التقليدية عادت إلى الظهور كبديل يسهل حياة النازحين قليلاً مع انعدام خيارات أخرى في المنطقة.

وكان حي «الفواخير» يضم عشرات الورش ومصانع الفخار قبل الحرب الأخيرة لكنها دُمرت كلها تقريباً في القتال المتواصل منذ أكثر من 13 شهراً.

صناعة الفخار تعود للحياة بقطاع غزة (أ ف ب)
صناعة الفخار تعود للحياة بقطاع غزة (أ ف ب)

ارتفاع الأسعار

أدت الحاجة المتزايدة للأواني الفخارية إلى ارتفاع كبير في الأسعار، ويقول عطاالله الذي نزح مع عائلته من مدينة غزة إلى دير البلح، لوكالة فرانس برس إنه يبيع كل قطعة فخار مقابل 10 شيكل (2.7 دولار)، أي أكثر بخمس مرات تقريباً عن سعرها قبل الحرب.

وكان قطاع غزة يخضع لحصار بري وجوي وبحري فرضته إسرائيل منذ عام 2007، إلا أن الوضع تدهور بشدة منذ اندلاع الحرب الفتاكة في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.

وتشير منظمات الإغاثة الدولية بانتظام إلى صعوبات كبيرة في إدخال السلع الشحيحة وتوزيعها في قطاع غزة بسبب القيود الإسرائيلية.

وتوقفت مصانع قطاع غزة عن الإنتاج بسبب الدمار الذي لحق ببعضها أو بسبب القتال، بينما أغلقت أخرى بسبب عدم توافر المواد الخام وانقطاع الكهرباء.

وتسببت الحرب بشلل القطاع الصناعي في غزة، بينما تكافح المستشفيات أيضاً للحصول على الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء لتوفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية.

بسبب نقص الأواني الفلسطينيون يلجؤون إلى الفخار (أ ف ب)
بسبب نقص الأواني الفلسطينيون يلجؤون إلى الفخار (أ ف ب)

ابتكارات في زمن الحرب

مع استمرار الحرب والنزوح المتكرر، تبدو الأمتعة التي يحملها الناس أقل، ونتيجة لحروب عدة، اعتاد سكان قطاع غزة ابتكار طرق ووسائل جديدة للتعويض عن الصعوبات من أجل الاستمرار، مثل اعتمادهم على الحمير في النقل وسط ندرة الوقود.

ودفعت الحرب كل سكان القطاع المدنيين تقريباً البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، للنزوح مرة واحدة على الأقل في خلال العام الماضي، وفقاً للأمم المتحدة، وبات أكثر من مليون ونصف المليون منهم يعيشون في خيام أو مراكز إيواء في مدارس تابعة لوكالة الأونروا وآلاف منهم على الأرصفة.

وبعد كل أمر يصدره الجيش الإسرائيلي بالإخلاء، ينطلق مئات الأشخاص على الطرقات، سيراً على الأقدام بغالبيتهم، وهم يحملون بعضاً من مقتنياتهم وبينها في غالب الأحيان أوانٍ من الألومنيوم أو البلاستيك.

وعلى الرغم من توفر الأواني المعدنية والمصنوعة من الألومنيوم والزجاج والخزف قبل اندلاع الحرب، فإن الكثير كانوا يحرصون على اقتناء الأواني الفخارية، إذ تفضّل بعض العائلات وعدد من المطاعم إعداد الأطعمة التقليدية فيها لأنها تحافظ على مذاق مميز.

ولكن بعد 13 شهراً منذ بدء الحرب لم تتبقَّ خيارات كثيرة فيما يخص الأطباق وأدوات المائدة، وفي الأسواق المقامة على جوانب الطريق، الخيار الآخر الوحيد المتاح بديلاً للفخار هي الصحون المخصصة لاستخدام واحد في حال توافرها.

ونظراً لتوقف شبكة توزيع المياه عن العمل بسبب الضرر الكبير اللاحق بها في قطاع غزة، أصبحت أواني الشرب الفخارية شائعة في الصيف لأنها تحافظ على المياه باردة وصالحة للشرب لفترة أطول، ويحصل النازحون على هذه المياه من نقاط قليلة توفرها منظمات إنسانية أو جمعيات خيرية محلية.

(أ ف ب)