وعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بخلق المزيد من الوظائف الأميركية وحماية الوظائف القائمة، ولكن العديد من مقترحاته والتغييرات السياسية المتوقعة تهدد بإحداث التأثير المعاكس لعدد كبير من الأميركيين العاملين.

لقد تعهد ترامب بترحيل جماعي للأشخاص الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وفرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الواردات، وغيرها من التعهدات المضرة ببعض الوظائف.

بالنسبة لبعض الصناعات، يمكن لسياساته أن تخلق المزيد من الوظائف، على سبيل المثال يمكن أن تساعد التعريفات الجمركية الأعلى في تعزيز وظائف التصنيع الأميركية إذا قررت المزيد من الشركات الانتقال لتصنيع سلعها داخل الولايات المتحدة لتجنب التكلفة الإضافية للاستيراد.

قال متحدث باسم فريق انتقال ترامب لشبكة سي إن إن في بيان إن ترامب ملتزم بتكرار «نجاحات ولايته الأولى»، بما في ذلك «نمو الوظائف التاريخي للأميركيين العاديين».

كان معدل البطالة في الولايات المتحدة منخفضاً لمستوى تاريخي معظم فترة ولاية ترامب الأولى، ولكن الاقتصاد خسر ملايين الوظائف أثناء الوباء، ونتيجة لذلك عندما غادر ترامب البيت الأبيض، كان عدد الأميركيين العاملين أقل مقارنة بوقت وصوله.

مع ذلك حتى مع إمكانية توسع بعض الصناعات في ظل ولاية ترامب الثانية، فقد تضطر العديد من الصناعات الأخرى إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال نتيجة للسياسات الجديدة المحتملة.

النفط والغاز

قال هاري هولزر، أستاذ السياسات العامة في جامعة جورج تاون، إن أي مؤسسة مرتبطة بتصدير السلع إلى دول أخرى قد تضطر إلى تسريح العمال إذا نفذ ترامب تهديدات التعريفات الجمركية التي أطلقها، وهذا يرجع إلى أن الدول المتضررة ستنتقم عبر فرض تعريفات جمركية مماثلة على السلع الأميركية.

مع كون النفط هو السلعة المُصدرة الأولى للبلاد، وفقاً لبيانات التجارة الفيدرالية لعام 2023، فمن المرجح أن يحتاج أصحاب العمل في هذه الصناعة إلى خفض عدد العمال إذا فرضت دول أخرى رسوماً جمركية انتقامية على السلع الأميركية.

وبالمثل، قد يكون العمال المشاركون في إنتاج المواد الكيميائية والسيارات وقطع غيار النقل والإلكترونيات معرضين للخطر، نظراً لأن هذه أيضاً من بين السلع الرئيسية التي تصدرها الولايات المتحدة، كما قال هولزر، الذي شغل سابقاً منصب كبير الاقتصاديين في وزارة العمل.

الحكومة الفيدرالية

أعرب إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، اللذان يقودان الجهود الرامية إلى تقليص الإنفاق الحكومي من خلال وزارة كفاءة الحكومة التي شكلها ترامب حديثاً، عن دعمهما لطرد جزء من موظفي الحكومة الفيدرالية.

ونشر ماسك مؤخراً على موقع «إكس» منشوراً يكشف عن أشخاص يشغلون مناصب حكومية مرتبطة بالمناخ يعتقد أنه يجب إلغاؤها.

قال ماسك ورامسوامي في مقال رأي نُشر مؤخراً في صحيفة وول ستريت جورنال «سيتناسب عدد الموظفين الفيدراليين الذين سيتم التخلص منهم مع عدد اللوائح الفيدرالية التي سيتم إلغاؤها».

من وجهة نظر هولزر، فإن العاملين في وزارة العدل ووزارة التعليم (التي دعا ترامب إلى إلغائها بالكامل) لديهم الكثير مما يخشونه، على عكس العاملين المشاركين في الوكالات المرتبطة بالدفاع.

الطاقة الخضراء

قال هولزر إن ترامب، المتشكك في ظاهرة تغير المناخ، من المرجح أن يتراجع عن بعض مبادرات الطاقة الخضراء التي وضعتها إدارة بايدن، وقد يشمل ذلك تقليص الحوافز الضريبية والمنح للشركات التي تنتج المركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم أيون، وأصبحت كلتا الصناعتين تعتمدان على الاستثمارات الفيدرالية، وبدون هذه الاستثمارات سيتم الاستغناء عن كثير من العمال.

على سبيل المثال، أعلنت وزارة الطاقة الشهر الماضي عن التزامها بتقديم قرض مشروط بقيمة 6.6 مليار دولار لشركة ريفيان، الناشئة في مجال السيارات الكهربائية، ولكن راماسوامي قال إن هذا القرض وغيره من القروض المماثلة «على رأس قائمة العناصر» التي سيسعى إلى إلغائها.

كانت تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، قد تلقت قرضاً مماثلاً من وزارة الطاقة بقيمة 465 مليون دولار في عام 2010، ما منحها التمويل الذي تحتاج إليه بشدة قبل أول بيع عام لأسهمها.

ترحيل جماعي

إذا أقر ترامب الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، فمن المرجح أن يتسبب ذلك في نقص كبير في العمالة في صناعات مثل البناء والزراعة والضيافة التي تعتمد بشكل كبير عليهم.

وقال الخبير الاقتصادي جياكومو سانتانجلو، من مونستر، إن الخسارة المحتملة لملايين العمال في الولايات المتحدة تعني أن الشركات في جميع أنحاء البلاد قد تشهد انخفاضاً كبيراً في الإيرادات نتيجة توقف استهلاك هؤلاء العمال، ما يؤدي بعد ذلك إلى قيام شريحة واسعة من الشركات بتسريح العمال الأميركيين أنفسهم.

علاوة على ذلك، قد تتدهور الصحة العامة للاقتصاد الوطني مع توقعات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض ​​​​بشكل حاد إذا حدثت عمليات ترحيل جماعي، ما يمكن أن يؤدي بالاقتصاد إلى الركود.

وبشكل غير مباشر ستتسبب سياسات التعريفة الجمركية المرتفعة وترحيل المهاجرين في ارتفاع التضخم، لذا صرح سانتانجلو لشبكة سي إن إن «في مواجهة التضخم، سيتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، وهذا من شأنه أن يفرض ضغوطاً كبيرة على الشركات الصغيرة، التي توظف نصف القوى العاملة في أميركا، لأنها شديدة الحساسية لزيادة تكلفة الاقتراض، وبالتالي ستقوم بتسريح جزء من العمالة أيضاً».