مع تصاعد الأحداث المناخية المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط، بات من الضروري طرح تساؤل جوهري وهو: ما الثمن الاقتصادي الذي تدفعه المنطقة نتيجة تغيّر المناخ؟ وما الأثر غير المباشر لهذه الظواهر على الاستثمارات في الأمن الغذائي والزراعة؟ في الوقت ذاته، نجد بعض الدول مثل الإمارات تضع نموذجاً يحتذى في القدرة على التكيّف من خلال سياسات الاستدامة المتقدمة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
أحداث مناخية متطرفة تهدد الاقتصادات الزراعية
شهد الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة زيادة غير مسبوقة في الظواهر المناخية الحادة، مثل موجات حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية في الخليج، ونقص شديد في المياه الجوفية، وعواصف ترابية أدّت إلى توقف النشاط الزراعي في العراق وسوريا فترات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن الأردن والعراق ومصر معرضة لخسارة تصل إلى 6 في المئة من ناتجها المحلي بحلول عام 2050 فقط بسبب انخفاض إنتاجية العمل الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة.
في الإطار نفسه، نجد أن الخسائر الاقتصادية الزراعية في مصر بلغت نحو 1.3 مليار دولار خلال العقد الماضي نتيجة لتقلّب درجات الحرارة وموجات الجفاف.
خسائر مباشرة وغير مباشرة لتغيّر المناخ عالمياً
بشكلٍ عام، تشير هذه التقديرات إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض ستكون الأشد تضرراً من الكوارث المناخية في حال استمر المسار الحالي البطيء في التحوّل دون اتخاذ إجراءات تكيّف فعّالة.
فقد تصل الخسائر المحتملة إلى نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتلك البلدان بحلول عام 2050، وهي نسبة تهدد الأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي بشكلٍ خطير.
وتبرز موجات الحر الشديدة وإجهاد المياه باعتبارهما أكبر مصدرين للخطر، بنسبة خسائر تصل إلى 4.7 في المئة و3.2 في المئة من الناتج المحلي، على التوالي.
بجانب الخسائر الاقتصادية، نجد التغيّر المناخي قد يُحدِث خسائر من نوع آخر قد تمس كلَّ ما هو محيط بالانسان.
ولا تتوقف الخسائر عند الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى خسائر بيئة حقيقية؛ إذ تُعدُّ الغابات من أهم «رؤوس الأموال الطبيعية» التي تسهم في تنظيم المناخ وتخزين الكربون ودعم التنوع البيولوجي وتوفير سلع وخدمات اقتصادية لملايين البشر، لا سيما في الدول النامية.
فمثلاً على سبيل المثال لا الحصر، عام 2023، فُقد ما يقرب من تسعة ملايين هكتار من الغطاء الشجري بسبب حرائق الغابات وحدها.
وفي العام نفسه، بلغت المساحة الإجمالية لفقدان الغطاء الشجري الناتج عن الحرائق بأنواعها، بما في ذلك الحرائق الطبيعية وتلك المرتبطة بإزالة الأشجار لأغراض الزراعة، نحو 11.9 مليون هكتار، وذلك بالطبع أدّى إلى تأثير سلاسل الإمداد والغذاء.
عام 2023، تضرر نحو 32 مليون شخص حول العالم بسبب الفيضانات، ويشمل ذلك من أُصيبوا أو فقدوا منازلهم.
وقد ظل هذا الرقم مستقراً نسبياً في السنوات الأخيرة، ويمثّل انخفاضاً بنحو 89 في المئة مقارنة بذروة الثلاثين عاماً الماضية التي سُجلت عام 1998، إذ تأثر حينها أكثر من 293 مليون شخص.
وذلك نتيجة فيضانات كارثية اجتاحت الصين، الأسوأ منذ أكثر من 44 عاماً، بالإضافة إلى ما يُعرف تاريخياً بفيضانات تكساس في أكتوبر 1998 في الولايات المتحدة.
انبعاثات تاريخية متصاعدة.. والشرق الأوسط في قلب الحدث
تشير البيانات إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في منطقة الشرق الأوسط ارتفعت من 132 مليون طن في 1965 إلى أكثر من 1,600 مليون طن في السنوات الأخيرة، أي بزيادة تفوق 1100 في المئة خلال خمسة عقود، وهي من أعلى معدلات النمو عالمياً.. يعود ذلك إلى الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري، وغياب شبكات طاقة خضراء فعالة.
رغم أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ ما زالت تحتل المرتبة الأولى من حيث إجمالي الانبعاثات، فإن معدلات النمو النسبي في المنطقة العربية تفوق المعدلات العالمية خصوصاً في الدول النفطية غير المنوّعة اقتصادياً.
يمكن التحول الدراماتيكي الأبرز ملاحظته في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت عام 1965 الأقل انبعاثاً للكربون بين المناطق كلها (بنحو 132 مليون طن فقط)، لتتحول بحلول عام 2023 إلى رابع أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، بإجمالي تجاوز 2.25 مليار طن.
يُعزى هذا النمو الحاد، أكثر من 17 ضعفاً خلال أقل من 60 سنة، إلى الطفرة النفطية وتسارع التوسع الصناعي والعمراني في دول الخليج، إضافة إلى الاعتماد الكبير على الطاقة الأحفورية منخفضة الكفاءة.
تُظهر السلسلة الزمنية من عام 1965 إلى 2023 أن آسيا والمحيط الهادئ شهدت أسرع نمو في الانبعاثات، فقد تضاعفت انبعاثاتها من نحو 1.4 مليار طن إلى نحو 18.9 مليار طن خلال تلك الفترة، أي بزيادة تفوق 13 ضعفاً.
هذا يعكس انتقال مركز الثقل الصناعي العالمي نحو الشرق، ويدق ناقوس الخطر بشأن استدامة هذا النمو في غياب سياسات مناخية فعالة.
الزراعة والغذاء.. قطاع في مرمى النيران المناخية
وتُظهر تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن أكثر من 85 في المئة من موارد المياه العذبة بالمنطقة تستهلكها الزراعة، بينما تقتصر حصة الفرد من المياه على نحو 10 في المئة من المتوسط العالمي، ما يجعل أي تقلب مناخي، كالجفاف أو نقص الأمطار، ينعكس سريعاً على الإنتاج الزراعي والغذائي.
وكنتيجة لذلك، باتت
أسعار الغذاء ونسب الفقر الغذائي في المنطقة تتأثر مباشرة بتكرار الكوارث المناخية.
تعتبر الزراعة في الشرق الأوسط تواجه معضلة مناخية واضحة، فوفقاً للآثار البيئية لكوفيد-19، بناءً على مجموعة من التحليلات والتقارير لاحظنا خلال فترة الإغلاق تحسناً مؤقتاً في جودة الهواء، ما يدل على أثر النشاط البشري الصناعي والنقل في تدهور البيئة. ومع عودة النشاط، ارتفعت الانبعاثات بسرعة، ما ينبئ بعدم استدامة النمط القائم.
في هذا السياق، تواجه الدول العربية تحديات في فقدان التنوع البيولوجي، تآكل التربة الزراعية، تقلب إنتاج المحاصيل، ونقص الاستثمارات في التكنولوجيا الزراعية الذكية مناخياً.
الزراعة واقتصادات الشرق الأوسط
تعتمد اقتصادات الشرق الأوسط بدرجات متفاوتة على الزراعة مصدراً للدخل والعمالة، لكن تغيّر المناخ يهدد تلك القطاعات.
على سبيل المثال، تُشكّل الزراعة نحو 11.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر وتؤمّن نحو 57 في المئة من فرص العمل بالمناطق الريفية.
إلّا أن توقعات هيئة الغذاء العالمي تشير إلى أن ارتفاع الحرارة قد يخفّض الإنتاج الزراعي في صعيد مصر بنسبة لا تقل عن 30 في المئة بحلول عام 2040.
كما يؤثّر الجفاف المتكرر وتداخل مياه البحر في دلتا النيل في مزارع القمح والخضراوات، ما يدفع مصر إلى توسيع استيراد السلع الأساسية.
وأظهرت مصر مثلاً جهوداً لتعزيز الإنتاج المحلي كتحويل الصحاري للزراعة، لكن الضغط السكاني المتنامي من 97 مليون نسمة إلى نحو 118 مليون بحلول 2050، يجعل من الصعب تلبية الطلب المحلي دون اعتماد متزايد على الواردات.
أمّا في العراق، فقد أدّى تضاؤل التصريف النهري نتيجة بناء سدود في دول الجوار إلى فقدان نحو 70 في المئة من المياه العذبة الضرورية للري.
تمثّل الزراعة نحو 5 في المئة فقط من إجمالي الاقتصاد العراقي لكنها حيوية للأمن الغذائي.
ومع تزايد درجات الحرارة بمتوسط 0.48 درجة مئوية لكل عقدة منذ 2000، معدل أعلى من المتوسط العالمي، وتزايد الفيضانات والجفاف، يتصاعد ضغط المناخ على محاصيل العراق ومحطات الطاقة التي تستخدم المياه للتبريد.
هذا يفاقم هشاشة الاقتصاد المعتمد على النفط ويزيد فاتورة الغذاء في بلد يشهد نمواً سكانياً سريعاً.
في دول الخليج أيضاً، تتفاقم المخاطر الزراعية بفعل التغير المناخي؛ فمعظم هذه الدول تعتمد على الواردات الغذائية بنسبة تصل إلى 85 في المئة، ما يجعلها شديدة الانكشاف لأي اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، سواء كانت ناتجة عن كوارث مناخية، صدمات في أسعار الطاقة، أو أزمات لوجستية دولية.
ومع ندرة الموارد الطبيعية، خصوصاً شُح الأراضي الزراعية والمياه العذبة، تتجه دول الخليج نحو تعزيز الاكتفاء الغذائي الجزئي عبر توطين التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة المائية (الهيدروبونيك) والزراعة العمودية داخل البيئات المغلقة، بهدف رفع الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الخارج.
ومع أن هذه المبادرات لا تزال في مراحلها الأولى، إلّا أنها تعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الزراعية الخليجية نحو نماذج أكثر استدامة ومرونة في مواجهة صدمات المناخ العالمي.
يُعتبر مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون (CCE) أحد الأدوات التحليلية المهمة لقياس مدى توافق الصناعات الوطنية، وخاصة في الدول النفطية، مع مسار اتفاق باريس للمناخ، من خلال تقييم الأداء البيئي في خمسة محاور أساسية تشمل كثافة الانبعاثات، الكفاءة الصناعية، والتزام السياسات.
عام 2021، أظهرت دول مجلس التعاون الخليجي تفاوتاً ملحوظاً في الأداء، حيث تصدرت المملكة العربية السعودية نتائج معظم المؤشرات، في حين أظهرت بعض الدول مثل الإمارات وقطر أداءً جيداً في مجالات فنية معينة، لكنها تراجعت في جوانب السياسات والحوكمة المناخية.
الإمارات نموذجاً للتكيُّف المناخي والاستثماري
رغم التحديات الإقليمية، تبرز دولة الإمارات نموذجاً اقتصادياً متأقلماً ومستداماً، إذ استثمرت في الزراعة المائية وتحلية المياه بالطاقة الشمسية وإعادة تدوير المياه للري، إلى جانب إطلاق «استراتيجية الأمن الغذائي الوطني 2051»، واستقطاب استثمارات في تكنولوجيا الأغذية، وتضمين الحوافز الخضراء في السياسات الاقتصادية.
في 2024، أُنشئت «وادي التقنية الغذائية» وبدأت بناء مزارع عمودية ذكية gigafarm تنتج 3 ملايين كلغ سنوياً من الخضراوات على مساحة 80 ألف متر مربع، تعوّض 1 في المئة من واردات الغذاء، مع إعادة تدوير النفايات.
كما أسهمت الإمارات بـ20 مليون دولار في منصة استثمار إقليمية لتقنيات الزراعة الصحراوية، ضمن شراكات تشمل الكويت والبحرين وعُمان ومصر، في مشاريع لتحلية المياه والطاقة النظيفة للزراعة الصحراوية.
كما قادت الإمارات والولايات المتحدة مبادرة AIM4C التي جمعت أكثر من 17 مليار دولار لمشاريع الزراعة المناخية. وخلال «كوب28» في دبي، أُطلقت «أجندة المناخ والزراعة» بقيمة 500 مليون دولار لدعم الزراعة المستدامة، إلى جانب صندوق بـ33 مليون دولار لدعم ابتكارات تقاطع الغذاء والطاقة والماء في لبنان ومصر والأردن.
وفي إطار الشراكات، تعمل
السعودية على توطين 85 في من تصنيع الغذاء بحلول 2030 مع شركات مثل AeroFarms، فيما تبني عُمان مدينة زراعية (سهم الزراعية) بـ4.2 مليارات دولار. أطلقت البحرين برامج لتدريب المزارعين والاستثمار في الزراعة المستدامة.
وأعلنت الإمارات أيضاً، من الدول القليلة التي تبنت «التعافي الأخضر» بعد الجائحة، التزامها بالحياد الكربوني 2050، مع مشاريع للطاقة المتجددة مثل محطة شمس، كما تبنت «الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة»، وتحتضن مشاريع زراعية مبتكرة تشمل مزارع عمودية في دبي وأبوظبي، ورياً ذكياً في الفجيرة، واستزراعاً بالمياه المالحة.
في مجال البناء الأخضر، برزت الإمارات دولة رائدة في تطبيق معايير الاستدامة في المباني، إذ تبنت أنظمة «الريادة في الطاقة والتصميم البيئي» (LEED) في العديد من منشآتها، وتُعد من أولى الدول العربية في اعتماد الأبنية الخضراء، بهدف تقليل البصمة الكربونية وتوفير الطاقة والمياه. يُشكل ذلك جزءً من استراتيجيتها لربط التنمية العمرانية بالأهداف البيئية طويلة الأمد.
بذلك، تجمع الإمارات بين الأمن الغذائي، الابتكار الزراعي، والطاقة المتجددة، والعمارة المستدامة، لتقديم نموذج إقليمي متقدم للتكيف المناخي والتنمية الاقتصادية الخضراء.
استشراف المستقبل الاقتصادي للمناخ في الشرق الأوسط
تواجه الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط، من الخليج إلى
مصر والعراق، تحدياً مزدوجاً: التأقلم مع ظروف مناخية قاسية والانتقال نحو اقتصاد أخضر أقل عرضة للصدمات الخارجية.
فالكوارث المناخية المتكررة، حَرّ وجفاف في
منطقة الخليج وموجات فيضانات في مصر والعراق، تضغط على الإنتاج وتدفع الحكومات لتعزيز الإنفاق على البنى التحتية الزراعية مثل السدود وتحلية المياه وتطوير المحاصيل المقاومة للجفاف.
وقدّرت دراسات البنك الدولي أن الظروف المناخية المتطرفة قد تكلف دول المنطقة خسائر تبلغ نحو 6 في المئة من الناتج المحلي بحلول منتصف القرن إذا لم يُتخذ إجراء، بينما يكمن الأمل في أن يؤدي التحول للتقنيات النظيفة والاستثمار في الزراعة المستدامة إلى تحفيز النمو وتقليل الخسائر.
إن النظرة المستقبلية تدعو إلى اعتراف صانعي القرار في المنطقة بالحلول الشاملة بتطوير الأسواق المحلية، وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، وزيادة الشراكة مع القطاع الخاص في القطاعات الخضراء والزراعية.
وفي حال النجاح في ذلك، يمكن للدول العربية أن تحوّل مخاطر المناخ إلى فرص تنموية تضمن أمنها الغذائي وتقودها نحو مسارات نمو جديدة ومستدامة.
نحو سياسة إقليمية خضراء واستثمارات مستدامة
استناداً إلى التجارب المستخلصة من جائحة كوفيد-19، والبيانات المنشورة من مختلف القطاعات، نجد أن انبعاثات قطاع النقل انخفضت بنسبة 26 في المئة عالمياً في 2020، لكنها عادت للارتفاع في 2021.
كما أن مستويات التلوث في المدن الكبرى تحسنت مؤقتاً بنسبة تصل إلى 60 في المئة في بعض المناطق مثل دلهي وووهان، ولكن مستويات ثاني أكسيد الكربون عادت لتسجّل رقماً قياسياً عند 414 جزءاً في المليون عام 2020.
هذا يوضح أن الحل لا يكمن في التوقف المؤقت، بل في إعادة تصميم الاقتصاد نحو الاستدامة، وخصوصاً في القطاعات ذات التأثير المناخي الكبير مثل الزراعة والطاقة والنقل.
تستلزم التحديات المناخية المتفاقمة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في القطاعات الزراعية والغذائية، تبنّي نهجٍ إقليمي موحّد يعزّز القدرة على التكيّف ويحدّ من الخسائر الاقتصادية.
من هنا، تبرز الحاجة المُلحّة إلى تفعيل أنظمة الإنذار المبكر للكوارث المناخية، بما يُسهم في تقليل المفاجآت المناخية وتأمين سلاسل الإمداد الزراعية في لحظات الاختلال.
إلى جانب ذلك، يجب ضخّ استثمارات واسعة في تقنيات الزراعة الذكية المتكيفة مع تغيّر المناخ، بما في ذلك نظم الري الحديثة والطاقة المتجددة في الإنتاج الزراعي، ما يساعد على توسيع الرقعة الخضراء وتحسين كفاءة استخدام الموارد النادرة، وعلى رأسها المياه.
كما يتعيّن على الحكومات وضع أطر تمويلية مرنة ومحفزة تجتذب المستثمرين إلى قطاعات الزراعة المستدامة والتصنيع الغذائي الأخضر، سواء عبر الإعفاءات الضريبية أو تقديم ضمانات ائتمانية طويلة الأجل.
ولا يكتمل هذا المسار إلّا بتعزيز التكامل الإقليمي في إنتاج وتوزيع الغذاء والمياه، بما يقلّص الفجوات بين الدول، ويوسّع من الهياكل الإنتاجية المشتركة، ويقلّل الهشاشة أمام الأزمات المناخية العابرة للحدود.
إن تغير المناخ لم يعد مجرد تهديد بيئي، بل تحوّلاً إلى عنصر محوري في معادلة الاستقرار الاقتصادي. والشرق الأوسط، رغم هشاشته المناخية، يمتلك فرصة حقيقية لتغيير المعادلة إذا ما استثمر في «اقتصاد مناخي مرن».