تغير المناخ يفاقم موجات الحر بأوروبا ويتسبب في آلاف الوفيات

التغير المناخي يرفع حرارة موجة أوروبا القاتلة (شترستوك)
التغير المناخي يرفع حرارة موجة أوروبا القاتلة
التغير المناخي يرفع حرارة موجة أوروبا القاتلة (شترستوك)

قال علماء، يوم الأربعاء، إن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري جعل موجة الحر الأخيرة التي اجتاحت أوروبا أكثر حرارة بما يصل إلى 4 درجات مئوية في العديد من المدن، ما دفع بدرجات الحرارة إلى مستويات خطرة أودت بحياة الآلاف من الفئات الضعيفة.

ومن المرجّح أن ذلك أدى إلى عدد أكبر بكثير من الوفيات المرتبطة بالحرارة مقارنة بما كان سيحدث لولا تأثير الاحتباس الحراري، وفقاً لدراسة سريعة أعدّها أكثر من عشرة باحثين من خمس مؤسسات أوروبية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

تحليل 12 مدينة أوروبية في ذروة الحر

تطرقت الدراسة إلى 12 مدينة أوروبية بين 23 يونيو و2 يوليو، إذ شهدت موجة الحر المبكرة ارتفاعاً في درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية في بعض المناطق، ما أدى إلى إطلاق تحذيرات صحية واسعة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وأفاد مرصد المناخ الأوروبي «كوبرنيكوس»، الأربعاء، بأن يونيو الماضي كان الأشد حرارة في تاريخ أوروبا الغربية، إذ أغلقت بعض المدارس والمواقع السياحية بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

الموجة كانت ستكون أبرد بـ2 إلى 4 درجات

قارن العلماء بين شدة الموجة الحالية وموجة حر مماثلة في عالم لم يتأثر بالاحتباس الحراري الناجم عن احتراق الوقود الأحفوري.

وأظهرت البيانات المناخية أن الموجة الحالية كانت ستصبح أبرد بـ2 إلى 4 درجات مئوية في 11 من أصل 12 مدينة جرى تحليلها.

وهذا الارتفاع الإضافي في الحرارة زاد من خطورة الأوضاع الصحية في هذه المدن، التي تضم أكثر من 30 مليون نسمة وتشمل عواصم كبرى مثل باريس ولندن وروما ومدريد.

وقال بن كلارك، المؤلف الرئيسي للدراسة من كلية إمبريال كوليدج لندن: هذا يضع مجموعات معينة من الناس في منطقة أكثر خطورة.

وأضاف: بالنسبة للبعض، لا تزال الأجواء مجرد طقس دافئ لطيف، لكن بالنسبة لقطاع كبير من السكان، باتت أكثر خطورة.

تقدير عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة

لأول مرة، سعى العلماء لتقدير عدد الوفيات الناتجة عن الحرارة باستخدام نماذج وبائية وطرق نسب التأثير المناخي.

وقدّرت الدراسة، التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، أن نحو 2,300 شخص لقوا حتفهم خلال الأيام العشرة التي تم تحليلها في 12 مدينة.

وقال العلماء إن نحو 1,500 من هذه الوفيات، أي نحو ثلثي العدد، لم تكن لتحدث لولا أن تغيّر المناخ أدى إلى دفع درجات الحرارة إلى هذه المستويات الخطيرة.

وشدد الباحثون، من مؤسسات بحثية في المملكة المتحدة وهولندا والدنمارك وسويسرا، على أن هذا التقدير يمثل مجرد لقطة محدودة لموجة حر أوسع، في وقت لم تُصدر فيه السلطات بعد أرقاماً رسمية.

المدن أكثر عرضة للخطر وموجات الحر تهدد الفئات الأضعف

تُعدّ موجات الحر شديدة الخطورة على كبار السن والمرضى والأطفال الصغار والعاملين في الهواء الطلق وكل من يتعرض لدرجات حرارة مرتفعة لفترات طويلة دون فترات راحة.

وتتفاقم آثار الحرارة في المدن، حيث تمتص الطرق والمباني الحرارة، ما يجعل المناطق الحضرية أكثر سخونة من المناطق الريفية المحيطة بها.

وقالت كلوي بريميكومب، عالمة المناخ في الجمعية الملكية للأرصاد الجوية، والتي لم تشارك في الدراسة: من المحتمل أن تكون الدراسة قد قللت من عدد الوفيات لأنها لم تأخذ في الاعتبار تأثير البيئة المبنية.

ليالٍ استوائية وحصيلة قد ترتفع

أفاد «كوبرنيكوس» بأن أجزاء كبيرة من جنوب أوروبا شهدت ما يسمى بـ«الليالي الاستوائية» خلال موجة الحر، حيث لم تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل كافٍ للسماح للجسم بالتعافي.

وقال غاريفالوس كونستانتينوديس، محاضر في إمبريال كوليدج لندن، إن الزيادة بدرجتين أو أربع درجات فقط في حرارة موجة الحر قد تعني الفارق بين الحياة والموت لآلاف الأشخاص.

وأضاف: لهذا تُعرف موجات الحر بـ«القتلة الصامتين»، ومعظم الوفيات المرتبطة بالحر تحدث داخل المنازل والمستشفيات، ولا تُبلغ بها وسائل الإعلام عادة.

وتقول السلطات إن الأمر قد يستغرق أسابيع لحساب الحصيلة النهائية للوفيات المرتبطة بموجة الحر الأخيرة، فيما سبق لموجات مماثلة أن أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص في أوروبا خلال فصول الصيف الماضية.

(أ ف ب)