بدأت العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة على روسيا في تهديد هيمنة الدولار على تجارة النفط الدولية منذ عقود، إذ تمت تسوية معظم الصفقات مع الهند -أكبر مستقبل للخام الروسي المنقول بحراً- بالدولار، حسبما ذكرت وكالة «رويترز».
وتعتبر الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، وأصبحت روسيا المورد الرئيسي لها، بعد أن تخلت أوروبا عن إمدادات موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا الذي اندلعت شرارته الأولى في فبراير شباط 2022.
وفرض التحالف الأميركي – الأوروبي المناهض للحرب سقفاً لأسعار النفط الروسي في 5 ديسمبر كانون الأول، ما دفع العملاء الهنود لشراء معظم النفط الروسي بعملات غير الدولار، بما في ذلك الدرهم الإماراتي ومؤخراً الروبل الروسي.
ويعادل إجمالي المعاملات في الأشهر الثلاثة الماضية عدة مئات من ملايين الدولارات.
حظر النفط الروسي
واتفقت اقتصادات مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا على وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي أواخر العام الماضي، لمنع شركات الشحن الأوروبية من تداول خام موسكو ما لم يتم بيعه بسعر منخفض لحرمان الكرملين من عوائد الطاقة التي تستخدم في تمويل الحرب على كييف.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة، إن بعض التجار وشركتي الطاقة الروسيتين «غازبروم» و«روسنفت» يسعون للحصول على مدفوعات بعملات أخرى غير الدولار مقابل أنواع معينة من النفط الروسي تم بيعها في الأسابيع الأخيرة بما يزيد على 60 دولاراً للبرميل.
وتمثّل هذه المبيعات حصة صغيرة من إجمالي مبيعات روسيا للهند، ولا يبدو أنها تنتهك العقوبات، التي توقع المسؤولون والمحللون الأميركيون أن تتجنبها شركات الخدمات غير الغربية، مثل شركات الشحن والتأمين الروسية.
دعمت ثلاثة بنوك هندية بعض المعاملات، إذ تسعى موسكو إلى التخلي عن الدولار في تعاملاتها التجارية لتجنب العقوبات الغربية.
سداد المستحقات بالدرهم
لكن استمرار الدفع بالدرهم الإماراتي مقابل النفط الروسي قد يُصبح أكثر صعوبة بعد أن أضافت الولايات المتحدة وبريطانيا الشهر الماضي بنك «إم تي إس» الروسي ومقره أبوظبي إلى المؤسسات المالية الروسية على قائمة العقوبات بعد أن تلقى مدفوعات للنفط من عملاء هنود بغير الدولار.
وتواجه معظم البنوك الروسية عقوبات منذ الحرب الأوكرانية، لكن العملاء الهنود والموردين الروس مصممون على مواصلة تداول النفط الروسي.
تقويض الدولار
وقال دانيال آهن، كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الخارجية الأميركية، إن قوة الدولار لا مثيل لها، لكن العقوبات على قطاع الطاقة الروسي يمكن أن تقوض الأنظمة المالية للغرب بينما تفشل في تحقيق هدفها.
وتزامن سقف الأسعار مع حظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الروسي المنقولة بحراً، في نهاية عام من الحظر والعقوبات، بما في ذلك طرد روسيا إلى حد كبير من نظام المدفوعات العالمي «سويفت».
وجُمدت نحو نصف احتياطياتها من الذهب والعملات الأجنبية، والتي كانت قريبة من 640 مليار دولار.
ورداً على ذلك، أمرت روسيا العام الماضي دول الاتحاد الأوروبي «غير الصديقة» بدفع ثمن الغاز بالروبل.
وقالت جيتا جوبيناث، نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، في الشهر الذي تلا الغزو الروسي لأوكرانيا، إن العقوبات المفروضة على روسيا يمكن أن تقوض هيمنة الدولار من خلال تشجيع التكتلات التجارية الأصغر التي تستخدم عملات أخرى.
وتحتفظ روسيا بجزء من احتياطياتها من العملات باليوان الصيني بينما خفّضت الصين حيازاتها من الدولارات.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر أيلول، إن موسكو وافقت على بيع إمدادات الغاز إلى الصين مقابل اليوان والروبل بدلاً من الدولار.