وصل البشر إلى القمر، لكن عندما يتعلق الأمر باستكشاف أعماق الأرض فإننا لم نخدش سوى سطح الكوكب، ويبدو أن آبار الصين العميقة خطوة في طريق استكشاف عمق كوكب الأرض، فبعد مرور أقل من شهرين على إعلانها حفر أعمق بئر نفطية في آسيا، كشفت عن حفر بئر جديدة عميقة للغاية، بينما تكثف البلاد بحثها عن الموارد الطبيعية المخبأة على بعد عشرات الآلاف من الأقدام تحت الأرض.
بدأ المهندسون الصينيون، يوم الخميس، حفر بئر جديدة عميقة ستصل في النهاية إلى 10520 متراً (ما يعادل نحو 34514 قدماً) في الأرض في «حوض سيتشوان» في جنوب غرب الصين، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الصينية «تشينخوا».
ومن المتوقع أن يجد المهندسون احتياطياً للغاز الطبيعي، فالمنطقة تعتبر رئيسية لإنتاج الغاز.
كما توقعت شركة «بتروتشاينا ساوثويست» للنفط والغاز التابعة لشركة البترول الوطنية الصينية -إحدى أكبر شركات الطاقة المملوكة للدولة في الصين- التي تدير المشروع، أن تواجه مجموعة من التحديات «ذات المستوى العالمي» والتي يجب التغلب عليها أثناء الحفر.
من جهتها، أوضحت «تشينخوا» أن المشروع يهدف إلى استكشاف الموارد المدفونة بعمق، إضافة إلى تعزيز التقدم في التكنولوجيا المستخدمة في هذا القطاع وقدرة المعدات في هندسة النفط والغاز في الصين.
وقالت «إن الحفر سيكشف أسرار تطور تكوين الطبقات في الصين»، في إشارة إلى تكوين الأرض وترتيب طبقات الصخور بها في «حوض سيتشوان».
اهتمام صيني يتخطى استكشاف الأرض
يسمح الحفر العميق للعلماء بمعرفة المزيد حول كيفية تشكل الأرض، كجدول زمني جيولوجي أو الاطلاع على تكوين العالم. وهناك أيضاً حوافز تجارية واقتصادية قوية تتمثل في الاستفادة من احتياطيات الطاقة المربحة والمدفونة في الأعماق، وهذا ما يبدو أنه الهدف من آبار الصين العميقة.
يأتي مشروع «حوض سيتشوان» بعد أسابيع من إعلان شركة «سينوبك»، عملاق النفط الصيني وأكبر مورد للبتروكيماويات في البلاد، بدء حفر بئر عميقة أخرى منذ أسابيع مضت، وتخطط أن يبلغ عمقها 11100 متر من الأرض (ما يعادل 36417 قدماً)، ويقع هذا المشروع في «حوض تاريم» في منطقة شينجيانغ الخاضعة للحكم الذاتي في شمال غربي البلاد.
وتسعى الصين إلى الوصول إلى أعمق نقطة في الأرض، إذ وصفت وكالة «تشينخوا» مشروع «شينجيانغ»، بأنه «تلسكوب» في أعمق نهاية للأرض، بتصميمه الذي يبلغ وزنه ألفي طن والمكلف باختراق أكثر من عشر طبقات قارية، ويمكن لجهاز الحفر أن يتحمل مئتي درجة مئوية، ويفوق الضغط الجوي بأكثر من 1700 مرة.
وبهذا، فإن المشروعين تتولاهما تكتلات نفطية كبرى مملوكة للدولة، وفي حال إتمام حفر البئرين فإنهما سيكونان من ضمن أعمق الآبار التي صنعها الإنسان في العالم، لكن هاتين الشركتين تعطيان كل مشروع آفاقاً اقتصادية واسعة، وقد ينجم عنهما تنجمياً عن البترول والغاز في أعماق الصحراء الصينية، فذلك العمق يتجاوز الحدود الصخرية التي تكونت قبل ملايين السنوات، ومن الناحية النظرية فكل حوض غني بالبترول والغاز الطبيعي.
على الرغم من ذلك، فهما لن تكونا الأعمق على الإطلاق، إذ تحمل بئر كولا العميقة في شمال غربي روسيا هذا اللقب، وهي مشروع حفر علمي من الحقبة السوفيتية، استغرق إكماله عشرين عاماً، حتى يصل إلى 12262 متراً (ما يعادل 40229 قدماً).
الطاقة في الصين
على الرغم من انخفاض إنتاج الصين للنفط إلى نحو 8.29 مليون طن متري في فبراير شباط من العام الجاري، وفقاً لأحدث بيانات «ريفينيتيف»، فإنها عادت لتنتعش، محققة ارتفاعاً بلغ 27 مليون طن متري في يونيو حزيران الماضي.
تملك الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصدر لانبعاث الكربون في العالم، احتياطات ضخمة من الطاقة، إذ أعلن الزعيم الصيني شي جين بينغ أن أمن الطاقة في المستقبل يمثل أولوية للأمن القومي.
كما أصبحت الصين رائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة، إذ تعتمد على مضاعفة قدرتها على طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتحقيق أهدافها للطاقة النظيفة لعام 2030 قبل خمس سنوات، لكنها أيضاً أكبر مصدر للانبعاثات الدفيئة، مع استهلاكها الضخم من الفحم الذي ينظر إليه كأكبر مصدر للاحتباس الحراري.
(كريس لاو-CNN)