يواجه العالم معضلة ثلاثية جديدة في مجال الطاقة، والتي تتضمن الحاجة إلى إيجاد التوازن بين القدرة على تحمل التكاليف، والأمن، والاستدامة، من أجل تحقيق صافي الانبعاثات صِفر بحلول عام 2050.
ويشير أمن الطاقة إلى إمدادات الطاقة الموثوقة والميسورة التكلفة لتلبية احتياجات المجتمع والاقتصاد، بينما تشير الاستدامة إلى استخدام الطاقة بطريقة تقلل من التأثيرات البيئية وتحمي الموارد الطبيعية، وتعني القدرة على تحمل التكاليف إلى تكلفة الطاقة بالنسبة للمستهلكين والشركات.
هذه التحديات الثلاثة غالباً ما يتعارض بعضها مع البعض، على سبيل المثال، قد يؤدي السعي إلى تحقيق أمن الطاقة إلى زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو ما يمكن أن يكون له تأثيرات بيئية سلبية ويزيد من التكاليف على المدى الطويل.
وفي الوقت نفسه، قد يؤدي السعي إلى الاستدامة إلى ارتفاع تكلفة الطاقة، ما قد يجعلها بعيدة عن متناول المستهلكين ومكلفة للشركات.
وقال باتريك بويانيه، الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة الفرنسية توتال إنيرجيز، يوم الاثنين، خلال مؤتمر «أديبك الدولي للطاقة» في أبوظبي إنه يجب على المستهلكين أن يدركوا أن التحول في مجال الطاقة سيكون له تكلفة، ويجب على الحكومات إيجاد طريقة لجعل هذه الزيادة في الكلفة تدريجية.
وأضاف بوياني أن هذا التحول يعني أن المستهلكين سيدفعون المزيد مقابل الطاقة، «نحن نعتقد بقوة أن أسعار الكهرباء سوف ترتفع في المستقبل».
دور صناعة النفط والغاز في الانتقال إلى صافي الصفر
تتحمل صناعة النفط والغاز مسؤولية مساعدة العالم على الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون، وفقاً لكلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني، وقال ديسكالزي إن الصناعة تستثمر بالفعل في الطاقة المتجددة وغيرها من التقنيات الجديدة، وهي ملتزمة بالعمل مع الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين لتطوير مزيج الطاقة المستدامة.
ومع ذلك، أكد ديسكالزي للصحفيين يوم الاثنين على أننا «بحاجة إلى سعر يسمح لنا بالاستثمار ونحتاج إلى سعر لا يكون ضد المستهلكين وإلا فإنك تقلل من القدرة على الإنفاق، ومن ثم تدمر سوقك، لذلك نحن بحاجة إلى توازن الموقف».
معالجة تحديات معضلة الطاقة الثلاثية
هناك عدد من الطرق لمواجهة تحديات معضلة الطاقة الثلاثية وتحقيق انتقال ناجح إلى صافي الصفر، وتتمثل إحدى الخطوات المهمة في الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين كفاءة تكنولوجيات الطاقة المتجددة والقدرة على تحمل تكاليفها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات تنفيذ سياسات لدعم نشر الطاقة المتجددة، مثل تسعير الكربون وإعانات الطاقة المتجددة.
والخطوة المهمة الأخرى هي تطوير نظام طاقة مرن يمكنه دمج كميات كبيرة من الطاقة المتجددة، وقد يشمل ذلك الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة، مثل البطاريات، وتقنيات الشبكات الذكية التي يمكن أن تساعد في إدارة تقلب مصادر الطاقة المتجددة.
وأخيراً، من المهم التأكد من أن الانتقال إلى صافي الصفر بشكل عادل ومنصف، وهذا يعني ضمان تقاسم فوائد التحول على نطاق واسع، وعدم تحمل الفئات الضعيفة التكاليف بشكل غير متناسب.
استثمار شركات النفط والغاز الكبرى في التقنيات الجديدة والمشاريع المستدامة
تشكل معضلة الطاقة الثلاثية تحدياً معقداً، ولكنها تحدُّ لا بد من معالجته من أجل تحقيق صافي انبعاثات صِفر بحلول عام 2050. وتلعب صناعة النفط والغاز دوراً في الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية، وهو أمر مهم بالنسبة للشركات في مجال الطاقة لمواصلة الاستثمار في التقنيات الجديدة والمشاريع المستدامة.
أوضحت فيكي هولوب، الرئيسة التنفيذية لشركة أوكسيدنتال بتروليوم، أنه يمكن تحسين التكنولوجيا الجديدة اليوم، بوتيرة أسرع، «نظراً لحقيقة أنه يمكنك إنشاء توائم رقمية أثناء قيامك بذلك، فلدينا الكثير من القوة الحاسوبية مما كان لدينا في السابق، مثل الشركات الأخرى، بالنسبة للأشياء التي نريد تنفيذها، قمنا ببناء مصنع تجريبي؛ لذلك نحن بالفعل نقوم بتشغيل هذه التكنولوجيا اليوم، إنها مجرد مسألةوقت. نحن الآن نعمل على توسيع نطاقها وخفض منحنى التكلفة، وهو ما نقدر أنه سيحدث عاجلاً وليس آجلاً».
وقال وائل صوان الرئيس التنفيذي لشركة شل خلال مؤتمر الطاقة إن شل ليس لديها خطط لتغيير الاتجاه في استراتيجية شركة النفط الكبرى.
وقال «في نهاية المطاف، يحتاج المساهم إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت خيارات الطاقة منخفضة الكربون التي نطرحها أمامهم قابلة للاستثمار، ونحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على تغطية تكلفة رأس المال لدينا وتحقيق عائد لمساهمينا».