تواصل جماعة الحوثي اليمنية الحليفة لإيران استهدافها السفن المارة في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، في ما اعتبرته الجماعة وسيلة للإعراب عن دعمها للفلسطينيين في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، ما يثير القلق حول إمدادات النفط في المنطقة.

وفي أحدث هجماتها، اعترفت الجماعة يوم الثلاثاء بمسؤوليتها عن تنفيذ عملية عسكرية ضد ناقلة تجارية نرويجية في البحر الأحمر، وتعهد المتحدث باسم الجماعة بمواصلة منع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من العبور حتى تسمح إسرائيل بدخول المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة.

ونشر محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا لجماعة الحوثي اليمنية، عبر حسابه على منصة إكس نصائح للسفن العابرة في البحر الأحمر حتى تتجنب المخاطر، إذ حثها على عدم التوجه إلى الموانئ المحتلة بالأراضي الفلسطينية، وعدم إغلاق أجهزة المناداة، والاستجابة السريعة لأوامر البحرية اليمنية، وعدم تزوير الهوية ورفع أعلام غير أعلام الدولة المالكة.

.

هجمات الحوثيين الأخيرة

شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في هجمات الحوثيين على السفن العابرة بمضيق باب المندب رداً على الحرب واسعة النطاق التي يشنها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

ففي 19 نوفمبر تشرين الثاني، أعلنت إسرائيل أن الحوثيين استولوا على سفينة شحن مملوكة لبريطانيا وتديرها اليابان في جنوب البحر الأحمر.

وفي الثالث من ديسمبر كانون الأول، كشف الجيش الأميركي أن ثلاث سفن تجارية تعرضت لهجوم في المياه الدولية في جنوب البحر الأحمر، في الوقت الذي أعلن فيه الحوثيون مسؤوليتهم عن هجمات على سفينتين إسرائيليتين في المنطقة باستخدام صواريخ وطائرات بدون طيار.

وبعدها بأيام قليلة، وتحديداً في التاسع من ديسمبر كانون الأول، حذّر الحوثيون من أنهم سيستهدفون جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، وحذروا جميع شركات الشحن العالمية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.

وفي 12 ديسمبر كانون الأول، أعلن المتحدث باسم الحوثيين في اليمن أن الجماعة استهدفت الناقلة التجارية النرويجية (ستريندا).

وقال مسؤول أميركي لـ(رويترز) إن الهجوم وقع على بعد نحو 60 ميلاً بحرياً (111 كيلومتراً) شمالي مضيق باب المندب في نحو الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش.

ما أهمية مضيق باب المندب؟

باب المندب هو أحد المنافذ البحرية الحيوية في البحر الأحمر، إذ يقع في موضع استراتيجي بين اليمن في شبه الجزيرة العربية، وجيبوتي وإريتريا على الساحل الإفريقي، ويبلغ عرضه 18 ميلاً في أضيق نقطة له، ما يجعل حركة الناقلات أكثر صعوبة، لذلك يقتصر على قناتين فقط للشحنات الواردة والصادرة، تقسمهما جزيرة (بريم).

ويتمتع المضيق بأهمية تجارية وعسكرية كبيرة، إذ كان موضع الحصار البحري الذي فرضته مصر على إسرائيل في حرب السادس من أكتوبر تشرين الأول عام 1973.

ومع تكرار الهجمات الحوثية، تصدر المضيق عناوين الصحف مؤخراً باعتباره أحد أهم الشرايين التجارية في العالم لشحن السلع المنقولة بحراً، خاصة النفط الخام والوقود المتجه من منطقة الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد، بالإضافة إلى السلع المتجهة إلى آسيا، بما في ذلك النفط الروسي.

فوفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، مر 12 في المئة من إجمالي شحنات النفط المنقولة بحراً في النصف الأول من عام 2023 و8 في المئة من شحنات الغاز الطبيعي المسال عبر باب المندب وخط أنابيب سوميد وقناة السويس.

أسعار النفط بين نقص الإمدادات وفائض المعروض

تضيف هجمات الحوثيين على سفن الشحن المزيد من الغموض حول مستقبل أسعار النفط.، إذ تثير المخاوف حول اضطراب إمدادات الخام في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد قرار (أوبك بلس) الأخير بخفض إنتاجها بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2024، واستمرار كل من روسيا والسعودية في الخفض الطوعي لإنتاجهما النفطي.

لكن يبدو أن هذه المخاوف لم تنجح في دعم أسعار الخام الأسود، إذ انخفضت أسعار النفط بأكثر من 3 في المئة يوم الثلاثاء، لتصل إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر بسبب القلق من زيادة المعروض وضعف الطلب وتباطؤ النمو العالمي.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم فبراير شباط 2.79 دولار، أو 3.7 في المئة، إلى 73.24 دولار للبرميل يوم الثلاثاء، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم يناير كانون الثاني بـ2.71 دولار، أو 3.8 في المئة، إلى 68.61 دولار للبرميل.

ويرى المحللون أن ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي ويعكس صورة ضعيفة للطلب على النفط، كما توقعوا تباطؤ نمو الطلب العالمي على الخام في عام 2024.

وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لسعر خام برنت لعام 2024 بمقدار 10 دولارات للبرميل إلى 83 دولاراً للبرميل، مقابل تقدير نُشر الشهر الماضي عند 93 دولاراً للبرميل.

ومع ذلك، توقعت الإدارة أن يساعد خفض إمدادات (أوبك بلس) على رفع أسعار برنت في النصف الأول من عام 2024.