بلغت الانبعاثات العالمية من الطاقة مستوى قياسياً جديداً بنهاية عام 2023، مدفوعة بزيادة كبيرة للانبعاثات القادمة من الهند والصين، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية.

وأظهر التقرير الصادر يوم الجمعة، ارتفاع الانبعاثات الكربونية العالمية الخاصة بقطاع الطاقة بمقدار 410 ملايين طن، أو ما يعادل 1.1 في المئة، لتصل إلى 37.4 مليار طن بنهاية العام المنصرم.

ومع ذلك، تعتبر الزيادة المشهودة أقل من نظيرتها العام السابق البالغة 1.3 في المئة، وهو ما أرجعته وكالة الطاقة إلى التوسع في الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح والطاقة النووية والسيارات الكهربائية.

وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها «بدون تكنولوجيات الطاقة النظيفة، فإن الزيادة العالمية في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السنوات الخمس الماضية كانت لتصبح أكبر بثلاث مرات».

الدول المتقدمة.. الأدنى في خمسين عاماً

سجلت الانبعاثات الكربونية في الاقتصادات المتقدمة أدنى مستوياتها منذ عام 1973، إذ انخفضت بنسبة 4.5 في المئة إلى 10.4 غيغا طن، وهي أكبر نسبة انخفاض في انبعاثات الاقتصادات المتقدمة خارج فترة الركود.

وجاء ذلك بدعم من انخفاض انبعاثات الولايات المتحدة بنسبة 4.1 في المئة، مع هبوط انبعاثات الاتحاد الأوروبي نحو تسعة في المئة في 2023، بحسب تقرير الوكالة.

وكان قطاع الكهرباء المسؤول عما يقرب من ثلثي الانخفاض في انبعاثات الاقتصادات المتقدمة، إذ بلغ توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية 50 في المئة من إجمالي حجم توليد الكهرباء، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.

ومثلت مصادر الطاقة المتجددة وحدها حصة غير مسبوقة بلغت 34 في المئة، مقابل انخفاض حصة الفحم إلى مستوى تاريخي بلغ 17 في المئة، ما دفع الطلب على الفحم في الاقتصادات المتقدمة إلى مستوى لم نشهده منذ عام 1900 تقريباً باستثناء فترة الكساد الأعظم.

الدول النامية.. المساهم الأكبر

على جانب آخر، كانت الدول النامية هي المساهم الأكبر في الانبعاثات العالمية من قطاع الطاقة في عام 2023، بقيادة الهند والصين، مع زيادة بنسبة سبعة في المئة و5.2 في المئة على الترتيب.

ومع ذلك، في كلا البلدين -خاصة في الصين- كان التعافي الاقتصادي خلال الفترة التي تأثرت بجائحة كورونا وما بعدها سبباً في التأثير على استهلاك الطاقة إلى حد كبير، وفقاً لما ذكرته الطاقة الدولية.

3

وأرجعت الوكالة زيادة الانبعاثات إلى هيكل النمو الاقتصادي للبلدين بعد الجائحة، على سبيل المثال في الصين، ارتفعت حصة الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي إلى 45 في المئة في الفترة بين 2019 و2023، من 40 في المئة في الأربع سنوات السابقة، وكان الاستثمار المستمر في البنية التحتية والتصنيع والعقارات محركاً رئيسياً للنمو الصيني.

وفي حالة الهند، ارتفعت حصة الاستثمار في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 50 في المئة في الفترة بين 2019 و2023، من نحو 35 في المئة في السنوات الأربع السابقة، إذ دفعت الحكومة الاستثمار في البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها للتعويض عن الاستهلاك الأضعف نسبياً، ما تسبب في زيادة استهلاك الطاقة ومن ثم الانبعاثات الكربونية.

الفحم المتسبب الأكبر في الانبعاثات

أسهم الفحم إلى حد كبير في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في حقبة ما بعد الجائحة، بحسب وكالة الطاقة الدولية، إذ شكل الفحم نحو 70 في المئة من الزيادة في الانبعاثات العالمية الناتجة عن احتراق الطاقة في عام 2023 (+270 مليون طن).

وقادت الصين والهند زيادات كبيرة في الانبعاثات الناجمة عن احتراق الفحم، ولم يعوضها إلا انخفاض جزئي في الاقتصادات المتقدمة.

الهند تتخطى الاتحاد الأوروبي

تغيرت خريطة الانبعاثات الكربونية العالمية في عام 2023، لكن الصين تظل في الصدارة تليها الولايات المتحدة، مع انبعاثات بلغت 12.6 غيغا طن، و4.5 غيغا طن على الترتيب.

على جانب آخر، ارتفعت الهند إلى المركز الثالث ضمن أكبر دول العالم من الانبعاثات الكربونية لتتخطى الاتحاد الأوروبي، بينما جاءت اليابان في المرتبة الخامسة مع انبعاثات بلغت 1.0 غيغا طن.

5

وتعليقاً على هذه البيانات، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول إن «الوباء وأزمة الطاقة وعدم الاستقرار الجيوسياسي كلها عوامل يمكن أن تعرقل الجهود المبذولة لبناء أنظمة طاقة أنظف وأكثر أماناً، ومع ذلك رأينا العكس في العديد من الاقتصادات».

ودعا بيرول إلى بذل جهود أكبر لمساعدة الاقتصادات الناشئة على الاستثمار بشكل أكبر في الطاقة النظيفة خلال الأعوام المقبلة.