أجمع عدد من المحللين على ارتفاع أسعار النفط خلال الأيام القليلة المقبلة، مدعومة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية احتجاز الحرس الثوري الإيراني سفينة شحن مرتبطة بإسرائيل في مضيق هرمز يوم السبت، وذلك بعد أيام من تهديد طهران بإغلاق المضيق أمام حركة السفن.
وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا) الإيرانية أن الحرس الثوري احتجز سفينة شحن مرتبطة بإسرائيل في مضيق هرمز بعدما حطت طائرة هليكوبتر تابعة للحرس على السفينة إم.إس.سي أريس التي ترفع علم البرتغال وتوجهت بها إلى المياه الإقليمية الإيرانية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت عشرات الطائرات المسيرة على إسرائيل يوم السبت، لكنه أوضح أنها ستستغرق ساعات للوصول إلى أهدافها في هجوم قد يؤدي إلى تصعيد كبير بين العدوين الإقليميين، وسط تعهد الولايات المتحدة بدعم إسرائيل.
يأتي هذا الحادث وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط منذ بدء الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي.
وقال الشريك المؤسس لمركز أبحاث الاقتصاد البيئي ECERA، أندريه كوفاتاريو لـ«CNN الاقتصادية»، إن أسعار النفط تصعد بشكل واضح بفعل التوترات الجيوسياسية التي تتزايد في منطقة الشرق الأوسط، “لكن أسعار النفط خلال الأسبوع الحالي ستعتمد على ما سيحدث خلال الأيام القليلة، ما إذا كانت التوترات ستتصاعد، وإلى أي مستوى، ومع ذلك، هناك مقومات واضحة لزيادة الأسعار خلال الأيام المقبلة”.
من جانبه، يرى خبير الطاقة والرئيس التنفيذي لشركة رانادريل، شعيب بوطمين، إن أسعار النفط سترتفع في الساعات المقبلة، مضيفاً «هذا الارتفاع سيكون مرتبطاً بحجم التصعيد بين إيران وإسرائيل، ولكنه في الوقت نفسه مرتبط برد فعل الولايات المتحدة، وفي رأيي سوف يكبح هذا التصعيد لأن الخاسر الأول الولايات المتحدة والدول المستوردة للنفط، وبذلك سوف يوظفون كل الإمكانات للحد من ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية».
بوطيمن أوضح أن مضيق هرمز لديه أهمية أكبر من باب المندب؛ لأن نحو 20 في المئة من النفط العالمي ينقل عبر المضيق؛ لذا أي اضطرابات مجاورة له فهي تؤثر مباشرة على سوق النفط، معقباً «ما تقوم به إيران تريد منه أن تبين للعالم الأهمية الاستراتيجية للمضيق، وكيف أن لديها الوسائل كي تضغط على الإمدادات العالمية للنفط في حال زاد التصعيد».
أسعار النفط
وارتفعت أسعار النفط بنحو واحد في المئة خلال تعاملات يوم الجمعة بسبب التوتر الجيوسياسي بالشرق الأوسط، لكنه مُني بخسارة أسبوعية بفعل توقعات سلبية من وكالة الطاقة الدولية لنمو الطلب العالمي على الخام ومخاوف بشأن تباطؤ تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتاً مسجلة 90.45 دولار للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64 سنتاً إلى 85.66 دولار.
وتراجع برنت 0.8 في المئة على أساس أسبوعي مقابل انخفاض بأكثر من واحد في المئة للخام الأميركي.
وأسهمت المخاوف من رد إيراني محتمل على هجوم شنته طائرات حربية يشتبه أنها إسرائيلية على السفارة الإيرانية في دمشق بداية الشهر الحالي في دعم أسعار النفط التي اقتربت من أعلى مستوى في ستة أشهر هذا الأسبوع، على الرغم من عوامل مثبطة مثل زيادة المخزونات الأميركية.
وقال الباحث في الجغرافيا السياسية للطاقة فرانسيسكو ساسي، لـ«CNN الاقتصادية»، إنه يكاد يكون من المستحيل تقييم الآثار المترتبة على أسعار النفط نتيجة لاحتجاز قوات الحرس الثوري الإيراني السفينة، مضيفاً أن «الاستهداف المباشر للقوات الإسرائيلية أو المباني الدبلوماسية في الخارج بمثابة إجراء تصعيدي أصعب بكثير؛ ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط لأنه كان من الممكن توقع صراع أكبر في الشرق الأوسط».
التوترات الجيوسياسية ترفع الأسعار في مارس
قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إن الأسعار الفورية للنفط الخام ارتفعت في مارس آذار الماضي، مدعومة بالارتفاع في أسعار العقود الآجلة الناتج عن تحسن المعنويات بشأن النفط، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المستمرة حالياً.
وتضيف المنظمة أن المتداولين في أسواق النفط قيموا احتمالات انقطاع العرض أو توقف تدفق إنتاج النفط في بعض المناطق المنتجة الرئيسية، نتيجة التوترات الجيوسياسية وأن ذلك هو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
توقعات الطلب على النفط
وأضافت المنظمة في تقريرها الشهري أن انتعاش الطلب على النفط الخام من المصافي، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، يعد من مؤشرات زيادة الطلب القوية خلال الربع الثاني من العام الحالي والربع الثالث.
وتتوقع المنظمة أن يصل إجمالي الطلب العالمي على النفط إلى 104.5 مليون برميل يومياً في عام 2024، مدعوماً بالطلب القوي على السفر الجوي والتنقل على الطرق خلال شهور الصيف، مضيفة «وتظل توقعات نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025 دون تغيير عن توقعات الشهر السابق، إذ تظهر التوقعات نمواً قدره 1.8 مليون برميل يومياً على أساس سنوي ليصل إلى متوسط 106.3 مليون برميل يومياً».
وقالت أوبك «توقع الطلب القوي على النفط لأشهر الصيف يتطلب مراقبة بعناية للسوق وسط استمرار الضبابية، وذلك لضمان توازن قوي ومستدام للسوق».
وأبقت المنظمة على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي عند 2.2 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، مدفوعاً بالطلب القوي من المناطق غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خاصة الصين والشرق الأوسط وآسيا.