لا يستخدم التجار الأوروبيون هذا الصيف سوى جزء بسيط من مخزون الغاز الطبيعي الهائل في أوكرانيا، وذلك في أعقاب الهجمات الروسية التي أدّت إلى زيادة المخاطر، ما حرم الدولة التي مزقتها الحرب من الإيرادات النادرة.
وتتمتّع أوكرانيا بأكبر مرافق تخزين تحت الأرض في أوروبا، وفي العام الماضي قدمت لشركات الاتحاد الأوروبي مساحة ثمينة لتخزين الغاز الزائد لديها قبل الشتاء، بحسب ما ذكرت فايينشال تايمز.
ولكن بعد الهجوم الروسي في الربيع الذي استهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، بما في ذلك مرافق ضخ الغاز وتخزينه، انخفضت أحجام الغاز الأوروبية في يونيو حزيران ويوليو تموز إلى عُشر الكميات المخزنة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال ماركو سالفرانك، رئيس تجارة التجار في أوروبا القارية لدى مجموعة الطاقة «أكسبو»، إن «الهجمات الروسية المستمرة على منشآت التخزين الأوكرانية تزيد من خطر تخزين الغاز».
لا تستطيع مرافق تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي تخزين أكثر من نحو 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، مقارنة بالطلب السنوي في الكتلة الذي يتراوح بين 350 مليار متر مكعب و500 مليار متر مكعب، اعتماداً على الطقس وظروف أخرى.
وعرضت أوكرانيا نحو 10 مليارات متر مكعب من سعة التخزين الإضافية في العام الماضي، وقامت الكيانات الأوروبية بتخزين أكثر من ملياري متر مكعب قبل أشهر الشتاء، حيث عرضت البلاد حوافز مثل تعريفات التخزين الرخيصة.
التخزين في أعلى مستوى هذا العام
ولكن هذا العام كان هناك القليل من الضخ، حتى مع وصول مرافق التخزين في الاتحاد الأوروبي إلى نسبة 86% من طاقتها، وهو أعلى مستوى لها هذا العام، وفقاً لمؤسسة البنية التحتية للغاز في أوروبا.
وأرسلت الشركات الأوروبية 15.4 مليون متر مكعب و51.9 مليون متر مكعب فقط في يونيو حزيران ويوليو تموز على التوالي، مقارنة بـ102.7 مليون متر مكعب و586.6 مليون متر مكعب في تلك الأشهر من العام الماضي، وفقاً لبيانات أرجوس.
في حين أن خزانات الغاز الفعلية تقع على عمق كبير تحت الأرض، ما يحافظ عليها في مأمن من الضربات، فإن الأضرار التي تلحق بالمرافق فوق الأرض المستخدمة في ضخ الغاز داخل وخارج التخزين تشكل خطراً مادياً يثير قلق المتداولين.
وقال سالفرانك من شركة أكسبو: «المشكلة الرئيسية ليست فقدان الغاز، بل عدم القدرة على سحبه عندما نريد وعندما نحتاج إليه».
قالت شركة الطاقة الحكومية «نفتوغاز» إن «عدة هجمات» وقعت في مارس آذار وأبريل نيسان على البنية التحتية فوق الأرض، وإنه تم إجراء الإصلاحات.
وقال أوليكسي تشيرنيشوف الرئيس التنفيذي لشركة «نفتوغاز» إنه «لا توجد مشكلات. نحن نعمل كالمعتاد» فيما يتعلق بحقن وسحب الغاز.
وتحرص أوكرانيا على استمرار التجار الأوروبيين في استخدام بنيتها التحتية للغاز، ويرجع هذا جزئياً إلى العائدات القيمة التي يجلبها الغاز إلى اقتصادها الممزق بالحرب.
حوافز تخزين الغاز في أوكرانيا
ومع ذلك، قالت ناتاشا فيلدينج، رئيسة تسعير الغاز الأوروبي في أرجوس: «ما لم يتم تقديم بعض الحوافز الإضافية لتخزين الغاز في أوكرانيا، فمن الصعب أن نرى» كيف سيعود التجار الأوروبيون.
وفي العام الماضي، عقد الاتحاد الأوروبي محادثات مع البنوك بشأن توفير التأمين لتغطية المخاطر، لكن هذه المحادثات باءت بالفشل منذ ذلك الحين.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن الهجمات المتزايدة جعلت مثل هذه الاعتبارات صعبة. وأضاف المسؤول أن أوكرانيا قد تجني نحو 200 مليون يورو من التجار الأوروبيين الذين يخزنون الغاز، لكن الضمانات المضادة سوف تحتاج إلى أن تصل إلى مليار يورو.
وأضاف المسؤول «إذا كنتم تريدون دعم أوكرانيا، فما عليكم إلا أن تعطوها مليار يورو».
كما اختفت تقريباً الفوارق السعرية المربحة التي كانت سائدة العام الماضي.
وتتسارع وتيرة تراكم الغاز في مخازن أوكرانيا خلال أشهر الصيف، عندما تكون أسعار الغاز رخيصة مقارنة بالمواسم الأخرى، ثم يبيع التجار الغاز عندما ترتفع الأسعار لتحقيق الربح، وعادة في أشهر الشتاء عندما يزيد الطلب على التدفئة من الطلب على الغاز الطبيعي.
وفي العام الماضي، كان الفارق في كثير من الأحيان يتجاوز 20 يورو لكل ميغاواط/ ساعة في الصيف، ولكن هذا العام لم يتجاوز 5 يورو/ ميغاواط/ساعة، وفقا لوكالة أرغوس لتقارير الأسعار.
وقال سالفرانك من شركة أكسبو: «إن الفوارق في الأسعار ليست جذابة بما يكفي لتبرير مخاطر ضخ الغاز في منطقة حرب».