يشهد اقتصاد غانا أسوأ أزماته منذ جيل كامل، إذ أدى النقص الشديد في النقد الأجنبي إلى انخفاض قيمة السيدي الغاني ودفع التضخم إلى 25 في المئة، ولا تزال البلاد في مأزق بسبب الإنفاق الحكومي الكبير، وهي مدينة بالمليارات لدائنين أجانب.

وبعد مرور نحو أربعة عشر عاماً على أول إنتاج للنفط، لم تحقق البلاد أهداف الإنتاج، وتعاني من ارتفاع أسعار الوقود، وتجد الصناعة نفسها على مفترق طرق، بينما تسعى الحكومة إلى استغلال مواردها من الطاقة لإنعاش الاقتصاد.

النفط الغاني.. طفرة نمو

أخذ استكشاف النفط في غانا منعطفاً جديداً خلال الفترة بين 2001 و2007، عندما كثفت الحكومة الغانية التنقيب عن الهيدروكربونات التجارية مع بعض شركات النفط المستقلة مثل كوزموس للطاقة، وشركة هيس، وتيوللو أويل، والتي حصلت على حقوق التنقيب والإنتاج في مناطق في المياه العميقة.

وقد أثبتت هذه الآبار وجود نظام بترولي نشط في المياه العميقة، وهي حقيقة لم تكن معروفة حتى ذلك الوقت، ما أسهم في طفرة في قطاع النفط في البلاد، وتحقيق قفزات سريعة منذ الإنتاج الأول للنفط في ديسمبر كانون الأول من عام 2010.

وبحلول عام 2019، كانت الدولة الواقعة في غرب إفريقيا تضخ ما يقرب من 200 ألف برميل يومياً، ما أدى إلى ازدهار اقتصادي وفورة في بناء البنية التحتية.

وعلى مدار عام 2023، أنتجت غانا 48.25 مليون برميل نفط، ما يمثل انخفاضاً بنحو 6.78 في المئة عن إنتاج عام 2022 البالغ، 51.75 مليون برميل، مسجلاً أدنى مستوياته منذ ذروة الإنتاج لعام 2019 بواقع 71.4 مليون برميل، وفقاً لبيانات لجنة المصلحة العامة والمساءلة في غانا.

وتأتي طفرة إنتاج النفط الغاني في محاولة لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن الزراعة، وهو ما يواجه انتقادات قوية من المزارعين الغانيين، إذ مثلت قطاعات الزراعة والغابات وصيد الأسماك نحو 21.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لغانا في عام 2023، بحسب بيانات البنك الدولي، وذلك انخفاضاً من نسبة قدرها 60.7 في المئة في عام 1978، ما يشير إلى التراجع المطرد في اعتماد الاقتصاد الغاني على قطاع الزراعة.

وتسعى البلاد إلى تعزيز إنتاجها من الطاقة من خلال مشاريع النفط والغاز، ووفقاً لبيانات ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي، تنتج غانا حالياً نحو 130 ألف برميل يومياً من النفط الخام، معظمها من حقل جوبيلي الذي تديره شركة تيوللو أويل.

كيف يدعم النفط الاقتصاد الغاني؟

حققت غانا إيرادات بقيمة 9.81 مليار دولار منذ أول إنتاج للنفط في عام 2010، من بينها 1.06 مليار دولار في عام 2023 وحده، بحسب بيانات لجنة المصلحة العامة والمساءلة في غانا.

وفي حين أن الإنتاج الغاني أعلى من بعض أعضاء مجموعة أوبك بلس الأفارقة، مثل غينيا الاستوائية والسودان، فإنه لا يزال أقل بكثير من هدفه السابق على المدى المتوسط ​​البالغ 420 ألف برميل يومياً، بهدف تحقيق المزيد من الإيرادات لصالح الاقتصاد.

ويعد عام 2022 هو الأكبر في تحقيق غانا لإيرادات نفطية بلغت قيمتها 1.43 مليار دولار، مقارنة بعام 2011 عندما سجلت البلاد إيرادات قدرها 444 مليون دولار من إنتاج النفط.

أزمة تمويل مشاريع الطاقة في غانا

تعتزم غانا بناء مركز نفطي تبلغ قيمة مرحلته الأولى نحو 12 مليار دولار بهدف توفير ما يكفي من المنتجات المكررة والثانوية لتزويد منطقة غرب إفريقيا باحتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2036.

وبحسب تلفزيون غانا المملوك للدولة، ستمول المرحلة الأولى من المشروع من قبل كونسورتيوم يضم تاتشستون كابيتال جروب هولدنجز، ويو آي سي إنرجي غانا، وشركة تشاينا ووهان الهندسية، وشركة تشاينا كونستراكشن ثيرد إنجنيرينغ.

ولكن يواجه المشروع تحديات وانتقادات على رأسها كيفية تمويل المراحل اللاحقة من المشروع وتأثير مساحة المشروع على المناطق الزراعية المحيطة به، وهو الخطر الذي يهدد مصالح المزارعين في غانا.

كما يأتي مشروع المركز النفطي في وقت تعاني فيه البلاد من عوائق تتعلق بالنقد الأجنبي، على سبيل المثال، فإن مصفاة تيما في البلاد متوقفة عن العمل، وتعمل مصفاة سنتو الجديدة التي بنتها الصين بطاقة 30 ألف برميل يومياً فقط، وفقاً لوزير الطاقة الغاني، أي ربع طاقتها، ومع افتقارها إلى احتياطيات كافية من النقد الأجنبي لاستيراد الوقود، أطلقت غانا في عام 2023 خطة مبادلة الذهب بالوقود.

وقال وزير الطاقة ماثيو أوبوكو بريمبه لـ«إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس» على هامش مؤتمر للطاقة في أكرا في مارس آذار 2024 «نحن نعاني مما يعاني منه الجميع، وهو توقف التمويل العالمي».

وأضاف بريمبه «في أحواض المياه العميقة لدينا نحتاج لاستثمار ضخم لمواكبة الإنتاج، إنها ليست مثل بعض الأحواض الأخرى التي تضخ النفط على مدار أربعين وخمسين عاماً بمجرد حفرها، مع أحواضنا يتعين عليك دائماً إجراء حملة حفر، لذلك نحن نواجه تحديات عندما لا نحصل على التمويل».