حكمت محكمة استئناف هولندية يوم الثلاثاء بأن شركة شل ليست ملزمة بخفض التلوث الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكل كبير بحلول عام 2030، ما وجّه ضربة لجهود النشطاء البيئيين لدفع شركات الطاقة بعيداً عن الوقود الأحفوري.

الحكم، الذي صدر في الوقت الذي تجري فيه محادثات المناخ السنوية في مؤتمر الأطراف كوب 29 في باكو عاصمة أذربيجان، يلغي حكماً سابقاً فرض تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون على شركة النفط والغاز البريطانية العملاقة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة شل وائل صوان في بيان «نحن سعداء بقرار المحكمة الذي نعتقد أنه القرار الصحيح للتحول العالمي في مجال الطاقة، وهولندا وشركتنا».

استأنفت شل الحكم السابق، الصادر عام 2021، والذي أمر الشركة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030 من مستويات عام 2019.. وشمل ذلك الانبعاثات من عملياتها الخاصة ومن منتجات الطاقة التي تبيعها.

في حين قضت محكمة الاستئناف في لاهاي بأن شل ملزمة بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من أجل حماية الكوكب من آثار تغيّر المناخ، قالت إنه لا يوجد اتفاق كافٍ في علم المناخ على نسبة خفض محددة يجب على شركة فردية مثل شل الالتزام بها.. وعلى هذا النحو، رفضت الحكم السابق.

وأشار حكم يوم الثلاثاء إلى أن شل تعمل بالفعل على تقليل الانبعاثات من عملياتها الخاصة، ما يُسمّى بانبعاثات النطاق 1 و2، وأن إجبار الشركة على تقليل الانبعاثات الأكبر بكثير الناجمة عن استخدام منتجاتها، والمعروفة باسم انبعاثات النطاق 3، لن يكون فعّالاً.

وقالت شل «إن حكم المحكمة لن يقلل من الطلب الإجمالي من العملاء على منتجات مثل البنزين والديزل للسيارات، أو الغاز (الطبيعي) لتدفئة المنازل والشركات وتشغيلها».

من ناحية أخرى، أعربت منظمة أصدقاء الأرض الهولندية، وهي مجموعة حملة بيئية رفعت القضية ضد شل، عن خيبة أملها من النتيجة.

وقال مديرها دونالد بولس «هذا مؤلم».. وفي الوقت ذاته، سلّط الضوء على العديد من الإيجابيات من الحكم.

وقال لشبكة CNN «أكدت المحكمة أن الشركات مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن تغير المناخ»، وأضاف «كما ذكر القاضي أن أكثر من 800 مشروع للوقود الأحفوري (في خط أنابيب شل) تتناقض مع مسؤوليتها عن التصرف وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان.. هذه كلّها مبادئ قانونية مهمة للغاية ويمكن استخدامها في قضايا المحكمة المستقبلية».

وقال بولس إن منظمة أصدقاء الأرض الهولندية ستدرس الحكم قبل أن تقرر ما إذا كانت ستُطلق استئنافاً في المحكمة العليا في هولندا.

وقال جوشوا شيرارد بيوهاي، المحلل في منصة الاستثمار هارجريفز لانسداون، إن استئناف شل الناجح «يشير إلى الدول ذات الانبعاثات العالية أنها آمنة الآن من اختصاص الأطر الدولية»، مستشهداً باتفاقية باريس، التي تلزم جميع البلدان تقريباً بخفض تلوث الكربون بشكل كبير، كمثال واحد.

تراجع شل عن أهداف الانبعاثات

على الرغم من الحكم الأولي الذي أمر شل بخفض انبعاثاتها، فقد خففت شركة الطاقة العملاقة في الواقع بعض أهدافها المناخية في سعيها إلى تعزيز العائدات المالية ووسط مخاوف عالمية بشأن الطاقة الآمنة والميسورة التكلفة.

في وقتٍ سابق من هذا العام، قالت الشركة إنها ستستهدف خفض ما يُسمّى بكثافة الكربون الصافية لمنتجات الطاقة بنسبة 15-20 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2016، بعد أن كانت تستهدف في السابق خفضاً بنسبة 20 في المئة. كما ألغت هدفاً لخفض كثافة الكربون الصافية إلى النصف تقريباً بحلول عام 2035.

في الوقت ذاته، تعهدت شل بخفض الانبعاثات من عملياتها الخاصة إلى النصف بحلول عام 2030 وأن تصبح شركة طاقة خالية من الانبعاثات الصافية بحلول عام 2050، ما يعني أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي يجب أن تنخفض إلى الصفر بحلول منتصف القرن، مع مراعاة كل التلوث الذي تنتجه وتزيله من الغلاف الجوي.

تواصل شل الاستثمار في الوقود الأحفوري أكثر بكثير مما تستثمره في الطاقة النظيفة. في العام الماضي، استثمرت 5.6 مليار دولار في الطاقة المنخفضة الكربون، وهو ما يعادل 23 في المئة من إجمالي إنفاقها الرأسمالي.. وبالمقارنة، ضخت أكثر من 16 مليار دولار في أعمالها في النفط والغاز.

وفقاً لمنظمة أصدقاء الأرض الهولندية، تمثّل شل 3 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، أكثر مما تنبعث منه معظم البلدان بشكل فردي.

وفي حديثه عن تداعيات الحكم على مؤتمر الأطراف كوب 29، قال بولس إن الاتفاقيات المناخية الدولية ستكون غير فعّالة في مكافحة تغير المناخ إذا استبعدت، كما تفعل اتفاقية باريس، الشركات الملوثة الكبرى. وأشار إلى أنه منذ عام 2015، عندما تم توقيع هذا الاتفاق، كانت نحو 50 شركة مسؤولة عن 80 في المئة من تلوث ثاني أكسيد الكربون العالمي.

وأضاف: «يبدو الأمر وكأن المفاوضات بين الحكومات لم تتكيف مع الواقع الاقتصادي والجيوسياسي الجديد للشركات المتعددة الجنسيات».

وقال مارك فان بال، مؤسس Follow This، وهي مجموعة تهدف إلى إجبار شركات الطاقة الكبرى على خفض الانبعاثات من خلال تصويت المساهمين في اجتماعاتهم السنوية، إن الحكم يكثف مسؤولية المستثمرين عن «إصلاح شركات النفط الكبرى».

وأضاف أن «قرار المحكمة يمثّل انتكاسة في مكافحة أزمة المناخ».

(حنا زيادي – CNN)