يقول معهد أكسفورد للطاقة، إنه من المقرر أن يكون فصل الشتاء خلال موسم 2024/2025 الأكثر برودة بعد عامين من شتاء أوروبي معتدل، وهو ما سيرفع الطلب على الغاز الطبيعي خلال أشهر الشتاء بمقدار 10 مليارات متر مكعب على أساس سنوي.

وأضاف المعهد في تقرير له بعنوان «سوق الغاز الأوروبية العرض والطلب، توقعات الشتاء 2024/ 2025»، أن درجات الحرارة الباردة خلال موسم الشتاء الحالي، ستعمل على زيادة الطلب على التدفئة والكهرباء، مع تفاقم تقلبات الطلب على الغاز في الأمد القريب بسبب الكميات المتزايدة باستمرار المطلوبة لتغطية انقطاع الطاقة المتجددة.

ويقول التقرير، “ارتفاع الطلب على الغاز خلال فصل الشتاء في أوروبا يتزامن مع استمرار انخفاض إنتاج الغاز المحلي في القارة العجوز، الناتج عن انخفاض إنتاج المملكة المتحدة«، بالإضافة إلى أنه من المتوقع أن يتوقف نقل الغاز الروسي المتبقي عبر أوكرانيا في نهاية ديسمبر كانون الأول، ما يترك عجزاً يجب سدّه من خلال تدفقات أعلى من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يدفع أوروبا إلى دفع علاوة لجذب شحنات إضافية، وهو محرك جديد لأسعار أعلى خلال أشهر الشتاء».

ويقول التقرير إن سوق الغاز الطبيعي المسال خارج أوروبا لا يساعد القارة في تأمين احتياجاتها بشكل سريع، فقد زادت الصين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في آسيا والمشترون الآسيويون الناشئون جميعاً من وارداتهم من الغاز الطبيعي المسال في عام 2024، وهو ما يتوازن مع الطلب الأوروبي الأضعف، لذا قدر يغيّر ارتفاع الطلب في الشتاء هذه الصورة بشكل حاد، حيث من المقرر أن يقرر السعر وحده السوق المميزة الحقيقية».

ويقول التقرير، إن استخدام الغاز في القطاع الصناعي في أوروبا ارتفع خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، بأكثر من 5 في المئة على أساس سنوي، كما زاد استخدام الغاز في القطاع السكني والتجاري بنسبة 5.4 في المئة على أساس سنوي خلال الفترة نفسها من العام ذاته، «حيث أدت خمسة أسابيع متتالية من درجات الحرارة الباردة منذ أوائل سبتمبر أيلول الماضي إلى بدء استخدام الغاز للتدفئة في وقت سابق من هذا العام في العديد من البلدان، ما أدى إلى زيادة الطلب على الغاز في القطاع السكني والتجاري بنسبة 35 في المئة على أساس سنوي في سبتمبر أيلول وبنسبة 19 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر تشرين الأول، ما دفعه إلى مستويات ما قبل الأزمة».

ويقول التقرير، “يمكن لشتاء عادي خلال عام 2024/2025 على عكس شتاءين معتدلين في 2022/2023 و2023/2024، أن يعزز الطلب الإجمالي على الغاز بما لا يقل عن 8-10 مليار متر مكعب، ولكن في حالة جاء الشتاء أكثر برودة سيتعزز الطلب بما لا يقل عن 20-25 مليار متر مكعب مقارنة بالعام الماضي.

وأضاف التقرير، أن في بداية شتاء 2024/2025، استخدمت دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير جزء من مخزونات الغاز الطبيعي، حيث كانت عمليات التخزين أقل من كميات الغاز التي يتم سحبها واستخدامها، كان صافي التخزين بين 1 أكتوبر و1 نوفمبر 2024 بنحو مليار متر مكعب هو ثاني أصغر حجم منذ عام 2017 على الأقل، في حين كان صافي السحب في الفترة من 1 إلى 16 نوفمبر 2024 نحو 4.5 مليار متر مكعب هو يعد الأكبر منذ عام 2017.

ووفقاً للتقرير، بلغت مخزونات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي في الأول من نوفمبر نحو 100.9 مليار متر مكعب، إلّا أنها هبطت بلول 16 نوفمبر 2024، إلى 27 96.4 مليار متر مكعب، بانخفاض عن 104.4 مليار متر مكعب خلال نفس الفترة العام الماضي.

ويقول التقرير، إن أي زيادة في الطلب أو تقليص للإنتاج أو الواردات بالغاز الطبيعي في أوروبا، حيث من المرجح أن يتم تلبيتها في المقام الأول من خلال عمليات سحب إضافية للمخزون، «ومن خلال ارتفاع الأسعار التي تجذب شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال، وتكون النتيجة الحاجة إلى أحجام أكبر من حقن التخزين الصافي في صيف 2025».

وكان رونالد بينتو، محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، توقع في تصريحات سابقة لـCNN الاقتصادية، أن يبلغ متوسط ​​أسعار الغاز في أوروبا TTF نحو 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال موسم أكتوبر-مارس، وأن تبلغ ذروتها في يناير عند نحو 14 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

ويقول بينتو إن الصراعات الجارية في الشرق الأوسط وفي روسيا وأوكرانيا أضافت علاوة على أسعار الغاز في أوروبا TTF في الأشهر الأخيرة، حتى مع ملاحظة الأساسيات المتساهلة في أوروبا، مع تدفقات خطوط الأنابيب القوية، ومخزونات الغاز الجوفية المرتفعة، والطلب الضعيف على الغاز.

وأضاف محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، أن العلاوة في الأسعار تأتي من حقيقة أن السوق لا تزال تعتبر إمدادات الغاز الأوروبية هشة وأكثر عرضة لديناميكيات العرض العالمية منذ أن أصبحت واردات الغاز الطبيعي المسال أكثر أهمية في مزيج العرض في العامين الماضيين، “حيث يتم تسعير أي حدث يشكّل خطراً على إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية في الوقت الحالي، وبشكلٍ أكثر تحديداً، تقوم السوق باستمرار بتقييم التأثير الذي قد يخلفه تصعيد الصراع المستمر في الشرق الأوسط على صادرات الغاز الطبيعي المسال من المنطقة واحتياجات الغاز من مصر، بالإضافة إلى ذلك، يتابع اللاعبون في السوق عن كثب المحادثات التي تُعقد حول اتفاقية العبور عبر أوكرانيا بدءاً من 1 يناير 2025″.