تغرق أعمال وشركات العاصمة الإيرانية في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال النهار مدفوعاً بنقص الطاقة.

وقال علي، وهو موظف يبلغ من العمر 30 عاماً، عن انقطاعات الكهرباء التي تُفرض يومياً منذ 11 نوفمبر تشرين الثاني «عندما ينقطع التيار الكهربائي، نصبح خارج الخدمة تماماً تقريباً»، وقال لوكالة فرانس برس، طالباً ذكر اسمه الأول فقط، «نستخدم في المقهى معدات كهربائية في الغالب مثل الفرن الكهربائي وآلة صنع الإسبريسو».

ورغم أن إيران تمتلك بعضاً من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي والنفط في العالم، فإنها تعاني نقصاً هائلاً في الطاقة في الأشهر الأخيرة، وقد أدت سنوات من العقوبات الغربية ونقص الاستثمار في البنية الأساسية إلى تفاقم الوضع، وخاصة خلال أشهر الذروة في الاستهلاك في الصيف والشتاء.

وللتعامل مع النقص، فرضت الحكومة انقطاعات لمدة ساعتين، تدور بين أحياء مختلفة في المدن بين الساعة 9:00 صباحاً و5:00 مساء.

وعزا الرئيس مسعود بزشكيان القرار إلى «انخفاض احتياطيات الوقود»، قائلاً إن إيران يجب أن «تعدل الوقود لمحطات الطاقة حتى لا نواجه مشكلات في الشتاء».

وقود منخفض الجودة

قالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إن انقطاع التيار الكهربائي ضروري لتقليص استخدام الوقود منخفض الجودة الرخيص نسبياً -المعروف باسم المازوت- المستخدم في بعض محطات الطاقة القديمة.

استُخدم زيت الوقود الثقيل لسنوات لمعالجة نقص الطاقة على الرغم من انبعاثاته التي تسبب تلوثاً كبيراً للهواء.

وقالت إن الجمهور سيحتاج إلى التعامل مع انقطاع التيار الكهربائي لفترة محدودة، لإيجاد بديل لما وصفته بـ«السم».

وأضافت «من غير العادل أن يدفع جزء من المجتمع حياته ثمناً لإنتاج الكهرباء».

ولكن بالنسبة لمونا، وهو موظف آخر في المقهى في طهران، (موطن لنحو 10 ملايين شخص)، فإن الأمر لا يستحق التكلفة.. وقال الرجل البالغ من العمر 36 عاماً لوكالة فرانس برس «تقول الحكومة إنها أوقفت حرق المازوت في عدد من محطات الطاقة في مدن أخرى، لكننا بحاجة إلى دفع ثمن ذلك في طهران».

أثار انقطاع التيار الكهربائي المتكرر غضب مواطني إيران في السنوات الأخيرة، وخاصة خلال أشهر الصيف الحارة.

في يوليو تموز، أمرت السلطات بخفض ساعات عمل الموظفين الحكوميين إلى النصف لعدة أيام في محاولة لتوفير الطاقة، لكن نقص الطاقة يتجاوز الكهرباء في إيران.

في 12 نوفمبر تشرين الثاني، أعلنت شركة الغاز الوطنية الإيرانية أن استهلاك الغاز اليومي في البلاد سجل رقماً قياسياً جديداً بلغ 794 مليون متر مكعب.

وأشار الخبير الاقتصادي حسن فوروزانفرد إلى البنية التحتية الضعيفة وسوء الإدارة وخاصة العقوبات الغربية باعتبارها مسؤولة عن مشكلات الطاقة في إيران، وقال لوكالة فرانس برس «العقوبات وقطع العلاقات مع شركات الطاقة الدولية حرمتنا التكنولوجيا والاستثمار اللازمين لتطوير قطاعي النفط والغاز لدينا».

الملابس الشتوية لحل أزمة الطاقة

هذا على الرغم من أن إيران هي سابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم ولديها ثالث أكبر احتياطيات بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن ثاني أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

تصدر إيران أيضاً الغاز إلى عدد من الدول، بما في ذلك باكستان وأرمينيا والهند وأذربيجان وعمان.

وقال فوروزانفرد «إذا كان لدينا شتاء بارد هذا العام، فسيتعين علينا التعامل بشكل جماعي مع مشكلات الغاز والكهرباء في البلاد»، وأضاف «لا أعتقد أن الحكومة ستكون قادرة على التحكم في الآثار السلبية للتلوث أو حل اختلالات الطاقة بطريقة معقولة وجدية في الأمد القريب».

لكن طهران تقول إن المستهلكين يجب أن يقوموا بدورهم في الحفاظ على الطاقة.

وقال بزشكيان «ليس لدينا خيار سوى استهلاك الطاقة اقتصادياً، وخاصة الغاز، في الظروف الحالية والطقس البارد»، وأضاف الرئيس الإيراني «أنا شخصياً أستخدم الملابس التي تجعلني دافئاً في المنزل، ويمكن للآخرين أن يفعلوا الشيء ذاته».

خلال إحدى فترات انقطاع التيار الكهربائي المقررة، تَشكَّل طابور طويل خارج أحد المتاجر الكبرى في طهران.

قال سينا، وهو موظف يبلغ من العمر 24 عاماً، ولم يرغب في ذكر اسمه بالكامل «نظراً لأن الجو مظلم في الداخل وكاميرات المراقبة لدينا معطلة، فإننا نسمح بعميل واحد فقط في كل مرة حتى نتمكن من التعامل معهم بشكل أفضل».

وقال «نخشى أنه في الظلام وبدون مساعدة كاميرات المراقبة، لا يمكننا معرفة إذا فُقد أحد المنتجات»، مشيراً إلى أن انقطاع التيار الكهربائي يضر بالأعمال التجارية الصغيرة.