تحتفل شخصية هالو كيتي التي أصبحت رمزاً عالمياً للثقافة الشعبية، بمرور 50 عاماً على ظهورها الأول، على الرغم من تصميمها البسيط، فهي فتاة قطة بلا فم، إلا أن تأثيرها في عالم الأعمال والثقافة كان عميقاً للغاية، حيث تقدر قيمة إمبراطوريتها بنحو 80 مليار دولار.
ومر نحو نصف قرن منذ أن ابتكرت شركة سانريو اليابانية للسلع أول نسخة من كيتي وايت، أو هالو كيتي، وهي فتاة قطة مرحة (وليس قطة كما كشف مبتكرها بشكل مثير للجدل في عام 2014) تعيش مع عائلتها في ضواحي لندن، وعلى مدى العقود التي مرت منذ ظهورها لأول مرة، أصبحت سفيرة لليونيسيف، ومبعوثة خاصة لوزارة الخارجية اليابانية، وموضوعاً لمطاعم ومقاهي ذات طابع خاص، ومتنزهين ترفيهيين، وحتى مستشفى للولادة.
وعلى هذا النحو، تُعَد هالو كيتي أيضاً عملاقاً تجارياً حقق لمبتكره ما يقدر بنحو 80 مليار دولار، ما يضعها إلى جانب بوكيمون وميكي ماوس وويني ذا بوه كأعلى الامتيازات ربحاً في التاريخ، ولكن على عكس الآخرين في القائمة، لم تكن البضائع امتداداً مربحاً لشعبية هالو كيتي على الشاشة، بل كانت سبب وجودها منذ البداية.
البداية
صُممت هذه القطة لتزيين أغراض الأطفال والقرطاسية، وقد رسمتها لأول مرة يوكو شيميزو، إحدى رسامي شركة سانريو، في عام 1974، أرادت الشركة تصميمات تجسد «كاواي»، وهو مصطلح ياباني يعني اللطافة، واستوحت الفتاة البالغة من العمر 24 عاماً تصميمها الذي يشبه القطة من قطة صغيرة أهداها لها والدها، وظهرت هالو كيتي لأول مرة تجارياً في العام التالي، حيث ظهرت على مجموعة من محافظ العملات المعدنية المصنوعة من الفينيل إلى جانب العديد من الشخصيات الجديدة الأخرى.
لقد أثبتت هذه الشخصية أنها التصميم الجديد الأكثر شعبية للشركة، فقد ارتفعت مبيعات سانريو بشكل كبير على الفور تقريباً، حيث تم لصق صورتها على الألعاب والملصقات وغير ذلك الكثير، لكن إذا كان النجاح المبكر للشخصية يمكن أن يُعزى إلى تصميم شيميزو البسيط الذي لا يُنسى -والذي يتألف من وجه بلا فم وأنف أصفر بيضاوي وشارب وقوس- فإن مكانتها كأيقونة للثقافة الشعبية يرجع الفضل فيها إلى الرسامة يوكو ياماغوتشي.
تعتبر ياماغوتشي المصممة الثالثة لشخصية هالو كيتي (تركت شيميزو شركة سانريو بعد ثلاث سنوات من اختراع الشخصية وحلت محلها سيتسوكو يونيكوب التي أشرفت لفترة وجيزة على التصميم في أواخر السبعينيات)، وقد تولت ياماغوتشي إدارة الهوية البصرية للشخصية لمدة 45 عاماً تقريباً، وفي حديثها إلى شبكة سي إن إن في المقر الرئيسي لشركة سانريو في طوكيو، تذكرت انضمامها إلى الشركة في وقت كانت فيه منتجات هالو كيتي في تراجع في الشعبية.
النجاح المبكر
مع مرور السنوات، ومع التوسع في مجموعة المنتجات، حققت هالو كيتي شهرة واسعة في اليابان، حيث تم وضع صورتها على ألعاب وقرطاسية وعناصر مختلفة، هذه الشعبية المبكرة كانت نتيجة للتصميم الجذاب، لكن المبدعة يوكو ياماغوتشي التي تولت إدارة تصميم الشخصية لاحقاً، لعبت دوراً كبيراً في الحفاظ على استمرارية نجاح هالو كيتي.
أضافت ياماغوتشي عمقاً إلى شخصية هالو كيتي، حيث حولتها من مجرد رمز إلى شخصية قادرة على التواصل مع مشاعر وأحاسيس جمهورها.
التطور والابتكار
بعد أن لاحظت ياماغوتشي تراجع شعبية هالو كيتي في أواخر السبعينيات، قررت أن تعيد إحياء الشخصية من خلال دمج أسلوب عصري يتماشى مع ثقافة الشباب في ذلك الوقت، قامت بتصميم مشاهد جديدة تظهر فيها هالو كيتي في سيناريوهات مختلفة، ما ساعد على توسيع نطاق جاذبيتها، من خلال تقديمها كعازفة بيانو أو شاعرة، جعلت الشخصية تنمو مع جمهورها.
كان جزء من نجاح هالو كيتي في قدرتها على التواصل مع معجبيها، على سبيل المثال، تلقت ياماغوتشي رسالة من معجبة كتبت أنها لا تزال تحب هالو كيتي على الرغم من أنها بلغت سن المراهقة، وهو ما ألهمها لإنشاء منتجات تناسب الفئات العمرية الأكبر، من هنا، بدأت ياماغوتشي بتصميم منتجات جديدة موجهة للشباب والمراهقين، ما ساعد على الحفاظ على جاذبية هالو كيتي في عصرها الذهبي.
الانتشار العالمي
مع ركود الاقتصاد الياباني في التسعينيات، بدأت سانريو في توسيع انتشارها الدولي، افتتحت الشركة متاجر في الولايات المتحدة، وسرعان ما أصبحت هالو كيتي رمزاً للثقافة اليابانية في الخارج، استهدفت سانريو فئات جديدة من الجمهور، مثل الشباب والكبار، من خلال التعاون مع علامات تجارية مشهورة، مثل «نيو بالانس» و«إير جوردان»، ما جعل هالو كيتي تظهر في مجالات جديدة مثل الموضة والأجهزة الإلكترونية.
نجاح هالو كيتي لم يقتصر على كونها علامة تجارية فحسب، بل أصبحت جزءاً من الحياة اليومية لملايين المعجبين، تتمتع الشخصية بشعبية كبيرة بين الأشخاص من جميع الأعمار، حيث يجد العديد فيها مصدراً للراحة والدعم. وقد أظهرت بعض الدراسات أن النظرة إلى هالو كيتي يمكن أن توفر إحساساً بالراحة والعزاء، خاصة في الأوقات الصعبة.
تستعد سانريو للاحتفال بمرور 50 عاماً على هالو كيتي من خلال إطلاق تصاميم جديدة، وزيادة إنتاج المنتجات، وتنظيم فعاليات خاصة، تأمل الشركة أن تواصل هالو كيتي إدخال السعادة على وجوه الناس في جميع أنحاء العالم، حيث صرحت ياماغوتشي بأن هالو كيتي لا تزال تشكل حلماً كبيراً يتمثل في أن تصبح جزءاً من حياة الناس وتواصل إلهام الأجيال القادمة.
تظل هالو كيتي تجسد قيم الصداقة والمرح والابتكار، وبهذا تكون قد تركت بصمة لا تُنسى في عالم الثقافة الشعبية، تحتفل هذه الشخصية الفريدة بنصف قرن من النجاح، مع التأكيد على قدرتها على التكيف والنمو مع تغير الأوقات، ما يضمن لها الاستمرار كرمز محبب ومحبوب لدى الكثيرين.
(أوسكار هولاند ، وهاناكو مونتغمري، وجونكو أوغورا CNN)