أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء، الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير في أول اجتماعاته لعام 2025، وهي المرة الأولى بعد ثلاثة تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة في نهاية العام الماضي. وقرر البنك المركزي الأميركي الاحتفاظ بسعر الفائدة عند النطاق 4.25 - 4.5 في المئة، بعدما خفض الفائدة بواقع نقطة مئوية كاملة العام الماضي من أعلى مستوياته في 23 عاماً عند النطاق 5.25 - 5.50 في المئة.
ولا يشكل القرار الأخير مفاجأة، بل يعكس توقعات المحللين ويؤكد -إلى حد كبير- ما قاله مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الآخرون في خطاباتهم الأخيرة، بشأن انتظارهم تقييم بيانات التضخم قبل اتخاذ خطوة خفض الفائدة.
ماذا تغير في بيان السياسة النقدية؟
يُظهر بيان الفيدرالي الأميركي في يناير 2025 تغيراً طفيفاً ولكنه مهم مقارنة ببيان ديسمبر كانون الأول 2024، ما يعكس تطور رؤية البنك المركزي للوضع الاقتصادي.
في ديسمبر، أشار الفيدرالي إلى أن سوق العمل قد شهد بعض التراجع، إذ ارتفع معدل البطالة لكنه بقي عند مستويات منخفضة، بينما في يناير، أُعيدت صياغة هذا التقييم ليشير إلى أن معدل البطالة قد استقر عند مستوى منخفض، مع تأكيد استمرار قوة سوق العمل.
كذلك، شهدت الإشارة إلى التضخم تغييراً دقيقاً لكنه دالّ؛ ففي ديسمبر، أوضح الفيدرالي أن التضخم يحرز تقدماً نحو تحقيق هدف 2 في المئة لكنه لا يزال مرتفعاً، بينما في يناير، أُسقطت الإشارة إلى إحراز تقدم، واكتفى البيان بتأكيد أن التضخم لا يزال مرتفعاً بعض الشيء، ما قد يوحي بتباطؤ وتيرة التراجع.
أما على مستوى التصويت داخل اللجنة الفيدرالية، فقد شهد بيان ديسمبر اعتراض عضوة واحدة، بيث هاماك، التي فضلت الإبقاء على الفائدة عند مستوى أعلى، بينما لم يتضمن بيان يناير أي معارضة، ما يعكس إجماعاً أقوى حول قرار التثبيت.
كما طرأت تغييرات على تشكيلة اللجنة، إذ غادر بعض الأعضاء مثل توماس باركين ورافاييل بوستيك وماري دالي، وحلّ مكانهم أعضاء جدد، من بينهم سوزان كولينز وأوستان جولسبي وألبرتو موساليم.
تعكس هذه التغيرات، سواء في اللغة المستخدمة أو في تركيبة اللجنة، موقفاً أكثر تريثاً من الفيدرالي تجاه السياسة النقدية، في ظل استمرار عدم اليقين بشأن التضخم والنمو الاقتصادي.
الفيدرالي وترامب
جاء اختيار الاحتياطي الفيدرالي بالتأني والإبقاء على
أسعار الفائدة دون تغيير، عقب أيام قليلة من تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتهديده بفرض رسوم جمركية ضد عدد من الدول، فضلاً عن خفض الضرائب، وسط مخاوف من تداعيات هذه القرارات على التضخم الذي ظل البنك المركزي يحاربه على مدار العامين الماضيين.
وفي هذا الصدد، قال نورس حافظ كبير استراتيجي الأسواق بأكاديمية تريدر فاكتوري في تعليق لـ«CNN الاقتصادية»، «عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليعيد للأذهان سنوات من الإثارة والصخب عاشت أسواق المال تحت وطأتها في ولايته الأولى»، مشيراً إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يجد نفسه في موقف حرج بسبب سياسات البيت الأبيض المالية التي قد تؤدي إلى زيادات كبيرة في الإنفاق الحكومي.
وأضاف حافظ «يبدو أن الصراع بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي حتمي، البيت الأبيض يسعى إلى تسريع عجلة النمو من خلال سياسات مالية تحفيزية، بينما يتأنى الاحتياطي الفيدرالي في خفض معدلات الفائدة، مفضلاً الانتظار لرؤية تأثير هذه السياسات على التضخم وسوق العمل».
وعلى خلفية هذه المخاوف، يرى المتداولون على أداة فيدووتش احتمالية بنسبة 70 في المئة بعدم إجراء أكثر من تخفيضين هذا العام، وهو ما يتماشى مع توقعات لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة بإجراء تخفيضات إضافية بواقع 50 نقطة أساس خلال 2025، بدلاً من 75 نقطة أساس المتوقعة سابقاً.
في هذه الأثناء، تتجه أنظار الأسواق إلى المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس البنك جيروم باول خلال نصف ساعة من الآن، بحثاً عن أي دلائل تتعلق بقرارات الفائدة المستقبلية وحجم التخفيضات المتوقعة خلال بقية عام 2025 الحالي.