تريليون ريال يتبخر من السوق السعودي.. هل ينتفض في النصف الثاني من 2025؟

نصف عام من الخسائر وصراع من أجل التعافي (أرشيفية)
نصف عام من الخسائر وصراع من أجل التعافي
نصف عام من الخسائر وصراع من أجل التعافي (أرشيفية)

لم يكن النصف الأول من 2025 مجرد فترة تقلبات اعتيادية في سوق الأسهم السعودية، بل أقرب إلى اختبار تحمّل قاسٍ اجتمعت فيه السياسة والاقتصاد على طاولة واحدة، لترسما ملامح موجة خسائر غير مسبوقة.

فقد خسر المؤشر الرئيسي «تاسي» ما يقارب 1.074 تريليون ريال من قيمته السوقية، بعدما تراجع بـ872.54 نقطة ليستقر عند 11,163.96 نقطة مع نهاية يونيو، مقارنة بـ12,036.50 نقطة في ختام 2024، إذ بلغت نسبة الهبوط 7.25 في المئة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ترامب يضغط الزناد.. والمنطقة تشتعل

في مشهد يُشبه صدى الماضي، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إحياء نغمة الصراع التجاري، إذ أطلق الرئيس الأميركي رصاصة جديدة على استقرار الأسواق في أبريل 2025، بإعلانه فرض تعريفات على واردات من الصين وأوروبا، وهذا القرار لم يكن مجرد إجراء تجاري، بل رسالة صريحة بإعادة تشكيل قواعد اللعب العالمي، فارتجّت البورصات وتخوف المستثمرون.

ولكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ تزامن القرار مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، بشهر يونيو الماضي، التي أضافت بعداً أكثر خطورة للمشهد، وضاعفت منسوب القلق في الأسواق الخليجية، ما أدى إلى تآكل مستمر في القيمة السوقية للأسهم السعودية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

رأس المال السوقي يفقد بريقه تدريجياً في النصف الأول من 2025

بدأت السوق السعودية عام 2025 بزخم نسبي، لكنها سرعان ما دخلت في مسار تراجعي واضح، إذ تبخرت مئات المليارات من القيمة السوقية في ستة أشهر، على وقع الضغوط الجيوسياسية وتقلبات الأسواق العالمية.

ففي نهاية ديسمبر 2024، كانت القيمة السوقية تقف عند أكثر من 10.2 تريليون ريال، لكن هذا الرقم لم يصمد طويلاً.

مع بداية يناير 2025، سجّل السوق ارتفاعاً طفيفاً ليلامس 10.277 تريليون ريال، في مؤشر على تفاؤل محدود.

لكن مع دخول فبراير، تبدّلت المعنويات سريعاً، وتراجع رأس المال السوقي إلى 10.002 تريليون ريال، أي خسائر شهرية تجاوزت 275 مليار ريال.

في مارس، استمرت الانخفاضات لتسجّل 9.918 تريليون ريال، بينما جاء أبريل بأداء أكثر ضعفاً، لتتراجع القيمة إلى 9.512 تريليون ريال، وسط تصاعد المخاوف الإقليمية.

ومع حلول مايو تسارعت وتيرة التآكل لتصل السوق إلى 9.206 تريليون ريال، قبل أن تختتم يونيو على مزيد من الخسائر عند 9.126 تريليون ريال.

ستة أشهر فقط كانت كافية ليفقد السوق أكثر من 1.074 تريليون ريال من قيمته، في نصف عام مضطرب يضع علامات استفهام كبرى حول النصف الثاني من 2025.

الاكتتابات وتدفقات الأجانب عززت مرونة السوق السعودية أمام التحديات

قال محمد الفراج، رئيس أول إدارة الأصول في شركة أرباح المالية، إن السوق السعودية أظهرت مقومات قوة ساعدتها على الصمود في وجه الضغوط والتقلبات، وفي مقدمتها النشاط الملحوظ في سوق الاكتتابات الأولية، إذ تمكنت الشركات الجديدة من جمع نحو 2.8 مليار دولار، ما أسهم في تعزيز السيولة وتنشيط التداولات، إلى جانب زيادة شهية المستثمرين.

وأضاف الفراج لـCNN الاقتصادية، أن متوسط قيمة التداول اليومي ارتفع ليصل إلى نحو 5.9 مليار ريال، مدفوعاً بعودة الزخم الاستثماري من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

وفي ما يخص الاستثمارات الأجنبية، أوضح الفراج أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سجلت نمواً لافتاً بنسبة 44 في المئة في الربع الأول من 2025 لتصل إلى 5.9 مليار دولار، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في القطاعات غير النفطية، مثل البنوك، الاتصالات، التكنولوجيا، والرعاية الصحية.

وتابع: بعض الأخبار الإيجابية المرتبطة بتراجع حدة التوترات الجيوسياسية أسهمت في دعم موجات الصعود بالسوق، لا سيما مع عودة اهتمام المستثمرين المضاربين والقصيري الأجل، وهو ما أضفى مزيداً من الحيوية على التداولات.

كما أكد الفراج أن التقدم المحقق في تنفيذ مستهدفات «رؤية السعودية 2030» أسهم في تعزيز مرونة السوق أمام تقلبات أسعار النفط، مشيراً إلى أن مساهمة الإيرادات غير النفطية بلغت قرابة 40 في المئة من إجمالي الإيرادات في عام 2024، مدعومة بالنمو المتسارع في قطاعات السياحة، الخدمات اللوجستية، والتعدين.

تحليل فني لحركة المؤشر في النصف الثاني 2025

قالت أسماء أحمد محلل فني أول بشركة ترند تريد، إنه من المتوقع أن يواصل المؤشر اتجاهه الصاعد خلال الفترة المقبلة، مستهدفاً مستويات 11,300 ثم 11,600 تليها منطقة 11,810 نقطة.

وأوضحت لـCNN الاقتصادية أنه في حال اختراق هذه المستويات، يتجه المؤشر إلى تأكيد التحول إلى المسار الصاعد على المدى المتوسط، مع احتمالية مواصلة الصعود نحو مستوى 12,000 نقطة.

وأشارت إلى أن هذا السيناريو الإيجابي يظل قائماً بشرط الحفاظ على مستوى الدعم الرئيسي عند 10,430 نقطة، إذ إن كسر هذا الدعم يُبطل النظرة الإيجابية، خاصةً في حال عدم وجود مستجدات تدعم الاتجاه الصاعد.

وتابعت: تظل المتغيرات الجيوسياسية عامل ضغط محتمل قد يؤثر سلباً على زخم المؤشر في حال ظهورها مجدداً.

السوق السعودية تستعد لالتقاط الأنفاس في النصف الثاني

قال الفراج، إن السوق السعودية مرشحة لتحقيق تحسّن نسبي في أدائها خلال النصف الثاني من عام 2025، مدعومة بعدة عوامل رئيسية، في مقدمتها استقرار أسعار النفط فوق مستوى67 دولاراً للبرميل، وهو ما من شأنه دعم الإيرادات الحكومية وتعزيز الإنفاق على مشاريع رؤية 2030.

وأشار إلى أن استمرار برنامج الطروحات الحكومية سيُسهم بدور محوري في زيادة جاذبية السوق، خصوصاً إذا شهد النصف الثاني إدراجات جديدة تشمل شركات تابعة لكيانات مدرجة، أو مشاريع ناشئة في قطاعات البنية التحتية والنقل والتقنية.

وأضاف أن السوق السعودي يتسم بالمرونة والتماسك رغم التراجع، مع فرص تعافٍ واضحة في النصف الثاني، مدفوعة بإصلاحات هيكلية وتنوع اقتصادي متسارع.

كما أكد الفراج أن برامج الإقامة طويلة الأجل التي أطلقتها المملكة مؤخراً قد تفتح آفاقاً جديدة لاستقطاب رؤوس أموال أجنبية، ما يدعم تنويع قاعدة المستثمرين، ويُعزّز من جاذبية السوق على المدى المتوسط والطويل.