قلّما يرغب أحدٌ في دفع الضرائب، إذ يعتبرها الكثيرون عبئاً مالياً ثقيلاً، وفي الولايات المتحدة تحظى مصلحة الضرائب بسمعة غير جيدة لدى غالبية المواطنين.
ولكن كما يُقال «هناك شيئان لا مفر منهما في الحياة؛ الموت والضرائب»، ما يؤكد أن النظام الضريبي سيظل جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية.
ومع ذلك، قد يكون الأمر مختلفاً وفقاً لوزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، فقد صرّح خلال مقابلة على قناة فوكس نيوز، الأربعاء الماضي، بأن الرئيس دونالد ترامب أعلن عن رغبته في إنشاء مصلحة الضرائب الخارجية، موضحاً أن الهدف من هذه الخطوة بسيط للغاية، وهو إلغاء مصلحة الضرائب الداخلية، وإسناد عبء الدفع إلى الأطراف الخارجية.
وبعبارة أخرى، تعتمد خطة ترامب على فرض تعريفات جمركية تولّد إيرادات ضخمة للولايات المتحدة، لدرجة أنها ستلغي الحاجة إلى فرض ضرائب الدخل على المواطنين الأميركيين.
هل ينجح ترامب في إلغاء مصلحة الضرائب؟
قد تبدو فكرة إلغاء مصلحة الضرائب (IRS) واستبدالها بالتعريفات الجمركية، كما يقترح دونالد ترامب، واعدة من الناحية النظرية، إلا أنها تواجه تحديات سياسية واقتصادية كبرى على أرض الواقع.
فالولايات المتحدة تحقق نحو 3 تريليونات دولار سنوياً من ضرائب الدخل، في حين تبلغ قيمة وارداتها السنوية أيضاً ثلاثة تريليونات دولار.
وهذا يعني، وفقاً لتورستن سلوك، كبير خبراء الاقتصاد في شركة «أبولو غلوبال مانجمنت»، أنه لكي تحل التعريفات الجمركية محل ضرائب الدخل، يجب أن تصل نسبتها إلى 100 في المئة على جميع السلع المستوردة على الأقل، وهو سيناريو يحمل تداعيات اقتصادية كبيرة.
ومع ذلك، فإن تعويض هذه الإيرادات الضريبية ليس مجرد مسألة فرض تعريفات جمركية بنسبة 100 بالمئة على جميع السلع المستوردة، كما يوضح تورستن سلوك، في مذكرة وجهها إلى المستثمرين أمس الخميس.
فوفقاً للمبادئ الاقتصادية الأساسية، يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تباطؤ الطلب، وهذا ما أكدته شركة وول مارت يوم الخميس، حيث أعلنت أنها تتوقع تباطؤ نمو مبيعاتها هذا العام بسبب قلق المستهلكين الأميركيين من ارتفاع الأسعار والتعريفات الجمركية.
لذلك، ستواجه الحكومة تحدياً كبيراً في إيجاد نقطة التوازن بين تحقيق إيرادات كافية من التعريفات الجمركية والحفاظ على مستوى الطلب الاستهلاكي، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى ارتفاع كبير في الأسعار.
فرض رسوم جمركية 200%
وأوضح سلوك أن التحدي الرئيسي يكمن في عدم وضوح تأثير تضاعف أسعار جميع المنتجات المستوردة على حجم المبيعات، فمع ارتفاع الأسعار يتراجع الطلب، ما يعني أن العائدات المتوقعة من التعريفات الجمركية قد لا تكون كافية لتعويض ضرائب الدخل.
وأضاف أنه قد يكون من الضروري رفع الرسوم الجمركية إلى 200 في المئة على جميع السلع المستوردة حتى تتمكن الحكومة من تحقيق مستوى الإيرادات نفسه الذي توفره ضرائب الدخل حالياً.
وفي حال تم تطبيق التعريفات الجمركية بشكل واسع، فقد يتضاعف سعر كل شيء مستورد، من السيارات والإلكترونيات إلى الأدوية والملابس والطاقة.
وحتى لو تقبل المستهلكون هذه الزيادات مقابل إلغاء ضرائب الدخل، تظل هناك مشكلة أساسية؛ إذا أدى ذلك إلى زيادة التصنيع داخل أميركا وانخفضت الواردات، فمن أين ستحصل الحكومة على إيراداتها؟
قد تسهم ضرائب الشركات في تعويض بعض الفجوة، لكنها تشكل فقط 6 بالمئة من إجمالي عائدات الضرائب في الولايات المتحدة، مقارنة بـ41 في المئة من ضرائب الدخل على الأفراد، وفقاً لمؤسسة الضرائب، فضلاً عن أن ترامب يسعى إلى خفض ضرائب الشركات، ما يزيد من تعقيد المشكلة.
زيادة التعريفات الجمركية
ورغم التحديات، يواصل ترامب الدفع نحو زيادة التعريفات الجمركية، فقد أعلن أن إدارته تدرس فرض رسوم بنسبة 25 في المئة على الأخشاب، إضافةً إلى السيارات والرقائق الإلكترونية والأدوية، مع احتمال توسيع القائمة بعد مراجعة تنتهي في 1 أبريل.
وفي الأسبوع المقبل، ستدخل تعريفات بنسبة 25 بالمئة على جميع الواردات من كندا والمكسيك حيز التنفيذ، بالإضافة إلى رسوم مفروضة سابقاً على الصلب والألومنيوم، و10 في المئة على جميع السلع الصينية.
وفي سياق متصل، أفاد مصدر مطلع بأن مسؤولة تنفيذية في مصلحة الضرائب الأميركية أبلغت الموظفين يوم الخميس بقرار فصل نحو 6000 موظف، وفقاً لتقارير شبكة CNN.
ويتركز معظم المسرّحين في أقسام التدقيق والامتثال، ما قد يؤثر على عمليات المراجعة الضريبية، وتأتي هذه التخفيضات وسط موسم الضرائب، ما قد يخلق اضطرابات في عمل المصلحة خلال فترة حساسة.