صرّح ترامب مساء الأحد بأنه «منفتح على التحدث» مع قادة العالم بشأن صفقات جديدة، متحلياً بالشجاعة في مواجهة الفوضى التي أحدثتها حروبه التجارية بعد عطلة نهاية أسبوع قضاها في لعب الغولف في فلوريدا.
قال ترامب إنه تحدث إلى «العديد من الدول» وإنه على الرغم من الغضب الدولي إزاء هجماته التجارية في «يوم التحرير» «فإنهم يتحدثون بلطف شديد».
ولكن أثناء عودته إلى واشنطن على متن طائرة الرئاسة، تراجعت الأسهم عند الافتتاح في طوكيو، وأشارت العقود الآجلة الأميركية إلى احتمال تكبد وول ستريت المزيد من الخسائر الفادحة اليوم الاثنين.
مع إغلاق الأسواق خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد أيام من الخسائر الفادحة، أتيحت للإدارة فرصة لتقييم الوضع، لكن لا يوجد وضوح بشأن استراتيجيتها مع تزايد حدة المخاطر السياسية.
أرسل كبار المسؤولين إشارات متضاربة حول ما إذا كان ترامب يعتبر الحرب الاقتصادية التي أطلقها الأسبوع الماضي رافعةً لعقد صفقات على المدى القريب، أو ما إذا كان جاداً بشأن محاولة إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي مهما استغرق الأمر.
جاء هذا الارتباك على خلفية تزايد الانزعاج بين بعض المشرعين الجمهوريين إزاء الحرب التجارية، وفي الوقت الذي نظمت فيه حشود ضخمة في جميع أنحاء البلاد احتجاجات مناهضة لترامب في أكبر مظاهر المعارضة في ولايته الثانية.
يبدو أن الرئيس وكبار مساعديه غافلون أيضاً عن القلق السائد في البلاد من احتمال أن تتسبب سياساته في ركود اقتصادي، أو أنهم واثقون جداً بآرائهم لدرجة أنهم لا يكترثون حقاً.
أعلن ترامب ومساعدوه من أصحاب الملايين والمليارات أنهم لا يشاركون مخاوف العائلات الأميركية العادية، بشأن مدخراتها التقاعدية وكيفية تحمل تكاليف البقالة ووقود السيارات عند ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية، حتى إن الرئيس يُصرّ على أن خططه لتخفيض الضرائب ستُحسّن وضع الجميع.
ولا يُظهر ترامب أية بوادر لتصحيح مسار التعريفات الجمركية، فقد كتب على صفحته على منصة «تروث سوشيال» يوم السبت «هذه ثورة اقتصادية، وسننتصر، اصمدوا»، وفي اليوم التالي عاد إلى ملعب الغولف.
والمبرر الرئيسي لفرض ترامب للرسوم الجمركية على 185 دولة ومنطقة هو أن بقية العالم قضى عقوداً في نهب أميركا، وأن الحرب التجارية ستعيد الوظائف إلى معاقل الصناعات الأميركية المتضررة.
صحيح أن أرباح العولمة لم تُوزّع بالتساوي، لكن الولايات المتحدة هي أغنى وأقوى دولة في التاريخ، وهي المستفيدة الأكبر من نظام التجارة الحرة الذي يسعى ترامب إلى تدميره.
سأل جيك تابر، من شبكة سي إن إن، وزيرة الزراعة بروك رولينز عن المدة التي ستستمر فيها فوضى الرسوم الجمركية وما إذا كانت مجرد تكتيك تفاوضي، وقد كشفت إجابتها عن التناقض الذي يهدد أسواق الأسهم.
قالت رولينز في برنامج «حالة الاتحاد» إن هذه قضية أمن قومي، إذ يتعلق الأمر بإعادة الملايين من الوظائف إلى الوطن، مؤكدةً عزم ترامب على إعادة تنظيم الاقتصاد العالمي جذرياً.
لكن رولينز قالت بعد ذلك إن 50 دولة «تضغط على خطوط الهاتف في البيت الأبيض»، وألمحت إلى أن الرسوم الجمركية كانت تهدف ببساطة إلى «الضغط»، وأضافت «هذا هو صانع الصفقات الحقيقي، رجل الأعمال الذي يرأس حكومتنا».
كان هذا متسقاً مع تصريحات ترامب اللاحقة على متن طائرة الرئاسة الأميركية، والتي أكد فيها استعداده للتحدث مع الصين والاتحاد الأوروبي بشأن خفض العجز التجاري مع الولايات المتحدة.
ولكن بيتر نافارو، كبير مستشاري ترامب التجاريين، قال في برنامج «صنداي مورنينغ فيوتشرز» على قناة فوكس نيوز «هذه ليست مفاوضات»، وحذّر من أن عرض تعريفة جمركية صفرية على الولايات المتحدة لن يكون كافياً، وأشار إلى أن الدول يجب أن تُذعن لمطالب البيت الأبيض في قضايا أخرى، بما في ذلك الحواجز غير الجمركية وحرية حركة العملات.
وعلى عكس رولينز، تمسك وزير التجارة، هوارد لوتنيك، بموقفه، وقال عن الرسوم الجمركية المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء «لا مجال للتأجيل»، وأضاف في برنامج «واجه الأمة» على قناة سي بي إس «ستبقى سارية لأيام وأسابيع بالتأكيد»، وأضاف «يحتاج الرئيس إلى إعادة ضبط التجارة العالمية، دول العالم تستغلنا، ويجب أن ينتهي هذا».