«ماذا نشتري لحماية أموالنا من التضخم؟ وما أفضل استثمار في الوقت الراهن؟».. هذه الأسئلة تشغل بال معظم الناس وخاصة في الأوقات التي يشوبها حالة عدم يقين وتتسم بالتقلبات السعرية وارتفاع معدلات التضخم.

وبينما نراقب قرارات البنوك المركزية ونتابع الانتخابات الرئاسية خاصة في الولايات المتحدة، نحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على أفضل الاستثمارات خلال بقية عام 2024 اعتماداً على آراء الخبراء وبيانات السوق.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة إيفست، علي حسن لـ«CNN الاقتصادية»، «يحتاج التداول في أسواق المال إلى تنويع الاستثمارات، إذ إن المتغيرات كثيرة طوال الوقت وتؤثر على حركة الأصول بشكل دائم، وبالتالي فتنويع استثماراتك يضمن لك تقليل المخاطر التي قد تؤثر على محفظتك الاستثمارية».

أداء الأسواق المالية

كانت عملة البيتكوين المشفرة الأعلى ارتفاعاً بنسبة 52.36 في المئة منذ بداية عام 2024 حتى نهاية يوليو، مسجلة صعوداً من نحو 42409 دولارت، حتى إغلاق يوليو عند 64671 دولاراً بعدما وصلت إلى أعلى مستويات العام عند 73808 دولاراً، وفقاً لبيانات منصة بينانس.

أما الذهب، فحقق صعوداً يتجاوز 18 في المئة منذ بداية العام حتى نهاية يوليو، وذلك بالمقارنة مع صعود مؤشر الدولار -الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية- بنحو ثلاث نقاط مئوية فقط.

وواصلت الأسهم الأميركية الصعود وسط آمال بخفض أسعار الفائدة وقوة أسهم التكنولوجيا المدفوعة بالتفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، إذ ارتفع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 15.78 في المئة، من 4745 نقطة في بداية يناير حتى إغلاق يوليو عند 5522 نقطة.

يليه ناسداك 100 الذي صعد بواقع 15.07 في المئة، من 16667 نقطة حتى إغلاق يوليو عند 19362 نقطة، لكنه انخفض في ذلك الشهر 1.63 في المئة، ثم داو جونز الصناعي مع ارتفاع بنحو 8.37 في المئة من 37566 نقطة حتى إغلاق يوليو عند 40842 نقطة.

جاءت هذه التحركات وسط عدد من الأحداث التي طرأت على الأسواق العالمية، إذ بدأت البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي و بنك إنجلترا، في خفض أسعار الفائدة مع تباطؤ معدل التضخم في الأشهر الأخيرة، كما فتح الاحتياطي الفيدرالي الباب أمام خفض أسعار الفائدة في سبتمبر أيلول المقبل

وبالنظر إلى بقية عام 2024، فما التوقعات للأصول التي حققت أكبر الارتفاعات وبخاصة الأسهم والذهب والعملات المشفرة؟

الأسهم

حققت أسواق الأسهم الأميركية مكاسب ملحوظة خلال النصف الأول من العام، وبخاصة أسهم التكنولوجيا التي استفادت من طفرة الذكاء الاصطناعي ودعمت شركات الرقائق على وجه خاص.

وقال حسن علي «لا بد للشركات الأميركية أن تظهر تحسناً في تقارير الأرباح لتعزيز ثقة المستثمرين، إذ إن أي تراجع في نسب الأرباح قد يؤدي إلى هبوط الأسواق حتى لو كانت النتائج إيجابية»، مشيراً إلى أن المستثمرين يركزون في الوقت الحالي على تحقيق نتائج أفضل من السابق بفارق ملحوظ.

وفيما يخص الانتخابات الأميركية، قال عاصم منصور، رئيس أبحاث السوق لدى شركة OW Market، «قد نشهد عمليات جني أرباح قبل موعد بدء الانتخابات في نوفمبر، ولكن سواء فاز الحزب الجمهوري بقيادة دونالد ترامب أو الحزب الديمقراطي بقيادة كامالا هاريس، فإن الأسواق ستستفيد في وقت لاحق من اتباع كلا الحزبين سياسة مالية تسهيلية».

لكنه لفت في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية» إلى أن قطاع الرعاية الصحية والطاقة النظيفة وشركات السيارات الكهربائية سيستفيدان أكثر تحت ولاية الحزب الديمقراطي، بينما سيستفيد قطاع الطاقة والنفط والعملات المشفرة من ولاية ترامب المحتملة.

على جانب آخر، كانت نظرة جيه بي مورغان سلبية على مؤشر إس آند بي 500، مرجحاً انخفاضه من المستويات الحالية إلى 4200 نقطة بنهاية ديسمبر 2024، ما يمثل تراجعاً بنحو 23 في المئة.

وفي بقية أسواق الأسهم، توقع مورغان في مذكرة اطلعت عليها CNN الاقتصادية، أن تحقق الأسهم اليابانية أداءً جيداً في النصف الثاني من العام، بسبب الاستقرار المحتمل في أسواق العملات، مع توقعات إيجابية للأسهم الصينية.

وكان البنك الاستثماري حذراً بشأن الأسواق الأوروبية قائلاً «يمكن أن يكون هناك توقعات أفضل بمجرد زيادة الوضوح بشأن السياسة الفرنسية»، في حين، توقع تداول أسهم الأسواق الناشئة بشكل أفضل خلال بقية هذا العام، مقارنة بـ2023.

الذهب

يعد أداء الذهب ثاني أفضل أداء بين الأصول ولا يزال خياراً جيداً خلال الشهور المقبلة كونه ملاذاً آمناً وسط التوترات الجيوسياسية، وهو ما انعكس على توجه صناديق الاستثمار والتحوط والبنوك المركزية التي تنوي 29 في المئة منها الاستمرار في زيادة حيازتها من الذهب بشكل كبير، بحسب ما قاله عاصم منصور.

وأضاف منصور، «يستفيد أيضاً من اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض الفائدة هذا العام»، متوقعاً استقرار أسعار الذهب خلال الربع الأخير ما بين 2400 و2600 دولار للأوقية.

وتوقع علي حسن أيضاً استمرار ارتفاع الذهب باعتباره أحد أهم الأصول الصالحة للشراء خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن بعض البنوك الكبرى ترجح وصول أسعار الذهب إلى مستويات 3000 دولار للأوقية.

وتتماشى هذه النظرة مع توقعات جيه بي مورغان لأسعار الذهب، إذ يرجح البنك زيادة بنسبة تصل إلى سبعة في المئة خلال النصف الثاني، إلى المستويات 2500 دولار للأوقية بنهاية العام.

البيتكوين والعملات المشفرة

توقع علي حسن من إيفست، ارتفاع تقلبات سوق العملات المشفرة لحين حسم نتيجة الانتخابات الأميركية، لكنه يرى اتجاهها للصعود في حالة تولي ترامب الرئاسة، ومع ذلك، حذر من تداولها الفترة المقبلة خاصة مع تضارب الآراء بشأن مستهدفات البيتكوين على المدى المتوسط.

كذلك كانت نظرة عاصم منصور إيجابية، مشيراً إلى صندوق الإيثريوم الذي جمع مليار دولار في يوم واحد فور إطلاقه وهو ما يدل على أن استمرار الاعتراف بهذا القطاع تدريجياً يجذب المزيد من المستثمرين.

وقال «لهذا أتوقع أن يستمر ارتفاع السوق مع زيادة ارتفاع القيم السوقية على أن تتخطى البيتكوين مستويات الـ80 ألف دولار والإيثريوم مستويات الـ5 آلاف دولار».

وبشكل عام ينصح الخبراء أصحاب الأموال الراغبين في الاستثمار على المدى القصير والمتوسط بالتركيز على أسواق الأسهم، أما الذهب فيظل الاختيار الأفضل للمستثمرين الباحثين عن الاستثمارات طويلة المدى.