أنهت مؤشرات وول ستريت الربع الأول من عام 2024 محققة مكاسب فصلية ومستويات قياسية، بدعم من تفاؤل المستثمرين بأن الاقتصاد الأميركي لا يزال لديه المرونة الكافية للتعامل مع التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة.

ومع إغلاق الأسواق بمناسبة عطلة الجمعة العظيمة وعيد القيامة يوم الاثنين، مثّل يوم الخميس الماضي جلسة التداول الأخيرة للربع الأول من عام 2024 الذي شهد ارتفاعات ملحوظة لأسهم شركات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، وسط تفاؤل باتجاه الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة لاحقاً هذا العام.

مكاسب فصلية ومستويات قياسية

سجّل مؤشر إس آند بي 500 نحو 22 مستوى قياسياً جديداً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 فقط، بحسب بيانات شبكة CNN، كما يقف مؤشر داو جونز على بُعد نقاط قليلة من الوصول إلى المستوى الرئيسي البالغ 40 ألف نقطة لأول مرة على الإطلاق.

وبالنسبة للربع الأول من هذا العام، أغلق مؤشر إس آند بي مرتفعاً بنحو 10.2 في المئة، وهو أقوى ربع أول للمؤشر في خمس سنوات، كما صعد مؤشر داو جونز بنسبة 5.6 في المئة، مسجلاً أقوى أداء للربع الأول منذ عام 2021، في حين ربح مؤشر ناسداك نحو 9.11 في المئة.

وكان العامل الرئيسي في مكاسب هذا الربع هو ثقة المستثمرين بشأن الاقتصاد، إذ رأى ما يقرب من ثلثي مديري الصناديق أن الهبوط الناعم هو النتيجة الأكثر ترجيحاً للاقتصاد الأميركي في الأشهر الـ12 المقبلة، بينما توقع 11 في المئة فقط «ركوداً حاداً»، وفقاً لآخر استطلاع رأي أجراه بنك أوف أميركا في مارس آذار ونقلته وكالة رويترز.

كما شجّع اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر العديد من المستثمرين، إذ رفع البنك المركزي توقعاته بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إلى 2.1 في المئة في 2024، كما تمسك بوجهة نظره بشأن تخفيضات أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام.

أبرز الأسهم الرابحة والخاسرة

ساعدت أسهم التكنولوجيا مثل شركة صناعة الرقائق إنفيديا وإيه آي كريز، على دفع المؤشرات الأميركية للارتفاع في الربع الأول، إذ ارتفعت أسهم إنفيديا بأكثر من 82 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وحصدت أسهم ألفابت مكاسب بنحو 8.05 في المئة منذ بداية العام الجاري.

ومن بين أبرز شركات التكنولوجيا الأخرى، صعد سهم مايكروسوفت 11.88 في المئة بنهاية الربع الأول، كما قفز سهم ميتا -الشركة الأم لفيسبوك- بنحو 37.19 في المئة، وارتفع سهم أمازون بنحو 18.72 في المئة.

على جانب آخر، تعثرت بعض أسهم شركات التكنولوجيا السبعة الكبرى بعد الارتفاع الكبير في العام الماضي، وانخفضت أسهم شركة أبل بنسبة 11 في المئة خلال الربع الأول بسبب المخاوف بشأن ضعف المبيعات في الصين.

كذلك تراجع سهم شركة تسلا صانعة السيارات الكهربائية بنحو 29.25 في المئة، ما يجعله السهم الأسوأ أداءً في مؤشر إس أند بي 500 بنهاية الربع الأول من هذا العام.

هل يستمر ارتفاع وول ستريت؟

مع دخولنا الربع الثاني من عام 2024، يظهر تساؤل بشأن إمكانية استمرار الارتفاع المشهود للأسهم الأميركية بعد المستويات المرتفعة التي حققتها المؤشرات في الربع الأول، وهنا ينقسم المحللون في هذا الشأن.

من ناحية، تقول ليزلي طومسون، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة سبكتروم ويلس مانجمنت لشبكة CNN، إنها تتوقع أن يستمر الارتفاع بفضل أرباح الشركات القوية، لافتة إلى أن الشركات المدرجة في مؤشر إس آند بي 500 شهدت نمواً في الأرباح بنسبة 4.3 في المئة خلال الربع الأخير من عام 2023 مقارنة بالعام السابق.

كما يشير التاريخ إلى أن الارتفاعات الجديدة في بداية العام غالباً ما تنذر بعوائد سنوية إيجابية، إذ شهد مؤشر إس آند بي 500 عائداً متوسطاً بنسبة 15.8 في المئة في السنوات التي حقق فيها ارتفاعات في أول شهرين من العام، وفقاً لبيانات مجموعة الأبحاث سي إف آر إيه التي تعود إلى عام 1954.

أما من ناحية أخرى، يعتقد البعض أنه بعد خمسة أشهر إيجابية متتالية لمؤشر إس آند بي 500، قد يكون السوق على وشك التراجع، إذ تشير بعض مؤشرات السوق بما في ذلك مؤشر وارن بافيت المفضل، إلى أن قيمة الأسهم مبالغ فيها مقارنة بأداء الاقتصاد.

وقال زاكاري هيل، رئيس إدارة المحافظ في شركة هويزون إنفستمينتس، إنه يراقب بعناية علامات التضخم العنيد في الأشهر المقبلة والتي يمكن أن تعرقل خطط بنك الاحتياطي الفيدرالي، مشيراً إلى أن المستثمرين لا يتخلون عن حذرهم رغم شعورهم بالتفاؤل.

في غضون ذلك، يعتقد نحو 61 في المئة من المتداولين على أداة فيدووتش، اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس بحلول اجتماع يونيو حزيران، في حالة استمرار معدلات التضخم في الانخفاض خلال الأشهر المقبلة.