الأسواق العالمية بين تفاؤل الاتفاق التجاري وتفاقم الضبابية.. هل هي مجرد هدنة مؤقتة؟

الأسواق العالمية بين تفاؤل الاتفاق التجاري وتفاقم الضبابية.. هل هي مجرد هدنة مؤقتة؟
نورس حافظ clock

نورس حافظ

كبير استراتيجي الأسواق بأكاديمية تريدر فاكتوري

رغم الارتياح المبدئي الذي أشاعه الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإن هناك مجموعة من العوامل الجوهرية ما تزال تُبقي الأسواق العالمية في حالة من الجمود والترقب، فالأسواق، سواء في الأسهم أو العملات أو المعادن، قد تبقى في نطاقات محدودة نسبياً في المدى القصير، بانتظار وضوح أكبر في مسار الاتفاقات التجارية والسياسات النقدية.

الاتفاق التجاري.. حل جزئي وأزمات مفتوحة

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

الاتفاق الذي جرى مؤخراً ركز على خفض الرسوم الجمركية إلى 30% على واردات الصين، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 450 مليار دولار سنوياً، هذه النسبة تولد إيرادات تقارب 150 مليار دولار، لكنها لا تزال أقل بكثير من حجم العجز التجاري الأميركي مع الصين، والذي يقدر بنحو 300 مليار دولار سنوياً، نتيجة أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين لا تتجاوز 150 مليار دولار.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

هذا الواقع يُظهر أن النسبة الحالية للرسوم تعتبر منخفضة نسبياً ولا تكفي لمعالجة الفجوة التجارية القائمة، ما يفتح الباب واسعاً لاحتمالات رفع هذه الرسوم إلى مستويات أعلى، قد تصل إلى ضعف النسبة الحالية لتقارب 60%، وهي النسبة التي قد يراها البيت الأبيض أكثر واقعية لتحقيق توازن تجاري حقيقي إذا استطاعت الشركات الأميركية أيضاً تعزيز دخولها إلى السوق الصينية.

ولكن كيف سيكون رد الصين على هذا السيناريو؟ من المرجح أن ترفع الصين بدورها الرسوم على السلع الأميركية من 10% حالياً إلى مستويات أعلى، ما يعيد التوتر التجاري مجدداً، ويترك آثاراً سلبية على التضخم الذي قد يتجه للارتفاع، وعلى النمو الاقتصادي العالمي الذي سيتعرض لمزيد من الضغوط.

الفيدرالي الأمريكي.. الحذر سيد الموقف

في هذا المناخ المشحون، يتخذ الفيدرالي الأميركي موقفاً متريثاً، حيث يؤكد رئيسه وأعضاؤه في تصريحاتهم الأخيرة أن البنك المركزي يتبع نهجاً reactive يعتمد حصراً على البيانات المؤكدة، وليس نهجاً proactive استباقياً كما يرغب البيت الأبيض الذي يدفع نحو خفض الفائدة سريعاً تحسباً لأي آثار سلبية متوقعة للرسوم على النمو والتوظيف.

هذا التناقض بين رغبة الإدارة الأميركية في تحفيز الاقتصاد سريعاً، وبين تريث الفيدرالي وانتظاره لأرقام مؤكدة لتأثير الرسوم على التضخم والنمو، يضيف طبقات إضافية من الضبابية للمشهد الاقتصادي الأميركي والعالمي.

الأسواق.. نطاقات محدودة وانتظار طويل

وسط كل هذه المعطيات، من المرجح أن تبقى الأسواق المالية بمختلف قطاعاتها ضمن نطاقات ضيقة في المدى القريب، بانتظار حسم مصير الرسوم الجمركية وتطور العلاقات التجارية العالمية، إلى جانب وضوح توجهات الفيدرالي تجاه معدلات الفائدة، فالأسواق باتت أسيرة حالة من الترقب، ولن تجد محركات قوية للصعود أو الهبوط حتى تتضح الصورة أكثر.

وفي الوقت ذاته، تظل الملفات الجيوسياسية مثل الملف النووي الإيراني والاتفاقات غير المكتملة مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي عوامل ضغط إضافية قد تؤجل أي حالة تفاؤل مستدامة، ما يجعل من العام الجاري حتى الآن مسرحاً لحالة من الترقب والجمود مع ارتفاع احتمالات التقلب في أي لحظة بحسب تطورات المشهد التجاري والجيوسياسي.

تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.