انتهت في مصر أعمال ترميم أحد أقدم المعابد اليهودية في البلاد وهو معبد بن عزرا الذي أنشئ في القرن الـ12 الميلادي، ويقع في منطقة الفسطاط بحي مصر القديمة، وبالإضافة لحجمه الكبير ومكانته التاريخية يحتوي المعبد على مكتبة بها «نفائس الكتب المرتبطة بعادات وتقاليد اليهود وحياتهم الاجتماعية في مصر» حسبما ورد في بيان وزارة السياحة والآثار المصرية.
وافتتح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، معبد بن عزرا، قبل أيام قليلة بعد أعمال ترميم دامت عشر سنوات.
يتشابه التخطيط المعماري للمعبد مع الكنائس، والسبب في ذلك أنه كان في الأصل كنيسة تم تحويلها إلى معبد يهودي، فهو مستطيل وله واجهات خالية من الزخارف، أما من الداخل فيتبع الطراز البازيليكي حيث ينقسم إلى ثلاثة أروقة متوازية أوسطها أكثرها اتساعاً، وبالرواق الأوسط توجد منصتان، تعرف الأولى بأطلس المعجزة، أما الثانية فهي منصة الصلاة «البيما».
وتوجد بالطابق الثاني شرفة صلاة السيدات، وتشغل ثلاثة أضلاع وبطرفيها حجرتان للمقتنيات وما يعرف باسم «الجنيزا»، وهي مجموعة من الكتب واللفائف والأوراق الخاصة باليهود، وتوجد خلف المعبد بئر للطهارة يتم الوضوء بمائها قبل الدخول للمعبد وخاصة غسل الأرجل، أما سقف المعبد وجدرانه فمغطاة بالجص وعليها زخارف هندسية ونباتية (أرابيسك)، وتتوسط المعبد مقصورة الصلاة وهي من الرخام.
وشهد معبد بن عزرا أعمال ترميم سابقة كان أهمها عام 1889م عندما تم هدم معظم البناء وتشييده من جديد على أسلوب البناء القديم المعروف بالطراز البازيليكى، وفي عام 1982 أجريت للمعبد أعمال ترميم شاملة قامت بها بعثة المركز الكندي للعمارة بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار استغرقت نحو عشر سنوات، وشملت الترميم المعماري والترميم الدقيق للأثاث وأدوات المعبد.
أما عن مشروع ترميم المعبد الذي تم افتتاحه حديثاً فيتضمن أعمال الترميم المعماري والدقيق، فضلاً عن أعمال معالجة ودرء الخطورة لأسقف المعبد، وعزل الأسطح، وتنظيف الأحجار ومعالجتها، وإعادة تنسيق الموقع بالشكل الملائم الذي يتيح الرؤية البصرية للأثر، بالإضافة إلى صيانة منظومة الإضاءة بالكامل، وتنظيف الوحدات النحاسية والحديدية وأعمدة الرخام، بالإضافة لأعمال ترميم الزخارف الأثرية والمكتبة.
معابد اليهود في مصر
تتركز معابد اليهود في العاصمة المصرية القاهرة تليها الإسكندرية، ويعد معبد عدلي من أشهر المعابد اليهودية؛ ويعرف بمعبد «شعار هاشامايم» أي «بوابة الجنة»، وهناك «معبد الإسماعيلية»، ويقع في شارع عدلي حالياً وبُني عام 1905 برعاية عائلات يهودية أرستقراطية على رأسها عائلة موصيرى، ويضم المعبد مكتبة التراث اليهودي بمصر.
أما معبد موسى بن ميمون فيقع في درب محمود بالموسكي بحارة اليهود، وشُيد هذا المعبد في نهاية القرن الـ19 في المكان نفسه الذي أقام فيه موسى بن ميمون إثر وصوله لمصر قادماً من الأندلس، وظلت الشعائر الدينية تقام فيه حتى عام 1960.
ويعد معبد اليهود الإشكناز المعبد الوحيد لطائفة الإشكناز في مصر وهم «يهود الغرب»، ويقع بحارة النوبي المتفرعة من شارع الجيش بالعتبة، وتشير بعض المصادر إلى أنه قد شيد سنة 1887م وأعيد بناؤه سنة 1950م.
ويرتبط الوجود اليهودي في مصر بروايات تاريخية بداية من قدوم النبي يوسف لمصر، وفي تاريخ مصر الحديث وفدت الأغلبية العظمى من اليهود المصريين بداية من منتصف القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إذ عاش معظمهم في حارة اليهود ولم يختلفوا شيئاً عن عامة الشعب المصري، لا في اللغة ولا في الشكل ولا في المظهر، ولم تكن لغتهم العربية تحمل أي لكنة أو لهجة مختلفة.
وفي أثناء حكم «محمد علي» حدث انفتاح كبير في مصر على الأوروبيين والأرمن ومختلف الجنسيات الأجنبية، وأصبح لليهود وضع متميز ووصل عددهم لما يقرب من تسعة آلاف يهودي، وبدأت العائلات الكبرى مثل قطاوي، وموصيري، ومنشه، وسوارس، ورولو، وأجيون بداية متواضعة، معظمها كان في حارة اليهود، وبعد سنوات أصبح أفرادها من كبار الأغنياء، وتوسعت نشاطاتها الاقتصادية الصناعية والزراعية وغيرها، وكانت من أشهر العائلات اليهودية في مصر في ذلك الوقت «شملا» و«هانو» و«شيكوريل» أحد مؤسسي «بنك مصر» مع طلعت حرب.
ووصل تعداد اليهود في مصر عام 1947 إلى 75 ألف نسمة وفقاً للمصادر اليهودية الموثوقة، وتذكر المصادر التاريخية اليهودية أن 20 ألفاً من اليهود هاجروا بعد عام 1948 من مجموع نحو 75 ألف يهودي كانوا يعيشون في مصر في الثلاثينيات والأربعينيات ثم هاجر ما يتراوح بين 40 و50 ألفاً بعد حرب السويس في 1956، ثم كل ما تبقى بعد حرب 1967.
ولم يبقَ في مصر من الجالية اليهودية سوى عدد قليل وترأس الطائفة اليهودية في مصر السيدة ماجدة هارون، وقد تزوجت مرتين، المرة الأولى من مسلم وأنجبت بنتين، وزوجها الحالي مسيحي وتحتفل في بيتها دائماً بمناسبات الأديان السماوية الثلاثة، وذلك وفقاً لتصريح سابق لها.