أعلنت الصين عن خطوات «تاريخية» اليوم الجمعة لتحقيق الاستقرار في قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، حيث قام البنك المركزي بتسهيل تمويل إضافي بقيمة تريليون يوان (138 مليار دولار) وتخفيف قواعد الرهن العقاري، ومن المقرر أن تشتري الحكومات المحلية «بعض

» الشقق.

ويأمل المستثمرون أن تكون هذه الإجراءات بمثابة بداية تدخل حكومي أكثر حسماً للتعويض عن تراجع الطلب على الشقق الجديدة والقديمة، ولإبطاء عجلة انخفاض الأسعار وتقليل العدد المتزايد من المنازل غير المبيعة.

ولطالما دعا المحللون الحكومة إلى التدخل في مشترياتها الخاصة لدعم القطاع الذي كان يمثل في ذروته خُمس الناتج المحلي الإجمالي، وأصبح اليوم عائقاً كبيراً لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ومنذ أن بدأت سوق العقارات تراجعها الحاد عام 2021، تخلف عدد من المطورين عن السداد، تاركين وراءهم العشرات من مواقع البناء الخاملة، ما قوض الثقة في ما كان لعقود من الزمن أداة الادخار المفضلة للسكان الصينيين.

وقالت صحيفة الصين العقارية، التي تديرها وزارة الإسكان، إن «السياسات ذات الوزن الثقيل» تمثل «لحظة تاريخية مهمة» لهذا القطاع.

وقفز مؤشر الأسهم العقارية سي إس آي 300 (CSI 300) في الصين بنسبة 9.1 في المئة بعد الإعلان عن هذه القرارات.

وقال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين في الصين في إيه إن زد (ANZ)، عن هذه الإجراءات «إنها خطوة جريئة».

وأضاف «المشكلة الأكبر هي ما إذا كان برنامج الشراء الحكومي سيحفز طلب القطاع الخاص، فتصفية العقارات غير المبيعة ستزيد التدفق النقدي للمطورين وتساعد على استقرارهم المالي، لكنها لا تؤثر على ثقة القطاع الخاص».

وبعد فشل موجات من إجراءات الدعم على مدى العامين الماضيين في وضع حد لقطاع العقارات، قالت وزارة الإسكان الصينية إن الحكومات المحلية يمكنها أن تصدر تعليمات للشركات المملوكة للدولة لشراء «بعض» المنازل بأسعار «معقولة».

ولن يُسمح لأدوات التمويل البلدية، التي يُلقى عليها باللوم في ما تسميه بكين «الديون الخفية»، بالشراء.

وقال نائب رئيس مجلس الدولة هيه ليفنغ، إن المنازل سيتم استخدامها لتوفير مساكن بأسعار معقولة، دون إعطاء جدول زمني أو هدف للشراء.

وقال أيضاً إن الحكومات المحلية، التي تبلغ ديونها بالفعل نحو 9 تريليونات دولار، يمكنها إعادة شراء الأراضي المبيعة للمطورين، ووعد بأن السلطات «ستكافح بشدة» لاستكمال المشاريع المتوقفة.

مخزون كبير

وقال البنك المركزي الصيني إنه سينشئ تسهيلات لإعادة الإقراض للإسكان الميسر يقول إنه سينتج عنه تمويل مصرفي بقيمة 500 مليار يوان، كما أنه سيؤدي إلى خفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري ومتطلبات الدفعة الأولى.

بالإضافة إلى ذلك، ستوفر 500 مليار يوان أخرى في تسهيلات الإقراض التكميلي التي تعهدت بها لدعم السياسات، بما في ذلك إعادة تطوير بعض المناطق الحضرية بمساكن قديمة.

ولم يقدم المسؤولون تقديراً للتكلفة الإجمالية لشراء المساكن الموجهة من قبل الدولة.

ويقدر بنك غولدمان ساكس مخزون المساكن القابلة للبيع عند 13.5 تريليون يوان في نهاية عام 2023.

وأظهرت أحدث البيانات الرسمية أن هناك 391 مليون متر مربع (4.2 مليار قدم مربعة) من المساكن الجديدة المعروضة للبيع في الفترة من يناير كانون الثاني إلى أبريل نيسان، بزيادة 24 في المئة على أساس سنوي.

ويقدر المحللون في تيانفينغ سكيوريتيز (Tianfeng Securities) أن شراء العقارات المعروضة بأكملها سيكلف نحو تريليون دولار.

وقال مسؤول تنفيذي كبير في شركة تطوير متعثرة مقرها شنغهاي، رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، «إن السياسات المتعلقة بتصفية المخزون تعتبر قوية جداً مقارنة بجميع السياسات السابقة».

وأضاف «من الناحية النفسية، سيسمح ذلك للمستثمرين بالاعتقاد بأن الحكومة تدفع الفاتورة، وأنها تحول المخاطر من العقارات إلى البنوك والحكومات المحلية».

ومنذ تدهور سوق العقارات في عام 2021، خفضت الصين أسعار الفائدة والدفعات الأولى، في حين قامت معظم المدن بتخفيف أو إزالة قيود الشراء المسبق.

كما يكافح أيضاً برنامج تمويل مطوري القائمة البيضاء لإكمال المشروع من أجل جذب المستثمرين.

ومن الجدير بالذكر أن الحملة التي أشارت إليها السلطات الصينية في اجتماع سياسي رئيسي الشهر الماضي لتشجيع الناس على استبدال شققهم القديمة بأخرى جديدة بدأت بداية سيئة.

وتظل الأسئلة الأطول أجلاً بشأن الطلب على الإسكان قائمة في بلد يواجه تراجعاً ديموغرافياً حاداً، حيث يمتلك 96 في المئة من الأسر بالفعل منزلاً واحداً على الأقل.

بيانات سيئة

ويتناقض رد فعل سوق الأسهم المتفائل تجاه الإجراءات الجديدة مع الواقع القاسي على الأرض، الذي أبرزته بيانات الإسكان الضعيفة في وقت سابق من يوم الجمعة وجلسة استماع في محكمة هونغ كونغ بشأن التماس يسعى لتصفية شركة التطوير المحاصرة كانتري غاردن.

وتم تأجيل جلسة الاستماع إلى 11 يونيو حزيران.

كما صدر أمر بتصفية مطور رئيسي آخر، وهو مجموعة إيفرغراند الصينية في يناير كانون الثاني.

وانخفضت أسعار المنازل الجديدة للشهر العاشر على التوالي في أبريل نيسان، بنسبة 0.6 في المئة على أساس شهري، وهو أسرع انخفاض منذ نوفمبر تشرين الثاني 2014، وأظهرت بيانات منفصلة انخفاض الاستثمار العقاري في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 بنسبة 9.8 في المئة عن العام السابق.

وسجلت مبيعات العقارات، حسب مساحة الطابق في الفترة من يناير كانون الثاني إلى أبريل نيسان، انخفاضاً بنسبة 20.2 في المئة على أساس سنوي، بينما انخفضت عمليات البناء الجديدة بنسبة 24.6 في المئة، كما انخفضت الأموال التي جمعها المطورون بنسبة 24.9 في المئة على أساس سنوي.

وقال روكي فان الاقتصادي في جوليان سيكيوريتيز «ارتفاع قياسي في مخزون المساكن وضغوط السيولة على المطورين يهدد الاستقرار المالي، والتعافي الاقتصادي الذي لا يزال هشاً»، وأضاف «يبدو أن السياسات مصممة لمنع المزيد من تداعيات أزمة العقارات، لكن عكس الاتجاه الهبوطي سيستغرق بعض الوقت».

(1 دولار = 7.2235 يوان صيني)

(رويترز)