قال مصدران مطلعان لشبكة CNN إن الرئيس جو بايدن مستعد لمنع استحواذ شركة نيبون ستيل اليابانية على شركة الصلب الأميركية «يو إس ستيل»، في خطوة من شأنها أن توجه ضربة قوية للصفقة التي تبلغ قيمتها 14 مليار دولار، ولكنها في الوقت نفسه تتعارض مع تعهد المرشحين من كلا الجانبين بحماية التصنيع الأميركي.
لم يعلق الحساب الرسمي للبيت الأبيض على حديث المصدرين، لكنه أعلن أن لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، التي تُحقق في الصفقة المقترحة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، لم تنقل توصياتها إلى الرئيس بايدن بعد.
وقال أحد المصادر إن الرئيس سيعارض الصفقة إذا أوصت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بعدم إتمام الصفقة أو حتى حجبت التوصية.
وعادة ما يظهر التقرير النهائي من اللجنة المخاطر المحتملة من الاتفاق، ولكن وجود معارضة رفيعة المستوى للصفقة قد يؤثر على التوصية التي تقدمها اللجنة.
وتترأس وزارة الخزانة اللجنة، التي تتألف من موظفين رفيعي المستوى مسؤولين عن الأمن القومي.
وقال أحد المصادر إن إعلان الرئيس قد يأتي هذا الأسبوع.
تصميم على إتمام الصفقة
أشارت كل من شركتي الصلب الأميركية ونيبون في بيانات إلى أنهما ستواجهان المعارك القانونية من أجل الحصول على الموافقة على الصفقة، بغض النظر عن وجهة نظر بايدن.
وقالت شركة الصلب الأميركية «متمسكون برفض الادعاء بتهديد الصفقة للأمن القومي، حيث تعد اليابان واحدة من أكثر حلفائنا ولاءً»، وفي بيان، قال متحدث باسم شركة نيبون للصلب إن الشركة لم تتلق أي تحديثات بشأن عملية الاستحواذ، «منذ بداية عملية المراجعة التنظيمية، كنا واضحين مع الإدارة بأننا لا نعتقد أن هذه الصفقة تخلق أي مخاوف تتعلق بالأمن القومي»، وفقاً للبيان الذي أكد أن «شركة الصلب الأميركية والصناعة بأكملها سيتم دعمهما بسبب استثمارات نيبون، وهو الاستثمار الذي تعد نيبون الطرف الوحيد الراغب والقادر على القيام به».
وأوردت صحيفة واشنطن بوست، يوم الأربعاء، أن بايدن سجل معارضة الصفقة.
وأغلقت أسهم شركة الصلب الأميركية منخفضة بنسبة 17.5 في المئة، عند 29.37 دولار، وهو أقل بكثير من 55 دولاراً للسهم الذي وافقت الشركة اليابانية على دفعه مقابل السهم في ديسمبر، عندما تم الإعلان عن الصفقة.
كان الرئيس قد حدد سابقاً معارضته للصفقة في مارس، قائلاً إنه «من الضروري أن تظل شركة الفولاذ الأميركية مملوكة ومُدارة محلياً».
بالإضافة إلى معارضة بايدن المعلنة، أعربت نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب عن معارضتهما للصفقة.
التهديد بإغلاق المصانع
هناك مخاطر لرفض الصفقة أيضاً، في يوم الأربعاء أصدرت شركة الصلب الأميركية بياناً هددت فيه بإغلاق مصانعها وتسريح العمال النقابيين إذا لم تحصل على موافقة على الصفقة غير الشعبية، وهي الخطوة التي قد تضع ضغوطاً على نقابة عمال الصلب المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع الشركتين من شأنه أن يمهد الطريق للموافقة على الصفقة.
وتجري وزارة العدل أيضاً مراجعة لمكافحة الاحتكار للاندماج المحتمل.
قالت شركة الصلب الأميركية «يو إس ستيل» إن الاستثمار الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات من منافستها اليابانية سيدعم مرافق الشركة ومواردها المالية بأكثر مما تستطيع الشركة الأميركية تحمله بمفردها.
وقالت الشركة في بيان يوم الأربعاء «بدون صفقة نيبون ستيل، ستبتعد يو إس ستيل إلى حد كبير عن قدرتها على تشغيل مرافق أفران الصهر الخاصة بها، ما يعرض آلاف الوظائف النقابية ذات الأجور الجيدة للخطر، ما يؤثر سلباً على العديد من المجتمعات في جميع المواقع التي توجد بها مرافقنا»، وقالت إنها قد تنقل مقرها الرئيسي بدون الصفقة.
ورد اتحاد عمال الصلب الأميركي باتهام الشركة بتوجيه «تهديدات لا أساس لها وغير قانونية» و«محاولة يائسة لإنقاذ الاستحواذ».
ليس من الواضح الآن ما إذا كان رفض بايدن من شأنه أن يقتل الصفقة إلى الأبد، أو أنه سيعطي -ببساطة- شركتي الصلب والنقابة فرصة للتفاوض على صفقة مقبولة من جميع الأطراف.
ويستخدم الاتحاد نفوذه السياسي الحالي للحصول على أفضل صفقة ممكنة من نيبون ويو إس ستيل، بما في ذلك وعود أقوى بإبقاء مصانع يو إس ستيل التي توظف أعضاء النقابة مفتوحة والحماية المالية لأي شخص يفقد وظيفته، كما قال فيليب جيبس، محلل الصلب في كيبانك، في مقابلة مع شبكة سي إن إن قبل الإعلان عن خطط بايدن «إذا كان التغيير في الملكية أمراً لا مفر منه، فلماذا لا نحاول تعظيم شبكات الأمان، العمال يريدون التأكد من رعاية أسرهم».
المعارضة «انتخابية»
كان من المحتم أن يكون الاستحواذ المقترح غير شعبي، كانت «يو إس ستيل» ذات يوم رمزاً للقوة الصناعية الأميركية، كانت الشركة الأكثر قيمة في العالم وأول شركة تصل قيمتها إلى مليار دولار بعد وقت قصير من إنشائها في عام 1901، كما كانت حاسمة للاقتصاد الأميركي والسيارات والأجهزة والجسور وناطحات السحاب التي أشارت بشكل ملموس إلى هذه القوة.
بعد عقود من الانحدار، لم تعد حتى أكبر شركة لصناعة الصلب في الولايات المتحدة، وصاحبة أعمال صغيرة نسبياً.
لكنها لا ليست الشركة التي يرغب الساسة الذين يستمتعون بالحديث عن العظمة الأميركية في رؤيتها تقع في أيدي أجنبية، فهناك عدد من عمال الصلب ما زالوا يعملون لصالح الشركة في ولاية بنسلفانيا، وهي ولاية حاسمة في المعركة الانتخابية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المتقاعدين الذين ما زالوا في الولاية، والعديد من الناخبين الذين ربما عمل آباؤهم أو أجدادهم أو حتى أجداد أجدادهم في مصانعها.
يقول مايكل ليتر، رئيس لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة وممارسات الأمن القومي في شركة سكادن، في مقابلة مع شبكة سي إن إن قبل الإعلان عن خطط بايدن: «نظراً للتحالف الأميركي الياباني، وسجل شركة نيبون ستيل، ونقاط الضعف الحالية في صناعة الصلب الأميركية، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل تحديد خطر الأمن القومي الذي يبرر معارضة الاستحواذ، ومع ذلك من الأسهل بكثير تحديد خطر سياسي (الانتخابات)، ومن المؤسف أن هذه الحسابات تهيمن على القضية».