بعد عام مليء بالتخفيضات، يستعد البنك المركزي الأوروبي لخفض جديد في أسعار الفائدة هذا الأسبوع، في محاولة لحماية اقتصاد منطقة اليورو من العواصف القادمة من واشنطن. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس اليوم الخميس، ليصل سعر الفائدة الرئيسي إلى أعلى نطاقه المحايد المُقدّر، ما يُخفض سعر الفائدة الرئيسي على الودائع إلى 2.25%.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وتأتي هذه الخطوة في ظل ضعف النمو، وانخفاض التضخم، وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية.
وحذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، من أن تأثير الرسوم الجمركية قد يُخفض نمو منطقة اليورو هذا العام إلى النصف، مُقارنةً بتوقعات متواضعة أصلاً بلغت 0.9%. ويُضيف كلٌ من: ارتفاع اليورو الأخير، وانخفاض أسعار النفط، وحذر ثقة المستهلكين، ضغوطاً سلبية على التضخم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وبينما يُوفر توقف لمدة 90 يوماً في إجراءات الانتقام الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة راحة مؤقتة، فلا يزال البنك المركزي الأوروبي قلقاً بشأن التأثير الأوسع على الاستثمار والتجارة.
وصرحت لاغارد مؤخراً بأن البنك المركزي الأوروبي لا يزال مُتأهباً وجاهزاً لاتخاذ مزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر لضمان استقرار الأسعار والاستقرار المالي.
وتشير توقعات معظم الاقتصاديين إلى خفض بمقدار 25 نقطة أساس ليصل سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.25 في المئة، وهو ما يتماشى مع توقعات الأسواق التي سعّرت هذا القرار بالكامل، ما يضع ضغوطاً إضافية على البنك لتفادي أي صدمة مفاجئة للمستثمرين.
خلفية المشهد
منذ أكثر من عام، بدأ المركزي الأوروبي دورة تيسيرية عنيفة، خفّض خلالها أسعار الفائدة بشكل متسارع مع تراجع التضخم واستقرار الأسعار.
وفي المقابل، أسهمت تقلبات الأسواق العالمية الناجمة عن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية في زيادة القلق الأوروبي، فبينما جُمّدت بعض الرسوم الجمركية، لا تزال أخرى قائمة، ما تسبب بضرر فعلي للنشاط الاقتصادي والتجاري عبر القارة.
ووفقاً لتقديرات سابقة للبنك، قد تخسر منطقة اليورو نحو نصف نقطة مئوية من نموها السنوي إذا فُرضت الرسوم بشكل واسع، وهو ما يعادل نصف معدل التوسع الاقتصادي المتوقع للعام، وقد يكون هذا التقدير متفائلاً، خاصة في حال عودة أميركا إلى تصعيد جديد أو ردت أوروبا بإجراءات مضادة.
هل يكفي الدواء النقدي لعلاج عدوى التجارة الأميركية؟ ما المتوقع؟
مع استمرار هذه السياسات، بات واضحاً أن التأثير لا يقتصر فقط على العرض بل يمتد إلى الطلب، ما دفع اقتصاديي «جي بي مورغان» إلى القول إن الخفض الحالي «بسيط وواضح» في ظل هذا الغموض.
في المقابل، حذر خبراء في «مورغان ستانلي» من أن التضخم قد يهبط دون مستوى 2 في المئة المستهدف خلال عام 2026، نتيجة قوة اليورو وتراجع أسعار الطاقة وتباطؤ النمو، إضافة إلى احتمال تدفق الصادرات الصينية إلى أوروبا بعد استهدافها برسوم أميركية.
لا يُتوقع أن تقدّم رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، التي ستعقد مؤتمراً صحفياً في الساعة 12:45 ظهراً بتوقيت غرينتش، وُعوداً واضحة حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية، بل من المنتظر أن تكرر عبارتها المعتادة بأن «البيانات هي من يحدد الخطوة التالية».
لكن المستثمرين سيحاولون قراءة ما بين السطور، خاصة لمعرفة إن كان البنك لا يزال يعتبر الفائدة «مقيدة» للنشاط، وهي عبارة قد تعني أن التيسير سيستمر.
كما يتوقع البعض أن تتطرق لاغارد لتحديث بشأن تأثير الحواجز التجارية، رغم أن التوقعات الرسمية لن تُعلن حتى يونيو المقبل.
ورقة ألمانيا الأخيرة.. الإنفاق الحكومي
من المتوقع أن تُسأل لاغارد عن خطة التحفيز المالي الألمانية الجديدة، خاصة أن حكومة برلين وعدت بزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، ورغم أن المركزي الأوروبي يكتفي عادة بتقييم السياسات المعلنة فعلياً، فإن هذا الإنفاق قد يعيد إشعال التضخم، ما قد يجبر البنك على التراجع عن الخفض في 2026.
بحسب تقديرات «يو بي إس»، قد يضطر البنك إلى رفع الفائدة مجدداً بواقع 50 نقطة أساس في النصف الثاني من 2026، إذا بدأت الأسعار في الارتفاع مجدداً، ما يُنهي فجأةً حقبة التيسير.
القرار المقبل للبنك المركزي الأوروبي ليس فقط رد فعل على واقع اقتصادي هش، بل هو أيضاً محاولة لشراء الوقت في ظل عالم يزداد اضطراباً، ما بين ضغوط ترامب ووعود برلين وتراجع الأسعار، يجد المركزي نفسه في سباق دقيق بين إنقاذ النمو ومنع تفلّت التضخم مستقبلاً، والمشهد المقبل يعتمد كلياً على أرقام الربع القادم ومزاج الأسواق.
(رويترز)