في قلب التحولات العالمية المتسارعة، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج اقتصادي متقدم يجمع بين الرؤية المستقبلية والابتكار التكنولوجي. فمن خلال استراتيجيات طموحة واستثمارات ذكية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، والبنية التحتية الرقمية، استطاعت الإمارات أن ترسّخ مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
واليوم، لا تكتفي الدولة بتبني أحدث التقنيات، بل تقود مسيرة التحول الرقمي وتعيد رسم ملامح الاقتصاد الجديد، حيث تتكامل التكنولوجيا مع الاستدامة، وتُبنى السياسات على أسس الابتكار والمعرفة، في مشهد اقتصادي يضع الإنسان في صميم التنمية.
وكشف تقرير لـ«بي دبليو سي»، تناول التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط، ويتوقع أن تشهد دولة الإمارات أكبر تأثير له في الاقتصاد بنسبة تقارب 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وبواقع 96 مليار دولار خلال 2030، «وام».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
ووفقاً لتقرير مؤسسة «أوكسفورد إنسايتس» العام الماضي الذي ضم 193 دولة، تتصدر الإمارات دول المنطقة في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، مدفوعة بنتائج عالية نسبياً في الركائز الثلاث الذي شملها المؤشر، والتي تضم «الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبيانات والبنية التحتية».
الإمارات تدمج التكنولوجيا بالصحة والسلامة
اتجهت الإمارات لتعزيز مكانتها كمركز صناعي ذكي عبر الواقع الافتراضي VR بهدف تدريب العمال على التعامل مع المخاطر في بيئات محاكاة.
بالإضافة إلى التطبيقات الذكية لمتابعة الصحة النفسية والجسدية للموظفين، مثل تقليل التوتر وتحسين التوازن بين العمل والحياة، والتشريعات الداعمة وذلك لتحديث السياسات لمواكبة التكنولوجيا، مثل قانون الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.
وتُستخدم أجهزة الاستشعار لرصد الغازات السامة، في قطاع النفط الإماراتي، ما أسهم في خفض الحوادث بنسبة 30 في المئة، بحسب ما صرح به رئيس مجلس إدارة المعهد العالمي للرعاية الصحية نهيان هلال المري لـCNN الاقتصادية.
ويتم استبدال الروبوتات بالبشر في المهام ذات المخاطر العالية، مثل فحص الأنابيب في منصات النفط (كما في شركة أدنوك)، ما يقلل التعرض للإصابات.
وزارة وجامعة وسوق بمليارات الدولارات
تعتبر الإمارات هي أول دولة في العالم تنشئ وزارة مخصصة للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى جانب إنشاء الجامعات المتخصصة في المجال وعلى رأسها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تأسست لتكون مركزاً عالمياً للبحث والتطوير في هذا المجال.
ووصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات في عام 2024 إلى نحو 19.2 مليار درهم (ما يعادل 5.22 مليار دولار) ارتفاعاً من 3.47 مليار دولار في عام 2023.
ومن المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بنحو 13.6 في المئة خلال عام 2030.
ألومنيوم تحت الشمس.. قصة «سيليستيال»
تعمل شركة الإمارات العالمية الألومنيوم على تقليل بصمتها الكربونية من خلال تبني نهج متقدم في الصناعة، إدراكاً منها لأهمية مساهمة الألومنيوم في تطوير مجتمعات أكثر استدامة بدءاً من مراحل التصنيع.
ومنذ عام 2021، أصبحت أول شركة في العالم تنتج الألومنيوم باستخدام الطاقة الشمسية، ويحمل هذا المعدن الاسم الترويجي «سيليستيال»، وأنتجت حتى 2023 نحو 162 ألف طن من ألومنيوم «سيليستيال» بالطاقة الشمسية، وتعتبر أول عملاء هذا المعدن وأكبرهم.
ويعتمد حجم إنتاج الشركة الفعلي من هذا المعدن كل عام على واردات الطاقة الشمسية من شبكة كهرباء الإمارات، لذلك قامت الشركة في عام 2022 بشراء شهادات طاقة نظيفة على إنتاج نحو 80 ألف طن من ألومنيوم سيليستيال مقابل 1.1 مليون ميغاوات/ ساعة من الكهرباء التي توفرها شركة مياه وكهرباء الإمارات.
وتقوم الشركة حالياً ببناء أكبر مصنع لإعادة تدوير الألومنيوم في الدولة، بطاقة إنتاجية تبلغ عند اكتماله 170 ألف طن سنوياً، بالإضافة إلى قيامها بتشييد مصنع تجريبي لتحويل بقايا «البوكسيت» في موقعها بأبوظبي، وهي أحد أنواع النفايات الناتجة عن عملية تكرير الألومينا، إلى تربة مصنعة صالحة للزراعة.
الإمارات بوابة العالم التجارية وخامس أكبر قوة في إعادة التصدير
تعد الإمارات خامس أكبر دول العالم في إعادة التصدير، وهو القطاع الذي يسهم بنسبة 6.6 في المئة في الناتج المحلي، ويوفر نحو مليون وظيفة.
وتبلغ القيمة الإجمالية لقطاع التصدير تبلغ 614.6 مليار درهم، ونسبة مساهمته في إجمالي التجارة غير النفطية للدولة 28 في المئة العام 2022، بحسب ما قاله ثاني بن أحمد الزويدي، وزير دولة للتجارة الخارجية في دولة الإمارات.
وسجلت التجارة الخارجية لدولة الإمارات رقماً تاريخياً غير مسبوق في النصف الأول من عام 2024، إذ تجاوزت قيمتها 1.395 تريليون درهم بنمو بلغ 11.2 بالمئة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2023.
الطاقة الإماراتية في أرقام.. استثمارات أجنبية تتدفق
ارتفع إنتاج الإمارات من النفط الخام بواقع 11 ألف برميل يومياً، إذ بلغ نحو 2.943 مليون برميل يومياً في شهر أبريل 2025، بينما بلغ إنتاج شهر مارس 2.932 مليون برميل يومياً.
وكان الإنتاج لشهر فبراير 2.953 مليون برميل يومياً في فبراير شباط السابق، بينما بلغ إنتاج 2.929 مليون برميل يومياً في يناير كانون الثاني.
وقال أحمد علي الصايغ وزير دولة رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، إن قطاع النفط والغاز في أبوظبي يعد من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة إذ نجح على مدى العاميين الماضيين في جذب أكثر من 21 مليار دولار من خلال مناطق امتيازات برية وبحرية، والاستثمار في سلسلة القيمة الهيدروكربونية بأكملها.
تجارة بمليارات.. الإمارات بوابة الصين إلى الأسواق العربية
ترتبط دولة الإمارات والصين بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، إذ تعد الصين أكبر شريك تجاري للإمارات، وبالمقابل تمثل الإمارات أكبر شريك للصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما مع وجود قرابة الـ15500 شركة صينية عاملة في الأسواق الإماراتية حتى الآن، وفقاً لعبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، رئيس إنفستوبيا.
ونجحت الإمارات خلال العقود الماضية في جذب استثمارات صينية كبيرة، إذ استثمرت مئات الشركات الصينية أكثر من 6 مليارات دولار في قطاعات متنوعة مثل التجزئة والخدمات المالية والعقارات والبناء، مستفيدةً من بيئة الأعمال التنافسية التي طورتها الدولة، مثل برامج الإقامة طويلة الأجل وإتاحة التملك الأجنبي للشركات بنسبة 100 في المئة.
حلقة الوصل بين الشرق والغرب
تعد دولة الإمارات من أهم الدول التي شاركت في وضع الأسس القوية لتنفيذ مبادرة طريق الحرير، وذلك من خلال مشاركتها في تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومقره بكين في نهاية عام 2015، برأس مال مرخص 100 مليار دولار، ويركز على الاستثمارات في الطاقة وتوليد الكهرباء والمواصلات والبنية التحتية الريفية والحماية البيئية واللوجستيات.
وترتبط دولة الإمارات بعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة ومتعددة مع جمهورية الصين الشعبية التي تعد من أهم الشركاء الاستراتيجيين للدولة على المستوى العالمي، وكذلك مع الدول التي ستكون مساهمة في الممرات التجارية لطريق الحرير الذي سيربط الشرق بالغرب.
من قلب أبوظبي.. يولد أول حديد أخضر بالشرق الأوسط
أبرمت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، شراكة مع مجموعة «إمستيل»، لتطوير مشروع مبتكر للهيدروجين الأخضر بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الصلب الكثيف الاستهلاك للطاقة في الدولة.
ويعد هذا المشروع التجريبي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو حالياً في مرحلة الإنشاء، ويقع ضمن مرافق مجموعة «إمستيل» في المدينة الصناعية بأبوظبي «وام».
وقد تم تزويد المشروع بالمحللات الكهربائية للمساعدة في إنتاج الحديد الأخضر، الذي يعد منتجاً عالي الجودة تسعى شركات الصلب العالمية إلى إنتاجه بغية تحقيق أهدافها الخاصة بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
اقتصاد نابض بالمشروعات.. الإمارات تمهد الطريق لمليون شركة ناشئة
تستهدف دولة الإمارات الوصول إلى مليون شركة صغيرة ومتوسطة بحلول عام 2030، وذلك بعد وصول أعدادها 557 ألف شركة بعام 2023.
وتمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما يزيد على 94 في المئة من إجمالي عدد الشركات العاملة بالإمارات موزعة بنسبة 73 في المئة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة، 16 في المئة في قطاع الخدمات، و11 في المئة في قطاع الصناعة، بحسب وزارة الاقتصاد.
وبلغ عدد الشركات المصنفة كمشروعات صغيرة ومتوسطة في الدولة 557 ألف شركة، وتسهم بما يفوق 63.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، مع توجهات نحو تعزيز مساهمة هذا القطاع والطموحات المستقبلية بأن يصل إجمالي عدد الشركات إلى مليون شركة بحلول عام 2030.
وأجرت شركة «مينت» الشرق الأوسط، العاملة بمجال التكنولوجيا المالية الرقمية، دراسة حديثة أوضحت أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تسهم بنسبة 63.5 في المئة في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالإمارات.
وتوقعت الدراسة ارتفاع عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات إلى مليون بحلول 2030.
يشار إلى أن «اصنع في الإمارات 2025» في دورته الرابعة يعتبر محفزاً رئيسياً للنمو الصناعي، إذ يتيح للمستثمرين والشركات الصناعية منصة مثالية للانطلاق والتوسع في القطاع الصناعي الإماراتي المتنامي، وبتركيزه القوي على تسريع تنويع الاقتصاد، يفتح الحدث آفاقاً واعدة للتوسع الصناعي والابتكار وتكوين شراكات استراتيجية.