الإمارات والبرازيل وقمة البريكس.. أرقام التجارة ترسم ملامح الشراكة الاستراتيجية

الإمارات والبرازيل وقمة البريكس.. أرقام التجارة ترسم ملامح الشراكة الاستراتيجية (شترستوك)
الإمارات والبرازيل وقمة البريكس.. أرقام التجارة ترسم ملامح الشراكة الاستراتيجية
الإمارات والبرازيل وقمة البريكس.. أرقام التجارة ترسم ملامح الشراكة الاستراتيجية (شترستوك)

في مشهد يعكس قوة الحضور الإماراتي على الساحة العالمية، زار ولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان مدينة ريو دي جانيرو لحضور قمة بريكس، في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والبرازيل زخماً غير مسبوق.

تأتي الزيارة وسط أرقام لافتة ونمو متسارع في التبادل التجاري يكرّس الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ويمهد لتحولات أعمق في خريطة التعاون الاقتصادي جنوب- جنوب.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

تشير البيانات الأحدث إلى أن الإمارات باتت الشريك التجاري الأول للبرازيل في الشرق الأوسط، والثاني على مستوى القارتين الأميركيتين بعد الولايات المتحدة.

العلاقات الإماراتية البرازيلية.. شراكة تتجاوز الأرقام

وخلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 13.28 مليار درهم، مدفوعاً بارتفاع واردات الإمارات من اللحوم والذهب والسكر، وصادراتها من النفط واليوريا وقطع غيار الطائرات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لكن اللافت أن التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين تجاوزت 4 مليارات دولار عام 2022، مسجلة نمواً بنسبة 32 في المئة مقارنة بعام 2021، وهو ما يعكس تحوّلاً في نوعية التبادل التجاري، نحو سلع وخدمات ذات قيمة مضافة، وهو ما يتوافق مع أهداف التنويع الاقتصادي لكلا البلدين.

لم تكتفِ الإمارات، من جانبها، بتعزيز وارداتها وصادراتها، بل أصبحت من أكبر المستثمرين الأجانب في البرازيل، بإجمالي استثمارات يُقدّر بنحو 5 مليارات دولار.

وتبرز كيانات مثل «مبادلة»، و«موانئ دبي العالمية»، و«طيران الإمارات»، و«بنك أبوظبي الأول»، و«الياه سات»، كأذرع استثمارية إماراتية فاعلة في الاقتصاد البرازيلي.

في المقابل، هناك أكثر من 30 شركة برازيلية تنشط من داخل الإمارات، أبرزها شركة بي أر أف BRF البرازيلية لتعبئة اللحوم التي تملك مصنعاً في أبوظبي، كما تحتفظ البرازيل بمكاتب دائمة لغرفة التجارة العربية البرازيلية ووكالة أبيكس برازيل APEX-Brasil في دبي، ما يؤكد مكانة الإمارات كبوابة رئيسية للأسواق الإقليمية.

العلاقات التجارية بين الإمارات ومجموعة البريكس

اقتصادياً، تقود الإمارات توسعاً لافتاً في علاقتها مع دول البريكس،إذ تشير البيانات إلى أن صادراتها لهذه المجموعة بلغت 126.6 مليار دولار عام 2024، مقارنة بـ62.3 مليار دولار عام 2019، بنمو سنوي مركب قدره 12.5 في المئة.

أما وارداتها من دول بريكس فبلغت 145 مليار دولار عام 2024، مقابل 88.2 مليار دولار في 2019، بنمو سنوي مركب بلغ 8.6 في المئة.

التجارة غير النفطية.. هيكل أكثر تنوعاً

هذا النمو لا يقتصر على النفط، إذ أظهرت البيانات أن التجارة غير النفطية تشكل نحو 97 في المئة من صادرات الإمارات إلى دول بريكس، إذ ارتفعت من 60.3 مليار دولار عام 2019 إلى 123 مليار دولار عام 2024، بنمو سنوي مركب قدره 12.6 في المئة.

كذلك، ارتفعت الواردات غير النفطية من 81.2 مليار دولار إلى 137 مليار دولار خلال الفترة نفسها، بنمو مركب نسبته 9 في المئة.

مساهمات القطاعات الاقتصادية في التجارة الإماراتية مع دول البريكس

ومن زاوية هيكل التجارة، تصدّرت الصناعات الهندسية حجم التجارة بين الجانبين، إذ شكّلت 48.7 في المئة من واردات الإمارات من دول البريكس، و44.6 في المئة من صادراتها إليها.

شكّلت الكيماويات والصناعات الغذائية معاً أكثر من 20 في المئة من التبادل التجاري، في حين حازت مواد البناء والأدوية والتجميل على نسب معتبرة.

أما الزراعة والجلود والصناعات اليدوية، فرغم نسبتها الأقل، فإنها تعكس تنوعاً في القاعدة الإنتاجية والطلب في كلا الطرفين.

شراكة استراتيجية مدعومة بالملفات العالمية

وبينما تستعد البرازيل لاستضافة مؤتمر الأطراف 30 «COP30» العام المقبل، فإن تناغم المواقف بين أبوظبي وبرازيليا بشأن تمويل المناخ والاستدامة بات واضحاً.

فقد أيدت البرازيل إعلان الإمارات التاريخي خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون COP28، وشاركت في المبادرة العالمية للتمويل المناخي التي جمعت أكثر من 85 مليار دولار، في تجسيد لتكامل الأجندات المناخية بين رئاستي بريكس ومجموعة العشرين.

اللافت أن هذا التقارب لا يقتصر على الملفات البيئية والمالية، بل يمتد ليشمل تحديث الإدارة الحكومية، فقد أطلقت حكومتا الإمارات والبرازيل شراكة استراتيجية لتبادل المعرفة في مجالات بناء القدرات والحوكمة والتنافسية الحكومية، ما يشكل رافعة نوعية للتعاون الثنائي.

وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور المحوري لولاية ساو باولو، بوصفها القلب التجاري للبرازيل، ومركزاً لـ80 بالمئة من الشركات البرازيلية، من هنا، جاء افتتاح الإمارات قنصليتها في ساو باولو، ومكتب انفيست أس بي InvestSP في دبي، ليعكس الرغبة المتبادلة في تسهيل التدفقات الاستثمارية وتعميق العلاقات المؤسسية.

ختاماً، فإن حضور ولي عهد أبوظبي قمة بريكس في ريو دي جانيرو ليس مجرد مشاركة رمزية، بل هو تأكيد على أن الإمارات ماضية في تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع القُوى الناشئة، وفي مقدمتها البرازيل، لترسيخ مكانتها كمركز تجاري واستثماري عالمي متعدد الأبعاد.

وإجمالاً، نجحت الإمارات في بناء نموذج فريد لشراكات تجارية قائمة على التنوع والمرونة والربح المتبادل، ويبدو أن البرازيل، بصفتها قوة صاعدة ضمن البريكس ومجموعة العشرين، ستكون محوراً استراتيجياً ضمن هذه المنظومة.