أصبحت أزمة ارتفاع درجات الحرارة في أميركا واقعاً مريراً خاصة بعد فشل برامج المساعدات المحلية والفيدرالية والبنية التحتية في تجنبها، في الوقت الذي يحاول باحثو المناخ والطاقة تنفيذ بعض الحلول للتخفيف منها، وتصميم مدن أكثر برودة لمستقبل أكثر سخونة.

قال المدير التنفيذي لجمعية مديري مساعدة الطاقة الوطنية مارك وولف -جمعية تمثل برامج مساعدة الطاقة الحكومية للأميركيين ذوي الدخل المنخفض- «لا توجد خطة وطنية لمساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض، الحلول التي لدينا تستند إلى موجات حرارة منخفضة، وصيف أكثر اعتدالاً».

دعا وولف الكونغرس إلى وضع خطة تمويلية لتعديل منازل ذوي الدخل المنخفض لتبريدها، موضحاً أن هذا الأمر من شأنه أن يدفع لمعدات تكييف الهواء والعزل الموفرة للطاقة.

في ظل أزمة ارتفاع درجات الحرارة في أميركا العام الماضي، أصدرت شيكاغو قانوناً يطالب بعض المباني السكنية الجديدة والقائمة بتركيب مكيفات الهواء في المناطق العامة الداخلية، وتستكشف لوس أنجلوس متطلبات مكيف الهواء لجميع الوحدات المؤجرة.

وقال باحثون إن المدن أكثر دفئاً من المناطق المحيطة بها، وهي ظاهرة تُعرف باسم تأثير الجزر الحرارية الحضرية، ويجب تصميمها بشكل أفضل للحفاظ على برودة الناس، سيتطلب ذلك استثمارات في الأشجار الحضرية والغابات والبنية التحتية.

وهذا يعني زراعة المزيد من الأشجار وبناء هياكل الظل؛ ما يسمى الأسقف الباردة والشوارع ذات الأسطح العاكسة لخفض درجات الحرارة.

تتمتع معظم الأسر ذات الدخل المنخفض بإمكانية الوصول إلى التبريد في منازلهم، لكنهم يفتقرون إلى المال اللازم لتشغيله، ما يكلفهم في المتوسط 8.6 في المئة من دخلهم لدفع ثمن الطاقة المنزلية، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الأسر ذات الدخل المرتفع، وفقاً لوزارة الطاقة الأميركية.

وسترتفع الأسعار هذا الصيف بنسبة 11.7 في المئة إلى متوسط 578 دولاراً ارتفاعاً من 517 دولاراً في الصيف الماضي، وفقاً للرابطة الوطنية لمديري مساعدة الطاقة.

تقتل الحرارة الأميركيين كل عام أكثر من أي كارثة أخرى متعلقة بالطقس، ففي كل عام يموت أكثر من 700 شخص في المتوسط بسبب الحرارة ويُنقل أكثر من 9 آلاف شخص إلى المستشفى على المستوى الوطني بسبب الحرارة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وعلى الرغم من الاهتمام بالتدفئة فإن هناك نقصاً في الاهتمام بالتبريد، على سبيل المثال هناك البرنامج الفيدرالي لمساعدة الطاقة المنزلية ذات الدخل المنخفض الذي يقدم منحاً خاصة بالولايات لمساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض على دفع فواتير التدفئة والتبريد.

قال مارك وولف إن نحو 80 في المئة من تمويل البرنامج تستخدمه الولايات لمساعدة العائلات على دفع فواتير التدفئة، تاركاً القليل من المال المتبقي للعائلات لدفع فواتير التبريد في الصيف.

حظرت عشرون ولاية وواشنطن العاصمة بعض شركات المرافق من فصل العملاء؛ بسبب عدم الدفع أثناء درجات الحرارة الشديدة، بينما 40 ولاية لديها قواعد لمنع فصل الشركات الخدمة عن العملاء خلال فصل الشتاء.

تفاقمت أزمة ارتفاع درجات الحرارة في أميركا، إذ سجلت وزارة الصحة في نيويورك ما يقرب من 150 زيارة لغرفة الطوارئ المتعلقة بالحرارة على مدى أسبوعين في يوليو تموز، مقارنة بنحو 20 في العام الماضي.

وقال باحثون إن المدن بحاجة إلى توسيع مفهومها لمراكز التبريد لتشمل دور السينما ومراكز التسوق والمتنزهات ومراكز النقل وغيرها من المناطق ذات المواقع الملائمة، وإبقائها مفتوحة لفترة أطول.

يمكن للمدن أيضاً توفير المزيد من الظل للسكان وتصميم أسقف وشوارع باردة لحماية الناس من الحرارة الشديدة.

وتشكل الأرصفة والأسطح أكثر من 60 في المئة من الأسطح الحضرية، ويمكن أن تتطلب المدن مبانيَ وأسطحاً جديدة لتعكس أشعة الشمس بدون امتصاصها.

كما تعمل الأشجار والنباتات على مواجهة خطر ارتفاع درجات الحرارة، وقد تكون الأسطح المظللة، على سبيل المثال، أكثر برودة بنسبة 20 إلى 45 درجة من درجات حرارة الذروة للمواد غير المظللة، وذلك وفقاً لوكالة حماية البيئة.

يعتبر الغطاء النباتي أكثر فائدة كاستراتيجية لتخفيف الحرارة عندما يُزرع في مواقع استراتيجية حول المباني أو لتظليل الرصيف في مواقف السيارات وفي الشوارع.

(ناثانيال مايرسون- CNN)