لطالما كانت أنتاركتيكا قارة نائية ومعقدة، والآن تزيد حيرة العلماء بظاهرة انخفاض الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى مستويات غير مسبوقة في هذا الوقت من العام، مما صعّب على العلماء فهم كيفية استجابة القارة للتغيرات المناخية.
ويتقلص الجليد البحري في القطب الجنوبي عادةً إلى أدنى مستوياته بنهاية فصل الصيف في القارة في فبراير شباط، ثم يتراكم الجليد البحري مرة أخرى خلال الشتاء.
لكن لاحظ العلماء شيئاً مختلفاً هذا العام، إذ لم يعد الجليد البحري إلى المستويات المتوقعة في فصل الشتاء، بل وصل إلى أدنى مستوياته لهذا الوقت من العام، منذ أن بدأت السجلات قبل 45 عاماً.
وانخفض الجليد بنحو 1.6 مليون كيلومتر مربع (0.6 مليون ميل مربع)، ليكسر أدنى مستوياته المسجلة في عام 2022، وفقاً لبيانات من المركز الوطني لبيانات الجليد والثلوج.
وفي منتصف يوليو تموز، هبط الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية بنحو 2.6 مليون كيلومتر مربع (مليون ميل مربع)، وهي مساحة كبيرة (تقريباً مثل الأرجنتين).
وصف بعض العلماء هذه الظاهرة بأنها استثنائية، وأنها أمر نادر جداً، والاحتمالات هي أنها تحدث مرة واحدة فقط في ملايين السنين، لكن تيد سكامبوس، عالم الجليد في جامعة كولورادو بولدر، ذكر أن التحدث عن هذه الاحتمالات قد لا يكون مفيداً في الوقت الحالي.
وقال لشبكة «CNN»، «تغيرت اللعبة.. لا معنى للحديث عن احتمالات حدوث ذلك بالطريقة التي اعتادها النظام، الظاهرة تخبرنا بوضوح أن النظام قد تغير».
العلماء يبحثون عن السبب
يقول العديد من العلماء إن تغير المناخ قد يكون محركاً رئيسياً لاختفاء الجليد، وأوضح سكامبوس أن عدة عوامل تؤدي إلى فقدان الجليد البحري، بما في ذلك قوة الرياح الغربية حول القارة القطبية الجنوبية، والتي ارتبطت بزيادة حرارة الكوكب.
وفي أواخر فبراير شباط من هذا العام، وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى أدنى مستوياته منذ 45 عاماً، إذ بلغ 691 ألف ميل مربع، وقد يشير هذا الشتاء غير المسبوق إلى تغيير طويل الأمد للقارة المعزولة.
ماذا لو ذابت القارة المتجمدة؟
يلعب الجليد البحري دوراً حيوياً في استقرار النظام البيئي، وفي حين أنه لا يؤثر على نحو مباشر على ارتفاع مستوى سطح البحر، إذ إنه يطفو بالفعل في المحيط، إلّا أن له تأثيرات غير مباشرة.
وقد يتسبب اختفاء جليد القارة المتجمدة في تعرض الصفائح الجليدية الساحلية والأنهار الجليدية للأمواج القوية ومياه المحيطات الدافئة، ما يجعلها أكثر عرضة للذوبان والانفجار.
ويمكن أن يكون لنقص الجليد البحري أيضاً تأثيرات كبيرة على الحياة البرية، بما في ذلك الكريل الذي تتغذى عليه العديد من حيتان المنطقة، وطيور البطريق والفقمة التي تعتمد على الجليد البحري للتغذية والراحة.
كما يسهم الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية في تنظيم درجة حرارة الكوكب، ما يعني أن اختفاءه قد يكون له آثار متتالية تتجاوز القارة.
وفي العام الماضي، قال العلماء إن نهر ثويتس الجليدي الواسع في غرب أنتاركتيكا كان على وشك الذوبان مع ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقدّر العلماء أن مستوى سطح البحر العالمي قد يرتفع بنحو عشر أقدام أو ثلاثة أمتار إذا انهار ثويتس بالكامل، مما قد يسفر عنه تدمير المجتمعات الساحلية في جميع أنحاء العالم.
(صوفي تانو- CNN).