أصبحت القطارات الليلية في أوروبا رهاناً رابحاً، إذ باتت تجذب ملايين المسافرين، بسبب الطوارئ البيئية، لكنها تواجه العديد من المشكلات في الوقت ذاته.
تتعرض القطارات الليلية في أوروبا لتداعيات قلة الاستثمار والإهمال التي شهدته على مر السنوات، ففي وقت كان هناك عدد من الدول التي تقلّص قدراتها التشغيلية بفعل منافسة الرحلات الجوية منخفضة التكلفة، والقطارات عالية السرعة، اتخذت النمسا التي تتمتع بموقع مثالي في قلب أوروبا الخيار المعاكس.
توفر القطارات الليلية حلاً للمشكلات البيئية، فهي معروفة ببصمتها الكربونية المنخفضة، وفي فيينا مثلاً، فإن الكثير من مواطنيها يفضلون القطار الليلي؛ بسبب قلقهم من التلوث الذي تسببه الطائرات.
كما تعمل شركة «أو بي بي» على توفير 20 وجهة للقطارات الليلية، واحتذبت بها العديد من الشركات الوطنية الأخرى في تسيير رحلات تربط مدن أوروبية ببعضها البعض.
ووفقاً لوكالة «إيه إف بي»، فإن الناطق باسم «أو بي بي» برنارد ريدر، قال إن «الشركة العامة ترددت في الاستثمار في هذا المجال عندما لاحظت التراجع الذي تشهده نقاط أخرى في أوروبا الغربية، لكنّها مضت قدماً عام 2018 في هذه الخطوة التي تستند فيها إلى تاريخ عريق».
واتضح أن هذا الاستثمار الذي خصصت له الشركة مئات الملايين من اليوروهات رهان رابح، إذ أسهمت الطوارئ البيئية في تعزيز شعبية القطارات الليلية، وجذبت نحو مليون ونصف مليون مسافر سنوياً.
وفي فرنسا، أعادت شركة «إس إن سي إف» العمل برحلاتها الليلية عام 2021، على أن يبلغ عدد خطوطها عشرة عام 2030، ومنها الخط الواصل بين باريس وبرلين بحلول أواخر العام الجاري.
عربات القطار
تواجه القطارات الليلية في أوروبا مشكلة تتمثل في عربات القطارات نفسها، وأن شبكة السكك الحديد غالباً ما تتعطل ليلاً بسبب الأشغال وحركة قطارات الشحن، ما يتسبب في تأخير مواعيد الرحلات.
من جهتها، أوصت شركة «أو بي بي» على طلبية تضم 33 قطاراً جديداً، واعدة بتصميم حديث ودش للاستحمام في كل مقصورة، لكن التسليم تأخر لأن المصنعين اضطروا للبدء من الصفر بعد أكثر من 25 عاماً من الندرة.
واعتباراً من ديسمبر كانون الأول المقبل، توضع في الخدمة تدريجياً العربات الجديدة التي صممتها شركة «سيمنز»، وتوفر كل أسباب الراحة.
بدوره، قال كريس إنغلسمان، المؤسس المشارك لشركة «يوروبيانز سليبر» البلجيكية الهولندية التي دشنت خطاً بين برلين وبروكسل في مايو أيار، إن عربات السكك الحديد المتقادمة هي المشكلة الرئيسية، موضحاً أن «المعايير الحديثة لا تتوافر في القطار، لدينا في بعض الأحيان أعطال أو مراحيض غبر قابلة للاستخدام أو مشكلات كهربائية».
كما فضّلت شركة «ميدنايت ترينز» الفرنسية الناشئة إقامة شراكة مع شركة مصنّعة للبدء بمعدات جديدة، بهدف إعادة إطلاق خط يصل بين باريس وميلانو والبندقية الشهير في 2025.
منافسة غير عادلة
في الوقت الراهن، أصبح من الصعب منافسة الأسعار المنخفضة جداً لبعض الرحلات الجوية، بحسب تقرير أصدرته أخيراً منظمة «غرينبيس» غير الحكومية، بينما يستفيد القطاع من الإعانات والإعفاءات الضريبية، لا سيما على الكيروسين.
بدوره، يخضع قطاع النقل بالسكك الحديد لمختلف الضرائب والرسوم، خصوصاً لجهة استخدام البنى التحتية، وفقاً لما قاله فيليب كوسوك من مركز الأبحاث الألماني «أغورا».